![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() التزامه بالتدخل فَقَالَ أَلِيهُو بْنُ بَرَخْئِيلَ الْبُوزِيُّ: أَنَا صَغِيرٌ فِي الأَيَّامِ، وَأَنْتُمْ شُيُوخٌ، لأَجْلِ ذَلِكَ خِفْتُ، وَخَشِيتُ أَنْ أُبْدِيَ لَكُمْ رَأْيِيِ [6]. في العصور القديمة، خاصة في منطقة أسيا، لم يكن يُسمح للصغار الدخول في الحوار مع من هم أكبر سنًا، بل وأحيانًا يلتزم الصغير بالصمت قدر المستطاع في أي موضوع. قوله: "أنا صغير في الأيام"، هو اصطلاح يشير إلى وجود فارق في السن، أيا كان قدره، كما قد يشير إلى أنه أقل منهم خبرة عبر الأيام لصغر سنه، لكنه لا يعني أقل منهم في الحكمة. قُلْتُ: الأَيَّامُ تَتَكَلَّمُ، وَكَثْرَةُ السِّنِينَ تُظْهِرُ حِكْمَةً [7]. يرى أليهو أن الحكمة لا تتوقف على خبرة السنوات المجردة. يمكننا أن نميز بين ثلاثة أنواع من الحكمة: الحكمة المكتسبة خلال خبرة الحياة، هذه تنمو مع السنوات، يعتز بها الشيوخ. والحكمة كهبة طبيعية قدمها لله للإنسان بوجه عام، إذ وهبهم العقل بالطبيعة (ع 8). وكثيرًا ما يكون بعض أبنائنا أكثر منا حكمة وذكاءً، وإن كانوا لا يتمتعون بذات خبرتنا. وأخيرًا الحكمة عطية روح الله، يقدمها لأتقيائه. مع اعتزازنا بالنوعين الأولين من الحكمة وتقديرنا لهما، لكن تبقى حكمة الله الفائقة هي موضوع طلبنا المستمر من الله. "هب لي الحكمة الجالسة معك إلى عرشك، ولا تنبذني من بين أبنائك" (حك 9: 4). * كل هذه الحكمة والتعقل يوجدان في المسيح، وبالمسيح نفهم الله (الآب) ونراه، فما يتبقى من حكمة في العالم، وأية حكمة من هذا النوع خارج المسيح وبدونه تُحسب أمرًا فارغًا بلا قيمة ودنيئًا. الأب ماريوس فيكتورينوس القديس جيروم وَلَكِنَّ فِي النَّاسِ رُوحًا، وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ تُعَقِّلُهُمْ [8]. يُترجم النص العبري حرفيًا "الروح نفسه"، فيعني أن الإنسان يوهب له الروح واهب الحكمة، أو روح الإلهام. سبق فكّرم أليهو الشيوخ من أجل خبرتهم، الآن يبرز أن الحكمة هي عطية الله، يُمكن أن يتمتع بها الشيخ كما الشاب. الحكمة الحقيقية وإن لم تتجاهل الخبرة عبر الحياة، لكنها أساسًا هي إلهام من القدير، أو نسمة من القدير "نشمة شاداي nishmat Shaday". يرى البعض أن كلمة "روح" هنا تشير إلى النسمة التي وهبها الله للإنسان (تك 2: 7)، فتعطيه فهمًا. لَيْسَ الْكَثِيرُو الأَيَّامِ حُكَمَاءَ، وَلاَ الشُّيُوخُ يَفْهَمُونَ الْحَقَّ [9]. مع كثرة الأيام قد ينال الإنسان خبرات نافعة سواء في حياته أو في حياة الآخرين يلتقي بهم ويتعامل معهم، وأيضًا قد يجمع الكثير من الأمثال المملوءة حكمة، ويحفظ بعضها عن ظهر قلب، ومع هذا قد لا يمارس الحكمة، ولا يتمتع بروح التمييز والفهم. هذه هي الحجة التي يبرر بها أليهو موقفه أنه اقتحم الموقف ليتحدث بين شيوخ، ويشير إليهم ببعض الأحكام والنصائح، بل ويوبخهم. يرى البعض أنه يتحدث عن الحكمة الموهوبة من الله، إذ قدم للإنسان نسمة حياة عاقلة. "يرجع التراب إلى الأرض كما كان، وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جا 12: 7). "يقول الرب باسط السماوات ومؤسس الأرض، وجابل روح الإنسان في داخله" (زك 12: 1). لِذَلِكَ قُلْتُ اسْمَعُونِي. أَنَا أَيْضًا أُبْدِي رَأْيِيِ [10]. يطلب أليهو من الشيوخ ألاَّ يحتقروه بسبب صغر سنه، إنما عليهم أن يسمعوه أولًا وعندئذ يفحصوا كلماته. يليق بنا ألاَّ نستخف بمن هم أصغر منا سنًا، بل ننصت إليهم، يقول الحكيم: "ولد فقير وحكيم، خير من ملك شيخ وجاهل" (جا 4: 13). |
![]() |
|