رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
طرق معاملة الله مع أولاده هُوَذَا اللهُ عَزِيزٌ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَرْذُلُ أَحَدًا. عَزِيزُ قُدْرَةِ الْقَلْبِ [5]. الله قدير من جهة القوة والحكمة؛ ليس من أحد مهما كان قدره يحتقره الله، يطلب الكل ويهتم بالجميع، ليحقق لكل شخصٍ العدالة، ولا يتركه مظلومًا. يؤكد أليهو ما سبق فأعلنه (أي 35: 14). عمل السيد المسيح القدير أن يسند الضعفاء ويهبهم القوة، ولا يستخف بالأقوياء. فإن الرب لا يطرد الأقوياء، لأنه هو نفسه القدير. إنما إن طرح طالبي المجد الذاتي، إنما ليهبهم نعمة التواضع، فينالون من فيض قدرته وقوته، مترنمين: "لأن ياه يهوه قوتي وترنيمتي، وقد صار لي خلاصًا". (إش 2:12) يريد الله القدير أن يرى في أولاده روح القيادة والقدرة، فهو لا يرذل الأعزاء أصحاب السلطة. وقد أدرك الرسول بولس المتواضع هذا، فيقول بكل يقين: "أبعصا آتي إليكم، أم بالمحبة وروح الوداعة" 1كو 4: 21). * القائد (الحاكم) يرغب بالحق أن يتمثل بالله إن كان يدير قوته السامية بهدف نفع الآخرين. البابا غريغوريوس (الكبير) لاَ يُحْيِي الشِّرِّيرَ، بَلْ يُجْرِي قَضَاءَ الْبَائِسِينَ [6]. يظن الأشرار أنهم يحيون باغتصاب حقوق الآخرين والتمتع بالملذات، والسخرية بالأبرار، لكنهم في الحقيقة لا يحيون، إذ يحل بهم الموت الأبدي، أما الأبرار المتواضعون وإن بدت حياتهم مرّة بسبب الضيقات، فحتمًا سيتمتعون بالعدالة الإلهية. يقصد بالبائسين هنا المساكين والضعفاء الذين يظنون أنه ليس من أحدٍ يسندهم ويدافع عنهم ضد الأغنياء وأصحاب السلاطين، فإن الله نفسه يقضي لهم، ويرد لهم حقوقهم. * "لكنه لا يخلص الشرير، ويجري قضاء للمساكين" [6]. غالبًا ما يميل الكتاب المقدس إلى دعوة المتواضعين "المساكين". وقد أشير إليهم في الإنجيل هكذا مع إضافة: "بالروح" حيث قيل: "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات" (مت 5: 3)... يهلك الله المتكبرين، ويحرر المتواضعين بقضائه. أو يقضي للمساكين، لأنهم يُظلمون بطريقة شريرة الآن، ويأتون فيما بعد قضاة على ظالميهم. البابا غريغوريوس (الكبير) لاَ يُحَوِّلُ عَيْنَيْهِ عَنِ الْبَارِّ، بَلْ مَعَ الْمُلُوكِ يُجْلِسُهُمْ عَلَى الْكُرْسِيِّ، أَبَدًا فَيَرْتَفِعُونَ [7]. لا تفارق عينا الرب الأبرار، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، في مراكز عالية أو منحطة. إنهم كالكنز الثمين في عيني الله، قد يسمح لهم بالتجارب لكنه لن ينساهم، ولن يتجاهلهم. إنهم يتمتعون بنوعٍ من الكرامة والسلطة، ويحُسبون ملوكًا بينما يتطلع العالم إليهم كمن هم محتقرين ومرذولين وبلا كرامة. يهبهم الله سلطانًا في هذا العالم، كما يثبتهم إلى الأبد في سلامٍ سماويٍ فائقٍ. إنه لا يترك الأتقياء (1 بط 3: 12)، بل يكرّمهم (1 صم 2: 8؛ مز 113: 7-8). ينالون كرامة جزئية هنا (1 بط 2: 9؛ 1: 6)، وكرامة كاملة في الدهر الآتي (رؤ 5: 10؛ أي 22: 5). * يُظن أحيانًا أن الله يسحب عينيه عن الأبرار لأنهم يُجرحون هنا بظلم الأشرار دون الانتقام منهم. إنه يحلّ عبيده بالأكثر عندما يحل بهم ظلم مضطهدهم. إذ يراهم يحتملون في تواضع. يتطلع بلا شك إلى المكافأة التي سيهبهم إياها هناك. بهذا لا يحّول عينيه عن الأبرار. أنظر كيف أن الواحد يئن في تواضعه، والآخر يتشامخ ويزدهر في شره. واحد يُخدش قلبه، والآخر يفتخر بكبرياء في شره. أيهما تحوٌل عينا الله بالأكثر عنه: من يعاني من الظلم أم من يسقط الظلم عليه ممن يضطهدهم...؟ بلياقة يُدعى القديسون ملوكًا في لغة الكتاب المقدس، إذ يرتفعون فوق العواطف الجسدية ويضبطون ملذات الشهوة، ويلطفون من لهيب الطمع، ويحنون تشامخ الكبرياء، ويسحقون اقتراحات الحسد، ويطفئون نار الهوى. إنهم ملوك لأنهم يتعلمون ألا يستسلموا لانفعالات التجارب بقبولها، بل يسيطرون عليها... إنهم يوُضعون إلى الأبد على عرش ملكوت المجد الأبدي، ويتقبلون سلطان إدانة الآخرين... هكذا يقول الرب لكنيسة لاودكيا: "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي، كما غلبت أنا أيضًا وجلست مع أبي في عرشه" (رؤ 3: 21)... إنه ليس بالأمر المتضارب أن يعلن في موضع آخر أن تلاميذه سيأتون على اثنى عشر عرشًا (مت 19: 28)، ويقول هنا إنهم يجلسون على عرشه. يوضح بالاثني عشر عرشًا الدينونة العامة، وبعرش الابن يظهر السمو الخاص للسلطان القضائي. البابا غريغوريوس (الكبير) إِنْ أُوثِقُوا بِالْقُيُودِ، إِنْ أُخِذُوا فِي حِبَالِ الذُّلِّ [8]. يصحح أليهو مفاهيم أصدقاء أيوب، فيقول إنه وإن أُلقي الأبرار في سجنٍ، وتعرضوا لمحاكمات ومضايقات قاسية، وإن قيدوا في سلاسل، وصار كمن ألُقوا على سرير الألم، وسُحقوا بنكبات ثقيلة، تبقى عينا الرب عليهم. فلا يُنظر إلى ما صاروا إليه كبرهانٍ أنهم كانوا مرائين، أو أن الله لا يبالي بهم. فإن لله خطة حكيمة بخصوص تأديب البشرية تنتهي بسعادة من يقبلون التأديب ومجدهم في الوقت المناسب. * قيود العبودية هي الاحتجاز في الرحلة الحاضرة. رأى بولس أنه مقيد بهذه القيود عندما قال: "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح" (في 1: 23). لقد أدرك أنه كان مقيدًا برباطات الفقر، متطلعًا إلى الغنى الحقيقي، طالبًا ذلك لتلاميذه أيضًا: "لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين" (أف 1: 18)... عندما نتعلم بالحب الكثير عن المجد السماوي، فإننا نشعر بثقل أكثر عندما نرتكب الخطايا. البابا غريغوريوس (الكبير) فَيُظْهِرُ لَهُمْ أَفْعَالَهُمْ وَمَعَاصِيَهُمْ، لأَنَّهُمْ تَجَبَّرُوا [9]. أظهر لهم حياتهم وأعمالهم الشريرة، وذلك بأن أرسل إليهم رسلًا أو أنبياء يعلنون لهم عن حالهم الشرير (أي 33: 23)، أو خلال تأملاتهم الهادئة ومراجعتهم لأنفسهم (أي 33: 27)، أو بعمل الروح القدس الذي يكشف لهم عن حياتهم. غاية أحزانهم وضيقاتهم -كما يقول أليهو- أن يجدوا الفرصة لاكتشاف حياتهم وإصلاح نقائصهم. يظهر لهم أيضًا كيف صارت معاصيهم عظيمة وخطيرة. فقد ظنوا أنهم أقوياء وعظماء، عوض أن يتكلوا على الله الحيّ، لهذا لا يسندهم عندما تحل بهم الضيقات. وَيَفْتَحُ آذَانَهُمْ لِلإِنْذَارِ، وَيَأْمُرُ بِأَنْ يَرْجِعُوا عَنِ الإِثْمِ [10]. بقوله "يفتح آذانهم" يعني أنه يهبهم فهمًا أو يعلمهم أو يهبهم الرغبة في التعلم ليدركوا السبب الذي لأجله يؤدبون، ويأمرهم أن يعودوا من تلك الشرور التي جعلته يفتقدهم بالأحزان والضيقات. إِنْ سَمِعُوا وَأَطَاعُوا، قَضُوا أَيَّامَهُمْ بِالْخَيْرِ، وَسِنِيهِمْ بِالنِّعَمِ [11]. إن سمعوا لصوته وعبدوه كما يليق، يقضون حياتهم في نجاحٍ وتمتلئ حياتهم بالسرور. بمعنى آخر إن أثمرت الضيقات توبة عن خطاياهم، وطلبوا مراحم الله وعبدوه، فإنهم يحيون في رخاءٍ. وكأن غاية الضيقات ليس تحطيمهم، وإنما رجوعهم إلى لله، لينعموا ببركاته ومراحمه، ويتمتعوا بالسعادة الحقيقية. كأن أليهو يطالب أيوب ألاَّ يركز أنظاره على اتهامات أصدقائه فتتحطم نفسيته، وفي نفس الوقت لا يظن أن الله عنيف وقاسي، ولا يبرر ذاته أمام الله، بل يطلب التوبة، فينعم بالسعادة التي فقدها. * يقصد "بالخير" السلوك المستقيم، أما "بالمجد" (بالنعم)، فيقصد المكافأة السمائية. الذين يتعلمون طاعة الوصايا الإلهية يقضون أيامهم بالخير، وسنيهم بالمجد. البابا غريغوريوس (الكبير) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا، فَبِحَرْبَةِ الْمَوْتِ يَزُولُونَ، وَيَمُوتُونَ بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ [12]. أما إن تصلف الإنسان وتذمر على الله بسبب الضيقات، تضربه حربة الموت أو سيف الموت فيهلك، ويموت لا بسبب الضيقات، وإنما بسبب عدم المعرفة، أو بسبب غباوتهم. تذمر الإنسان على الضيقات عوض توبته، لا يرفعها عنه، بل يجعلها تزداد ثقلًا فيتحطم بتذمره. لا يسحب الله يده التي تبدو ثقيلة بالتجارب القاسية حتى يرجع الإنسان إليه، ويكف عن التذمر والشكوى. عادة يبدأ الله بالتأديبات الخفيفة، فإن أثمرت توبة يرفعها، وإن تقسى قلب الإنسان بالتذمر على الله اشتدت التجربة وتزايدت حتى يدرك ضعفه ويعود بالحكمة إلى الله. * يوجد البعض لا تردهم حتى العذابات عن عادتهم الفاسدة. يقول النبي عنهم: "ضربتهم فلم يتوجعوا، عاقبتهم وأبوا قبول التأديب" (إر 5: 3). قيل عنهم تحت رمز بابل: "داوينا بابل فلم تُشفَ" (إر 51: 9). وأيضًا: "اقتل وأبيد شعبي، لم يرجعوا عن طرقهم" (راجع إر 15: 7). هؤلاء يصيرون إلى حالٍ أردأ بمعاقبتهم، لأنه إذ يحلّ بهم الألم إما يزدادون قسوة في عنادهم، أو ما هو أردأ أنهم يندفعون نحو التجديف في سخطٍ. البابا غريغوريوس (الكبير) أَمَّا فُجَّارُ الْقَلْبِ، فَيَذْخَرُونَ غَضَبًا. لاَ يَسْتَغِيثُونَ إِذَا هُوَ قَيَّدَهُمْ [13]. يدعو أليهو المتذمرين على الله بالفجار في قلوبهم، أي الأشرار؛ هؤلاء عوض رفع غضب الله عنهم بالتوبة يجمعون بالأكثر غضبه. ومع أن الله في محبته يسمح بأن يقيدهم بالضيقات حتى يصرخوا إليه بروح التواضع، إلاَّ أنهم في عنادهم لا يلجأون إليه ولا يتواضعون قدامه. بالضيقات يدعوهم الله ليقبلوا صداقته، ويتعرفوا على أسراره، ويدخلوا معه في حوار لائق، لكن من يتشامخ يدخل في عداوة مع الله، ويحكم على نفسه بالهلاك. يقصد بالفجار هنا فئة من الأشرار يمارسون الشر في تحدٍ مع الله وعنادٍ ظاهرٍ، فيجمعون لهم غضب