رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من وحي أيوب 34 هب لي روح التمييز! * هب لي من عندك روح التمييز، يا حكمة الله. فأمتحن بروحك كل فكرٍ وكل كلمةٍ وكل تصرفٍ. أمتحن كلماتي، فلا تخرج كلمة بطالة. أمتحن ما أنصت إليه، فلا أفسد وقتي بكلمات بطالة. أسمع صوتك في كل شيءٍ، في إنجيلك المقدس، وفي الطبيعة الجميلة، وفي الأحداث الماضية والحاضرة. * بك أختبر الفضيلة وأتلذذ بها. بك لا أطيق الشر، ولا أحاوره. لا تخدعني حكمة العالم الغاشة،ولا تحركني رياح الفلسفة الباطلة. لأتذوق حكمتك وحبك ورعايتك طول النهار، فتتهلل نفسي حتى وسط لهيب التجارب. * هب لي روح التمييز، فلا يخدعني مديح الناس، ولا يحطمني نقدهم اللاذع. إنما أتعرف بك على الحق الإلهي وأعيشه! أسمع صوتك في أعماقي، كما في كنيستك! أتمتع بك وسط أبنائك! * هب لي روح التمييز، فأرحب بكلمتك النقية وأتمسك بها، أنصت إليك خلال خدامك، وأرفض صوت المخادعين. أصير بك صرافًا ماهرًا، أميز العملات الحقيقية من المزيفة! * هب لي روح التمييز، فأدرك أنه ليس أحد كاملًا غيرك، بك أكون كاملًا ومقدسًا! بك أشتهي أن يلتصق العالم كله ببرِّك. فتصير البشرية كاملة وصالحة فيك! * هب لي روح التمييز، ففي وسط الضيق، وفي مرارة نفسي، لا أظن أن البرّ لا ينفع صاحبه، ولا أن الشر لا يضر مرتكبه. لا أتساءل: أين هي عنايتك بمؤمنيك؟ ولا أزن الأمور بموازين بشرية زمنية. إنما أثق في حبك ورعايتك وعدلك. لأنتظر، فغدًا تنكشف أسرار حكمتك! * بحلولك في قلبي، يتسع ليضم بالحب كل إنسانٍ. يتسع، فلا يضيق أمام أية محنة. وتتحول كل المحن لخيري. أدرك سٌر حبك وراء كل ضيقة! وسط الآلام تتهلل نفسي بك، وتتغنى دومًا ببًرك! لن تضطرب نفسي لقسوة الأشرار عليّ، ولا أخشى عصا الخطاة، فإنها لن تستقر عليّ. أشهد لبرِّك، يا من لا تحابي الوجوه! * أراك أبًا تترفق بي كابنٍ لك. لا تنسى كأس ماء بارد، أقدمه باسمك. أرى الشرور تعبر سريعًا، وتتهلل نفسي بيديك، وهما تمسحان دموعي. * هب لي روح التمييز، فأدرك رعايتك لي، أنا خليقتك. إن كان الإنسان لا يحتمل إهانة تصيب الخاضعين له، أفلا تهتم بي أنا خليقتك وصنع يديك؟ برحمتك أوجدتني أيها القدير، الأب العجيب، فكيف لا ترعاني بحبك؟! وهبتني الحياة بنسمة فيك، فكم أنا عزيز لديك جدًا؟! أما تفتح أحضانك الأبوية لي؟ * خلقتني من العدم، فأنا صنعة يديك. أحببتني فخلقتني، وفديتني بدمك الثمين مجانًا، فهل تترك الظلم يحل بي، يا أيها المحب للبشر؟ * ليعد جسدي إلى التراب الذي خُلق منه، لكن ألا تعود روحي إليك، إذ هي نسمة من فمك؟! حملت جسدي بتجسدك، فعاد إليّ الرجاء أنني لا أهلك. أترقب يوم قيامتي، فيتمجد جسدي مع روحي! * روحك يحملني من مجدٍ إلى مجدٍ، يرفعني من المزبلة والتراب، وينطلق بي إلى السماء! فماذا يمكن لأحداث العالم أن تفعل بي؟! * هب لي روح التمييز، فأدرك أنه ليس عندك محاباة! لن تحابي غنيًا بسبب غناه أو سلطانه. ولن تحابي شعبًا بسبب كثرة عدده. ولن تحابي جيشًا بسبب إمكانياته العسكرية. إنما تهتم بكل إنسانٍ، كأنه ليس أحد سواه على الأرض. وتهتم بالكل دون تمييز أو تحيزٍ! * عيناك تراقبان كل إنسانٍ، لا لتهلكه بل لتخلصه. عيناك تنظران ما في الفكر والقلب. لست في حاجة إلى شهادة أحدٍ، فكل شيءٍ مكشوف أمامك! * في حبك لا تريد هلاك أحدٍ، لكن في عمدٍ أصرّ الأشرار أن ينصرفوا عنك. تركوك واستهانوا بوصيتك. فملك الشر على قلوبهم. صار العنف دستورهم، وأصيبت آذانهم بالصمم، فلا تسمع لصرخات المساكين المظلومين. لكنك تبقى تسمع أنات القلوب الداخلية. ترفعهم وتسندهم وتمجدهم! * ليس من إنسان يقدر أن يهين رئيسًا أو ملكًا؟ فمن يجسر أن يدين خططك الإلهية؟ أنت ملك الملوك! أنت رب الأرباب! عيناك على طرق كل البشرية. تتطلعان حتى إلى ما في قلوبنا وأفكارنا. كأن لا عمل لك سوى الاهتمام ببني البشر. تريد أن الكل يخلصون، وإلى معرفتك يقبلون! * ليقم العالم ضدي، فإن خالقه يضمني. ليهج الأشرار بكل طاقتهم. تخرج روحهم ويعودون إلى ترابهم. يسخرون بي، فيصيرون منظًرًا ومثلًا وهزءًا! انصرفوا عنك بقلوبهم القاسية، ففقدوا حياتهم ومجدهم! * سخروا بصرخات البائسين، ولم يدركوا أنك تستمع لأنين قلوبهم. حجبوا وجوههم عن المظلومين، ولم يدركوا أنك تتطلع بنفسك إليهم. ظنوا في المساكين زوانًا يحترق، ولم يدركوا أنك تجعلهم ذهبًا مصفى بالنار. * هب لي روح التمييز، فأدرك أسرار خططك، وأتعلم كيف أحاورك، وأميز بين السماويات والأرضيات. وأنطلق إليك، وأتمتع بك في داخلي. * أخيرًا علمني ودربني، فأتعلم بروح التمييز كيف أتحدث معك! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يا رب هب لي يا رب روح التمييز |
روح التمييز |
هب ليّ روح التمييز |
ليس من محنة في الوجود خطيرة ومخيفة سوى محنة واحدة، هي محنة الخطيئة |
نجيب جبرائيل يطلب من لجنة الخمسين عدم التمييز فى الدستور |