لننظر إلى أنفسنا يا إخوتي ولنطرح عنا شهوة المتكآت الأولى، والمناصب التي نشتهيها في داخل بيت الله، أنظروا لأم ابني زبدي كيف طاقت أن يكون ابنيها على يمن ويسار ملك الملوك ورئيس الحياة، فكان رد الرب عليها أن يشربا الكأس، ومع شربهما الكأس لا يكون يمين ويسار إلا للذي أُعطي لهما، لأن حتى شرب كأس آلام الصليب مع المسيح الرب يُميت شهوة يمين ويسار والمتكأ الأول، لأنه لن يكون اهتمام لكراسي وكرامة لمن يحمل آلام الصليب ليموت، لأن الميت لا يسعى لكرامة بل ينظر لما هو أعظم وهو أن يحيا إلى الأبد مع سيده الذي قَبِلَ أن يموت معه، لا كلاماً مثلما فعل القديس بطرس حينما تسرع قائلاً مستعد أن أموت معك، ولكنه أمام جارية أنكر وهرب، لأن الكلام يختلف عن الفعل، والحديث عن الألم والصليب يأتي ونحن في راحة على كراسي التعليم أو كاتبي الشروحات والتفسيرات، أما شرب كأس الألم للثمالة ببذل حقيقي للذات وقبول التعيير لأجل المسيح، وقبول الموت من أجله بمسره، فهذا شانٌ آخر لا يقوى عليه إلا من باع نفسه لسيده، وطرح ثوبة المزركش في الأرض وارتمى عند قدمي مخلصه الصالح، لذلك أتى يوم الأحد بداية بصختنا المقدسة، وهو يتميز بطرح أعلى وأنظف الملابس أرضاً، لأنها ملابس عيد، وطرحها الكثيرين أرضاً بمسرة، ولكننا اليوم لا ينبغي أن نطرح ثوب مزركش أعددناه للاحتفال بالعيد السيدي، بل لنا أن نطرح نفوسنا عند أقدام مخلصنا ونُعفر هامتنا في التراب، تراب مزلة التعيير، سائرين في طريق الجلجثة…