رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس أثناسيوس الرسولي الأنبا أنطونيوس وروح الرجاء تدرب القديس أنبا انطونيوس عل السلوك بروح الرجاء لا اليأس، كما جاء عنه في بستان الرهبان: [حدث أنّ أخًا في كينوبيون سقط في تجربةٍ فطردوه من هناك، فذهب إلى الجبل حيث أنبا أنطونيوس، ومكث الأخ عنده مدةً، ثم أعاده أبّا أنطونيوس إلى الكينوبيون الذي طُرِد منه، فلما رآه الإخوة طردوه ثانيةً، فرجع الأخ إلى أبّا أنطونيوس قائلًا: "رفضوا أن يقبلوني يا أبي". فأرسل الشيخ إليهم قائلًا: "سفينة كادت تغرق في البحر وتلفت كل شحنتها، وبتعبٍ كثير رجعَتْ سالمة إلى البرّ، فالذي سَلِمَ تريدون أنتم أن تُغرقوه؟!" فلما علم الإخوة أنّ أنبا أنطونيوس هو الذي أعاد إليهم الأخ قبلوه في الحال.] لقد تعلم روح الرجاء من الله، فقد جاء عنه في فردوس الآباء: [قيل عن أنبا أنطونيوس: ظهرت له مرةً رؤية بخصوص عذراء كانت قد سقطت في خطية، فنهض وأخذ عصاته الجريد في يده واتخذ طريقه نحو الدير (الذي فيه العذراء) لكي يوجِّه إلى العذارى توبيخات شديدة جدًا، وذلك بسبب طهارة سيرته. ولما تقدّم في سيره واقترب من الدير ظهر له المسيح ملك المجد الرحوم وحده، ذاك الذي عنده كنوزٌ عديدة من الرحمة، ذاك الذي يغفر ويمحو خطايا وتعدِّيات البشر، وقال له المخلِّص بوجهٍ باشٍّ وبابتسامةٍ مملوءة نعمة: "يا أنطونيوس، هل يوجد سبب لتكبُّدك هذا التعب؟" فلما سمع الشيخ هذا الكلام من الرب انطرح على الأرض على وجهه وقال: "يا رب، طالما أنك جعلتني أهلًا أن أعاين حضرتك، فأنت أول من يعرف ما هي حماقة تعبي". فقال له محبّ البشر: "لقد احتملتَ هذا التعب والمجهود بسبب خطية هذه العذراء الصغيرة". فانطرح أنبا أنطونيوس على الأرض على وجهه وقال له: "يا رب، أنت تعلم كل الأمور قبل أن تحدث". فقال له الرب: "قُم، اتبعني". ولما دخل معه إلى المكان الذي كانت فيه العذراء أغلِقت الأبواب، وسمع العذراء تبكي وتقول: "يا ربي يسوع المسيح، إن كنتَ للآثام راصدًا فمن يستطيع أن يقف أمامك؟ لأنّ من عندك المغفرة (مز129: 3-4 حسب السبعينية)، يا سيدي يسوع المسيح، انتقم لي من الذي يبغضني والذي يسبِّب لي الهلاك، يا سيدي يسوع المسيح، إنني أصلِّي إليك، لا تحجب وجهك عني (مز27: 9)، لأنني آنية ضعيفة (1 بط 3: 7)". وكانت تقول ذلك بدموع غزيرة. وإنّ ربنا يسوع المسيح إلهنا الرحوم الشفوق قال: "يا أنطونيوس، ألم تتحرك أحشاؤك الآن؟ ألا تبكي عيناك عندما تسمع بضعف طبيعتها القابلة للانكسار، وكيف تصرخ إليَّ بدموعٍ مؤلمةٍ؟ ألم تجتذب مراحمي إليها بالحق مثل الخاطئة التي غسلت قدميَّ بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، ولأجل توبتها نالت مني غفران خطاياها بسبب إيمانها (لو7: 36-50)؟ ومع ذلك فلن أترك تعبك يذهب سُدًى، أعطها قليلًا من التعليم ثم ارحل". . ولما قال المخلِّص ذلك اختفى. ورجع أنبا أنطونيوس ممجِّدًا الله، وكانت دموعه تسيل بغزارةٍ على الأرض، وكان مندهشًا جدًا من صلاح الله وفيض مراحمه العديدة على كل صنعة يديه، والطريقة التي بها يقبل إليه فورًا كل إنسانٍ يخطئ ويرجع إليه تائبًا بقلب مستقيم.] يقول القديس الأنبا أنطونيوس الكبير: [الروح القدس الذي يعمل فينا للتوبة يفتح قلوبنا بالرجاء في الله واهب القيامة من الأموات، لكي بروح التواضع يهبنا أن نعترف بخطايانا.] بهذا الروح كان القديس أثناسيوس يتحدى كل الظروف القاسية والتي تبدو مظلمة تمامًا، واثقًا أن الرب حتمًا يحقق خطته الإلهية نحو خلاص الناس وبنيان ملكوته الإلهي. لهذا عندما قيل للقديس: "العالم كله ضدك يا أثناسيوس"، أجاب: "وأنا ضد العالم". فقد وثق أن رسالة المسيح لن تفشل حتى إن وقف العالم كله ضده. يرى البابا الأنبا أثناسيوس أن الله لم يعد جهنم للإنسان بل لإبليس وملائكته (مت 41:25)، إنما أعد لنا الملكوت منذ تأسيس العالم لكي نرثه أبديًا (مت 34:24). لقد دعا السيد المسيح الأشرار أبناءً لإبليس إذ يعملون أعمال أبيهم (يو 41:8)، ويقول الرسول يوحنا "أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس" (1 يو 10:3). فمن يقبل البنوة لإبليس ويصير كيهوذا الخائن ابنًا للشيطان والهلاك إنما يعد نفسه لكي ينحدر إلى جهنم. * أمثال هؤلاء ينالون جزاءهم عن غباوتهم، حيث أن رجاءهم يصير باطلًا لعدم اعترافنا بالجميل، فإن النار الأخيرة المعدة للشيطان وجنوده تنتظر أولئك الذين أهملوا النور الإلهي. هكذا تكون نهاية الإنسان غير الشاكر[19]. * لقد أعد الرب منازل كثيرة عند أبيه (يو 2:14)، لكن بالرغم من أن مكان السكنى نجد فيه درجات متنوعة حسب تقدم كل واحدٍ، غير أننا جميعًا سنكون في داخل الحصون، محفوظين في داخل نفس السياج حيث يطرد العدو (الشيطان) وكل جماعته خارجًا[20]. البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي |
|