الله (رو 2: 5). يرى البعض مثل Umbreit أن المقصود هنا ليس غضب الله، إنما يجمع الفجار الغضب ضد الله، فعوض الصراخ إليه يثورون ضده علانية. إذ يتحدث هنا عن المرائين فإنهم بريائهم ليس فقط يستحقون السقوط تحت غضب الله الذي يمقت الشر، وإنما بمحاولة الاختفاء تحت ستار البرّ الذاتي، وخداعهم للبشر بأنهم أبرار، يثيرون سخط الله، إذ هم يمارسون الشر عن معرفة، ويضيفون إلى الشر الخداع، وهي سمة عدو الخير المخادع. مثل هؤلاء المرائين يسقطون تحت تأديبات لعلهم يرجعون عن شرورهم، لكن غالبًا ما لا يبالون بالتأديبات مهما بلغت شدتها، كما لا يبالون بالعقوبة الأبدية، فلا يصرخون إلى الله كي يرجعوا إليه ويتركوا رياءهم. إنما كل ما يشغلهم هو تثبيت نظرة الناس نحوهم أنهم أبرار. يمكننا أن نقسم البشر إلى ثلاث فئات: 1. فئة الأشرار الذين يصرون على الشر، ولا يخجلون من شرورهم، مهما حلت بهم التأديبات. 2. فئة المرائين الذين كل ما يشغلهم نظرة الناس إليهم، فيخفون شرورهم ولا يعترفون بها حتى وهم تحت التأديب. 3. فئة المؤمنين الحقيقيين الذين يعترفون بأنهم خطاة، ويؤمنون بالله غافر الخطية، هؤلاء يدفعهم التأديب إلى النمو الروحي عربون المجد الأبدي. * "أما المراءون والمخادعون فيثيرون غضب الله" [13] من كان مرائيًا يرتبك بملاحظة نقطتين على الدوام: أن يتعلم بحيث أن يخفى الحقيقة التي هو عليها، وأن يستعرض ما هو ليس عليه، يطمس أخطاءه الحقيقية ويظهر صلاحًا غير حقيقي... عندما يشير إلى المرائين والمخادعين يضيف بلياقة شديدة لا أنهم مستحقون غضب الله وإنما يثيرونه لأن من يخطئ بجهالة يستحق غضب الله، أما من يقاوم وصاياه عمدًا وهو يعرف ما هو صالح ويستهين به مع قدرته أن يفعل الصلاح ولا يريد ذلك فهو يثير سخط الله... "لا يصرخون عندما يقيدون" [13]. كل إنسانٍ شريرٍ لا يطلب أن يظهر مقدسًا عندما يحل به التأديب القاسي لا يخجل من أن يعترف بأنه شرير. أما الشرير الذي تستوقفه أحكام الإنسان بإظهار قداسة حتى عندما يُضرب بالعصا، يمتنع عن إظهار شره لأنه اعتاد أن يظهر قديسًا... لكننا نحن نكون "مقيدين" عندما تحضرنا ضربات العصا. إننا نستغيث بصوتٍ عالٍ عندما نُقيد، كلما اعترفنا بخطايانا، عندما نكون تحت الضربات. عندما تسقط ضربات التأديب على المرائين لا تحضرهم إلى اعتراف أمين. إنهم يخشون من أن يُفضحوا كخطاةٍ، إذا نظر الناس. حينما يُضربون الآن إلى النهاية ومع إدراكهم أنهم منقادون إلى عقوبة أبدية لكنهم لا يزالون يريدون أن يبقوا في نظر الناس كما هم، إذ تعلموا أن يستعرضوا أنفسهم. البابا غريغوريوس (الكبير) * الكل يرى اللص "الرياء" يحمل كل شيء أمام عينيّه ويبتهج بذلك! يا لها من لصوصيّة جديدة من نوعها، تجتذب الناس وتبهجهم بينما هم يُسلبون!