رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نحو الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة تجمع الآلاف بالهيكل، كلٍ يحمل حَمَلَهُ ذو الربيع الواحد من عمره ليذبحه، فذبح الفصح لابد أن يتم في فناء الهيكل " لا يحلُّ لك أن تذبح الفصح في أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك. بل في المكان الذي يختاره الرب إلهك ليحل اسمه فيه. هناك تذبح الفصح" (تث 16: 5، 6).. ولم يدرك كل هؤلاء إنه لم تعد هناك حاجة لسفك كل هذه الدماء بعد أن سفك يسوع دمه الإلهي على عود الصليب. وعودة إلى السويعات التي سبقت تسليم يسوع لروحه الطاهرة، وقد أحاط بالصليب لوسيفر وآلاف من ملائكته الساقطين، حتى غطت قوات الظلمة جبل الجلجثة بكثافة كبيرة، في تناغم مع سلطان الظلمة الذي سيطر على وجه الأرض.. تجمَّعت قوات سطانائيل حول مأدبة الصليب، تُمني نفسها بالوجبة الشهية، وتستعد للحظات النصرة على يسوع الناصري.. صوت جلبة وضوضاء.. صوت ضحكات وقهقهات تدوي بين الشياطين، فتجلجل المكان وتهز الأركان.. رقصات سريعة مع موسيقى شيطانية مزعجة تصم الأذان، وراح لوسيفر يزهو أمام جيوشه ويستعرض عضلاته.. إنها اللحظات الأخيرة من الصراع الدائر منذ أكثر من ثلاثين عامًا بينه وبين ابن الإنسان، وأخذ لوسيفر يسخر من ذاك المُقيَّد بالمسامير، عريانًا على خشبة العار: ألم تقل يومًا: " رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء".. وها نحن قائمون أمامك.. أرنا ماذا تقدر أن تفعل..؟! ألم تقل منذ أيام " الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجًا".. هوذا أنا هنا يا يسوع.. ومن يجرؤ أن يطرحني خارجًا؟! هذا جانب من الصورة. أما الجانب الآخر فهو ربكة لوسيفر وجنوده، عندما سمعوا المصلوب يَعدْ ديماس بالفردوس.. إنهم يتساءلون ويندهشون: كيف يمكن لهذا المصلوب الذي لا حول له ولا قوة أن يفتح باب الفردوس المُغلَق منذ آلاف السنين..؟! أتراه كاذبًا..؟! لكننا لم نتعود الكذب منه قط.. أتراه صادقًا..؟! إذًا كيف يكون هذا؟!.. ومن أين جاءت الملائكة التي أحفَّت بديماس منذ أن تلقى الوعد بالفردوس؟! ثم ما هذه الظلمة التي عمت أرجاء الأرض؟!..إنها ليست كسوفًا.. وعندما صرخ يسوع بصوت عظيم.. صرخ لوسيفر: من أين لهذا المصلوب بهذا الصوت العظيم وهذه القوة الخارقة؟! صرخ يسوع بصوت عظيم: يا أبتاه في يديك أستودع روحي. فشب داود النبي على أخمص قدميه يستطلع أسرار العالم الآخر وهتف صارخًا: " اخرجني من الشبكة التي خبأوها لي. لأنك أنت حصني. في يديك أستودع روحي" (مز 31: 4، 5). أما لوسيفر فقد هاج وماج يركض كالمجنون هنا وهناك حول المصلوب.. لوسيفر المشتكي يقف يشتكي.. لوسيفر المحتج رفع صوته محتجًا: كيف..؟! كيف يُسلم روحه في يد الله؟! ألا يعلم إن مستودع جميع الأرواح هو جحيمي؟! ألا يدرك إنني صاحب الحق في هذه الروح البشرية، ولا أحد يقدر أن يأخذها مني؟! وشعر لوسيفر بقشعريرة تسري في روحه، ولكنه تشجع وجمع أشتات نفسه المبعثرة، وقوته الخائرة، وقواته الجبانة، وهجم على المصلوب في شراسة ما بعدها شراسة، معلنًا عن منظره المرعب الذي اعتاد أن يظهر به لكل من تأتي ساعته فيجف دمه ويقتنص روحه ويزفها إلى جحيمه.. وأظهر لوسيفر شكله المرعب للمصلوب أكثر من أي شكل آخر ظهر به من قبل.. إنه يحمل في أحشائه غل السنين وحقد الأيام على ذاك المصلوب.. وفجأة وكأنه صُدم بتيار كهربائي تبلغ قوته آلاف آلاف الفولتات.. إنه في مواجهة أمام قوة اللاهوت.. الصدمة أسكرته فترنح، واستدار ليركب أجنحة الريح ويهرب ويفوز بالنجاة.. ولكن إلى أين يا لوسيفر..؟! إنك تقف أمام ضابط الكل الذي السماء والأرض والهاوية في يده.. وأُسقط في يده.. لقد ضُبط متلبسًا بجريمتين: الأولى: تحريض اليهود والرومان على سفك دم ذكي برئ. الثانية: التعدي على العزة الإلهية. وقبض الإله المصلوب على لوسيفر، وجرده من سلطانه على أبناء الله، وقيده لكيما يصير هزءًا وسخرية للسنين والأيام، فيسخر منه شاب مثل مارجرجس، أو صبي صغير مثل أبانوب أو طفل مثل قرياقوس.. الآن ردَّ يسوع آدم الثاني الضربة القاضية التي وجهها الشيطان لآدم الأول.. بالأمس البعيد أغرى إبليس الإنسان بالثمرة المحرَّمة، حتى إصطاده وأدخله إلى حظيرة الموت، وأغلق عليه باب الجحيم.. أما الآن فما أروع منظرك أيها الإله المصلوب؟! صليبك هو شجرة الحياة وأنت معلَّق عليها كثمرة شهية لذيذة، أسالت لعاب إبليس، فأسرع يمني نفسه باقتطافها وأكلها، وما أن ابتلع السنارة المغلَّفة بالجسد البشري، حتى صُدم بجمر اللاهوت فلم يحتمل، فانشقت أحشائه.. ونادى يسوع بصوت عظيم: هيا أيها الخراف الذين ابتلعهم الذئب على مدار آلاف السنين.. هيا إلى الحرية.. لا عبودية لإبليس بعد اليوم.. لا موت بعد اليوم.. بموتي ذبحتُ الموت الذي دوَّخ البشرية. احتشدت ربوات ربوات الملائكة ورؤساء الملائكة، الشاروبيم والسيرافيم.. الكل يصرخ ويصيح: عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين. من لا يخافك يا رب ويمجد اسمك لأنك وحدك قدوس.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العدل الإلهي قد استوفى حقه على الصليب |
الصليب والعرش الإلهى |
الصليب في القداس الإلهي |
الصليب والعرش الإلهي |
الصليب والعرش الإلهى |