رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَكَفَّ هَؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ عَنْ مُجَاوَبَةِ أَيُّوب،َ لِكَوْنِهِ بَارًّا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ [1]. توقف الأصدقاء الثلاثة عن الحديث، إما لأنهم رأوا الله نفسه يدافع عنه بكونه بارًا، أو لأن أيوب يحسب نفسه بارًا، فلا نفع من الحوار معه. والواقع الحقيقي أنهم فشلوا في تأكيد اتهاماتهم ضد أيوب لأنهم حملوا في قلوبهم وأفكارهم نية غير صادقة، فجاءت اتهاماتهم لا وزن لها. "لكونه بارًا في عيني نفسه" جاء هذا النص في الترجمة السبعينية والسريانية والعربية القديمة والكلدانية "لكونه بارًا في أعينهم". فقد اقتنعوا أنه بار، وأن اتهاماتهم لا أساس لها. جاء النص في ترجمة سيماخوس Symmachus "لكونه ظهر بارًا أكثر منهم". في الأصحاحات السابقة رأينا أيوب لا ينكر أن له خطايا، وأنه كان يعترف بها، لكنه كان متألمًا لما حلّ به مما شوَّه صورته وأعثر أصدقاءه فيه. لم يكن لديهم إجابة على هذا (أي على قول أيوب)، فصمت أيوب ليعطيهم الكلمة. ولما كان قد نال الشهادة من الله (أنه بلا لوم) أغلقوا أفواههم. "لأن أيوب كان بارًا أمامهم"... لقد غيروا رأيهم السابق، إذ بحديثهم ضد أيوب يدينون الله. لاحظوا أنه في كلا الحالتين يوجد عدم تناسب. لقد دانوا أيوب كما الله أيضًا، وشهدوا ضد الاثنين. أما الله فلم يدافع عن نفسه، وإنما دافع عن أيوب، متجاهلًا الدفاع عن نفسه. فقد جذب الأنظار إليه (أي 1: 8)، كما قال أيضًا عن أيوب: "لم تقولوا الصواب عن عبدي" (راجع 42: 8). ففي هذا كله احتمل الله أقصى درجات الظلم. القديس يوحنا الذهبي الفم في وسط اتهامات أقرب من لنا ترتفع أنظارنا إلى ربنا يسوع بكونه الحصن الذي نلجأ إليه، ملجأ خلاصنا، والمدافع عنا. "صرت رجائي، وبرجًا في وجه العدو" (مز 61: 3). يقول: قلبي ثائر، فقد اتحدوا معًا من أقصى الأرض، وصرت أعاني وسط التجارب والهجوم... داخل الكنيسة تعاني الحنطة من عنف القش. وسط كل هذه الأمور، إذ يضطرب قلبي أصرخ من أقاصي الأرض.. المسيح نفسه هو البرج. يجعل نفسه برجًا من وجه العدو، وهو أيضًا الصخرة التي تُبني عليها الكنيسة. أتريدون ألا تُضربوا من الشيطان؟ اهربوا إلى البرج. لن يمكن لسهام الشيطان أن تتعبكم في ذلك البرج. هناك تحتمون وتثبتون... البرج أمامكم. استدعوا المسيح في أذهانكم، وادخلوا البرج! القديس أغسطينوس |
|