* قد يوجد من يقدّم صدقته قدام الناس لكنّه يتحاشى التظاهر بها، ويوجد أيضًا من لا يقدّمها قدام الناس لكنّه يتباهى بها سرًا. فالله لا يجازي عن الصداقة بحسب صنعها إن كانت أمام الناس أم لا، بل بحسب نيّة فاعلها القديس يوحنا الذهبي الفم * لقد اعتادوا أن يسيروا مرتدين ثيابًا مكرمة لكي ينالوا تكريمًا عظيمًا بسببها، ويتبعون نفس الأمر في أشياء كثيرة تقودهم للمجد الزمني. الأب ثيؤفلاكتيوس يَمُوتُون فِي الصِّبَا، وَحَيَاتُهُمْ بَيْنَ الْمَأْبُونِينَ [14]. هذا ما يقوله المرتل في المزمور (مز 55: 2). الترجمة الحرفية: "سيموتون في صبا نفوسهم"، قد يعيشون للشيخوخة حسب الجسد، لكن نفوسهم تُحسب غير ناضجة؛ قضوا أغلب عمرهم بلا نمو روحي ولا نفع لأنفسهم أو لإخوتهم؛ سنواتهم تحسب كيومٍ واحد (مز90: 4)، أو كساعات قليلة. "حياتهم بين الدنسين"، بين الزناة والفاسقين والفجَّار. جاءت الكلمة المترجمة "المأبونين" لتعني الذين تكرست حياتهم للعبادة الوثنية لممارسة العلاقات الجسدية الخاطئة. وجاءت في الترجمة السبعينية: "حياتهم تُجرح بواسطة الملائكة". إنهم يُحسبون كأهل سدوم وعمورة، لا يُقدم بعد لهم حنو أو رحمة، لأنه كان ينبغي عليهم أن يشهدوا للبرّ الحقيقي، يمارسونه ويكرزون به، لكنهم كرسوا حياتهم للفساد. * "تموت نفسهم في عاصفة، وحياتهم بين المخنثين" [14]... اعتادت أنفسهم على المديح البشري في هدوء مهلك، لكنها تموت في عاصفة مفاجئة... فإن مديح البشر يعذب الأبرار، بينما يجعل الأشرار في زهوٍ. يتعذب الأبرار (من مديح البشر لهم) فيتنقون، بينما ابتهاج الأشرار(بمديح البشر لهم) يؤهلهم للعقاب الأبدي. إذ لا يطلبون مجد خالقهم، يبتهجون بمديحهم، أما الذين يطلبون مجد خالقهم، فيتعذبون من مديح الناس لهم، لئلا ما يقولونه عن الخارج لا يكون له وجود في الداخل. ولئلا ما يُقال حتى وإن وُجد في الداخل يصير باطلًا في عيني الله بسبب هذه الكرامات ذاتها. ولئلا يسحب مديح الناس قلوبهم عن الحزم، وينحدر بها إلى الشعور بالاكتفاء. أما إذا رأوا أن مديحم يقود إلى مجد الله، فيشتاقون إليه ويرحبون به. لقد كُتب: "لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات" (مت 5: 16)... المتشامخون يكرسون قلوبهم المخنثة للمديح البشري، لأنهم يفسدون بحب الأنا. قيل عن هؤلاء في موضع آخر: "لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم"(2تي 3: 2).. البابا غريغوريوس (الكبير) يُنَجِّي الْبَائِسَ فِي ذُلِّهِ، وَيَفْتَحُ آذَانَهُمْ فِي الضِّيقِ [15]. كلمة "البائس" هنا لا تعني مجرد الفقير، إنما المتألم والمُجرب كما أوضح أليهو. الذين يقدمون توبة ويرجعون إلى الله ينقذهم الله من تجاربهم، ويردهم إلى حياتهم قبل حلول التجارب. "يفتح آذانهم"، واهبًا إياهم فهمًا لتدبيره الإلهي. هذه المبدأ يشغل ذهن أليهو، كرره عدة مرات. * المسكين يخلص من ذله عندما يتحرر الإنسان المتواضع من متاعب هذه الرحلة. إذ هو تحت الضغط في تجارب مستمرة لكي يشتاق إلى طلب فرح التعزية الحقيقية. لذلك جاء بعد ذلك: "ويفتح أذنيه في الضيق"... تفتح الضيقة أذني القلب اللتين أغلقهما رخاء هذا العالم. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يطمئن الله أولاده بأنه ملك على شعبه وقلوب أولاده |
أيوب | عظمة الله بإظهار عنايته في معاملة الناس |
أيوب، لن ييأس إبليس من مقاومة الله في أولاده |
عاملني معاملة خاصة يا الله |
محبة الله في معاملة العبيد |