رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قيامة المسيح أولاً: رموز قيامة المسيح في العهد القديم «قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ» (1كو15: 4) (3) ترديد حزمة الباكورة أمام الرب في غد السبت الذي يلي الفصح (لا23: 11) كان الرب قد أمر بني إسرائيل أن يردِّدوا أمامه أول حزمة من باكورات غلاتهم في غد السبت، ليذكروا أنه صاحب الفضل عليهم. والحنطة كما نعلم كانت رمزًا إلى المسيح؛ فقد شبّه الرب نفسه بحبة الحنطة التي تقع في الأرض وتموت لكي تأتي بثمر كثير (يو12: 24). ومن ثم فترديد حزمة الباكورة أمام الرب في غد السبت (أو بالحري في يوم الأحد؛ اليوم الأول من الأسبوع)، رمز واضح إلى قيامة المسيح من الأموات منتصرًا ظافرًا «وَبَعْدَ السَّبْتِ عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ» (مت28: 1)، بعدما أكمل عمل الفداء العجيب. ومما يؤيد إشارة هذا الرمز إلى قيامة المسيح: أولاً: أن السبت الذي كان يقع بعده هذا الأحد، كان سبت أسبوع الفصح (لا23: 4-22)، والمسيح - كما يتضح من يوحنا18: 28؛ 20: 1 – مات في أثناء هذا الفصح، وقام من الأموات في أول الأسبوع التالي له، أو بالحري في غد السبت المذكور. ثانيًا: حزمة الباكورة كانت عربونًا للحصاد الكثير المجيد الذي سوف يأتي من حبة الحنطة التي ماتت بعدما زُرعت في الحقل ، والحقل هو العالم (قارن خر23: 6 مع مت13: 38) «وَلَكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ ... الْمَسِيحُ بَاكُورَةٌ ثُمَّ الَّذِينَ لِلْمَسِيحِ فِي مَجِيئِهِ» (1كو15: 20، 23) . فقيامة المسيح هي الضمان لقيامة شعبه، عند مجيئه في الهواء «الأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً» (1تس4: 16)، ثم قبيل ظهوره للأرض سيقوم باقي الذين ستشملهم "القيامة الأولى" (رؤ20: 4-6) ، لأنه «إِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ» (رو8: 11). فقيامة مؤمني الكنيسة تطابق قيامة المسيح في المبدأ، فالجسد يقوم «من الأموات» كما الرأس أيضًا. وهذا ما يُشار إليه بباكورة الحصيد التي تتبعها بقية الحزم طبعًا. والمسيح هو الباكورة المقدسة لكل الحصيد الوفير الذي سيأتي، ولا بد أن تكون كل حبات الحنطة مثل الحبة الأولى التي وقعت في الأرض وماتت، وسنكون كلنا مثله تمامًا عندما نراه كما هو (1يو3: 2)، وسنتغير جميعًا لنكون على صورة جسد مجده (في3: 21). ويا له من فرح مجيد سيكون للمسيح الذي ذهب ذهابًا بالبكاء، حينما يجيء بقديسيه معه إلى بيت الآب، بالترنم حاملاً حزمه (مز126: 6). ثالثًا: ترديد حزمة الباكورة كان واحدًا من الأعياد أو مواسم الرب ومحافله المقدسة التي يجتمع فيها الرب مع شعبه في أوقات محددة من السنة. وفي لاويين 23 نجد قائمة الأعياد المرتبة. ويوم الباكورة كان هو العيد الثالث (لا23: 9-14). وكان في غاية المناسبة أن يأتي هذا العيد ثالث الأعياد لأن رقم 3 هو رقم القيامة. فمن ضمن الستة الأيام التي كانت بمثابة صياغة جديدة لخليقة سقطت وخرّبت (تك1) ، يتكلم اليوم الثالث للقلب المسيحي عن القيامة؛ ففي هذا اليوم دعا الله اليابسة للظهور، فخرجت الأرض من عمق المياه التي كانت مقبورة فيها، وبدأ ظهور الثمار التي من نفس نوع البذار «فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً ... وَشَجَراً يَعْمَلُ (يُثمر) ثَمَراً بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ» (تك1: 9-13). ولقد أُقيم من الأموات في العهد القديم ثلاثة أشخاص (1مل17: 22؛ 2مل4: 35؛ 13: 21)، كما أن الأناجيل تُشير إلى ثلاثة أشخاص أقامهم المسيح من الأموات ضمن معجزاته العديدة التي عملها لما كان هنا بالجسد (مت9: 18-26؛ لو7: 11-17؛ يو11: 1-44). وإسحاق قام من الأموات – في مثال – في اليوم الثالث (تك22: 4، 13)، كما مكث يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالِ (يون1: 17؛ 2: 10)، وبعدها خرج إلى الحياة من جديد. لكن أهم من كل هذا أن الرب يسوع قام من الأموات في اليوم الثالث (1كو15: 4). رابعًا: عيد الباكورة خلافًا للعيدين الذين يسبقاه (الفصح والفطير) لم يكن ممكنًا أن يُعمل في مصر أو في البرية، فما كان مُمكنًا أن يُمارس إلا في أرض كنعان «مَتَى جِئْتُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ وَحَصَدْتُمْ حَصِيدَهَا تَأْتُونَ بِحُزْمَةِ أَوَّلِ حَصِيدِكُمْ إِلَى الْكَاهِنِ» (لا23: 10). لقد كان أهم شيء أمام الشعب، وهم في مصر، الخروج من أرض العبودية بعبور البحر الأحمر. وهم بعد أن اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر (1كو10: 1، 2)، دخلوا إلى أرض الموت (البرية)، ثم كان عليهم بعد ذلك أن يعبروا نهر الأردن ليصلوا إلى أرض "الأحياء" – أي أرض كنعان. ولقد كان عبور الشعب نهر الأردن «في أَيَّامِ الْحَصَادِ» (يش3: 15)، وبعده وصلوا إلى اليابسة (يش4: 18)، وفي هذا وذاك (الحصاد والأرض اليابسة) نرى فكرة القيامة. وهذا نفس ما حدث معنا روحيًا؛ فلقد اتحدنا مع المسيح بشبه موته، عندما دُفنا معه للموت (رو6: 3-5) وهو ما كان يُشير إليه البحر الأحمر. كما اتحدنا معه بقيامته، وهو ما نراه في عبور نهر الأردن. وبما أننا مُقامون مع المسيح فقد دخلنا دائرة البركات الروحية وهي ما كانت كنعان ترمز إليه (كو3: 1، 2). ولقد فتحت أمامنا قيامة المسيح من بين الأموات الطريق إلى ميراثنا السماوي المجيد الذي هو خارج نطاق قوة الموت «مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ» (1بط1: 3، 4). هذا هو ميراثنا الحقيقي، وهذه هي دائرة بركاتنا الروحية، وهو نفسه ما يذكره الرسول بولس في أفسس1، 2. حقًا ما أكثر البركات التي لنا في أرض القيامة هذه! لقد بوركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح، لكن على رأس تلك الخيرات والبركات؛ لنا المسيح المُقام من الأموات نفسه. خامسًا: وتقدمة حزمة أول الحصيد هي التقدمة الوحيدة التي كانت تُقدَّم إلى الله مباشرة دون سابق إعداد. فما كان الإسرائيلي طبعًا يستطيع أن يحصد يوم السبت، ثم كان يأتي أول الأسبوع؛ أي غد السبت التالي للفصح، فكان الفلاح يُبكر في الصباح ليأتي بحزمة أول الحصيد إلى الكاهن، والكاهن بدوره يرددها أمام الرب للرضا عنهم. أي أن هذه التقدمة كانت تأتي مباشرة من الحقل إلى محضر الرب. وهي من هذه الناحية تُعتبر صورة للمسيح الذي قام باكرًا، وقام مُمجَّدًا، إتمامًا لقوله قبل أن يذهب للصليب «ﭐلآنَ تَمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَانِ وَتَمَجَّدَ اللَّهُ فِيهِ (وهذا المجد تم في الصليب). إِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ تَمَجَّدَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ سَيُمَجِّدُهُ فِي ذَاتِهِ وَيُمَجِّدُهُ سَرِيعًا» (يو13: 31، 32). ولئن كان يوسف ونيقوديموس استطاعا أن يقوما بواجبهما باستعجال نحو تكفين الرب، إذ لم يكن أمامهما الوقت الكافي، فإن المريمات اللائي أردن أن يُكملن العمل نحو جسد الرب لم يتمكن من ذلك، رغم ذهابهن إلى القبر في الصباح الباكر، إذ سمعن الصوت «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ!» (لو24: 5، 6). نعم، لقد تمجَّد المسيح سريعًا، وتمجَّد في ذات الله. سادسًا: ويُلاحظ أنه لم تكن تُقدَّم ذبيحة خطية بالارتباط مع ترديد حزمة الباكورة ، بل فقط المحرقة والتقدمة والسكيب (لا23: 12، 13)؛ أي ما يُكلّمنا عن كمالات المسيح الشخصية سواء في حياته (التقدمة)، أو موته (المحرقة)، وكل ما من شأنه أن يبعث السرور والفرح لقلب الله (السكيب). ولكن لأن ترديد حزمة الباكورة رمز واضح إلى قيامة المسيح، لهذا لم يكن من المناسب تقديم ذبيحة الخطية، فإن المسيح في صليبه أنهى تمامًا مسألة الخطية، وبقيامته ما عاد المجال مناسبًا لذكر الخطية، ولا احتياج بعد لذبيحة الخطية (عب10: 18). سابعًا: كان الإسرائيلي في صباح يوم الباكورة يأتي بحزمة أول الحصيد إلى الكاهن، وكان الكاهن بدوره يردد الحزمة أمام الرب للرضا عنهم (لا23: 11). ومما لا جدال فيه أن اليهودي ما كان يستطيع أن يفهم الارتباط بين ترديد حزمة الباكورة ورضا الرب عنهم. لكننا نحن نستطيع أن نفهم ذلك عندما نطبقه على المرموز إليه؛ المسيح، ذاك «الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا، وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا» (رو4: 25). فقيامة المسيح من الأموات تعني أن الله قَبِلَ عمله بالنيابة عنَّا، وإلا ما كان قد أقامه من الأموات. وقيامته تحمل الدليل على تبريرنا نحن، وبالتالي رضا الله عنا. لقد أصبح مرضّيًا علينا في المحبوب (أف1: 6)، ولنا قبوله ذاته أمام الله «لأَنَّهُ كَمَا هُوَ (أي المسيح في المجد) هَكَذَا نَحْنُ أَيْضاً فِي هَذَا الْعَالَمِ» (1يو4: 17 – ترجمة داربي). ثامنًا: حزمة الترديد كان يجب أن تُردد أمام الرب قيل أن يمد الشعب أيديهم إلى المحصول الوفير ويأكلوا منه، وهذا يعني أنه كان يجب أن يأخذ الله نصيبه أولاً قبل أن يتمتع شعبه ويشبع «خُبْزًا وَفَرِيكًا وَسَوِيقًا لاَ تَأْكُلُوا إِلَى هَذَا الْيَوْمِ عَيْنِهِ، إِلَى أَنْ تَأْتُوا بِقُرْبَانِ إِلَهِكُمْ، فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ» (لا23: 14). ومن هذا نتعلَّم أنه وإن كانت لنا بركات كثيرة نتجت من موت المسيح وقيامته، فإن نصيب الرب كان يجب أن يكون أولاً، وقبل شبعنا نحن كان ينبغي أن يشبع الله أولاً، وما كنا نستطيع أن نلتقط سنبلة واحدة من حقول الفداء ما لم تر عيون إيماننا الباكورة الحقيقية في وجودها وظهورها أمام الله ... ولقد كان للرب بحق النصيب الأول والأعظم في موت المسيح وقيامته. ولأن الله وجد شبعه وكفايته في المسيح الذي مات وقام، فإننا بالتبعية نجد كفايتنا وشبعنا فيه أيضًا. فيا ليتنا نشبع أكثر بالمسيح المُمجَّد الذي هو محور مشورات الله وموضوع لذته، نعم، ونصيب قلبه المُشبع. |
|