06 - 04 - 2023, 01:01 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
يَنْقُرُ فِي الصُّخُورِ سَرَبًا،
وَعَيْنُهُ تَرَى كُلَّ ثَمِينٍ [10].
يقف أيوب متعجبًا من قدرة المخلص ومحبته، فهو الذي يهب للإنسان الذي صار كالصخرة أن تتفجر في داخله ينابيع مياه حية، وفي نفس الوقت يتطلع إلى الإنسان لا في استخفاف ولا لإدانته على قلبه الحجري، وإنما كأيقونة حيَّة له، ثمينة جدًا في عينيه. إنه يُزيل عن الإنسان قسوة قلبه الحجري، ويقيم منه قلبًا مملوء حبًا.
يرى البعض أنه في صناعة التعدين يشقون مجاري مياه في الصخور، فتنكشف لهم عروق المعادن التي يقومون باستخراجها.
* "ينقر مجاري (مياهًا) في الصخور". يشق في قلوب الأمم القاسية أنهار الكرازة.
بنفس الطريقة يتحدث النبي عن ارتواء براري الأمم: "يجعل القفر غدير مياه، وأرضًا يابسة ينابيع مياه" (مز 35:107). كذلك يعد الرب في الإنجيل: "من آمن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماء حي" (يو 38:7). ما سمعناه كوعدٍ قد تحقق الآن.
ألا ترون كيف أن الكارزين القديسين قد فاضوا كينبوعٍ من اليهودية من خلال الكنيسة الجامعة المنتشرة في العالم كله كمجاري للوصايا السماوية، تفيض بغزارة من أفواه الأمم. هذا لأنه قد نقر مجاري في الصخور؛ أفاض من القلوب القاسية نهر الكرازة المقدسة.
"وعينه ترى كل ثمين" [10]. إنه لأمرٍ يلزم على وجه الخصوص أن يُوضع في الذهن، أن كل نفس منفردة تُحسب بالأكثر ثمينة في نظر الله، قدر ما تحتقر نفسها من أجل حبها للحق. "أليس إذ كنت صغيرًا في عينيك، صرت رأس أسباط إسرائيل؟" (1 صم 17:15)... وعلى العكس من يحسب في نفسه أنه ثمين للغاية يتصاغر جدًا عند الله... "إنه يرى المتواضع، أما المتكبر فيعرفه من بعيد" (مز 6:138). لذلك "ترى عينه كل ثمين". في الكتاب المقدس يُستخدم تعبير "الله يرى" عوض "الله يختار"، كما جاء في الإنجيل: "لأنه يختار المتواضعين." اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء" (ا كو 27:1). لقد "رأى ما هو ثمين" عندما افتقد النفس البشرية وهي تستخف بذاتها، متمتعة باستنارة نعمته. يُقال عن هذه النفس بالنبي: "إن أخرجت الثمين من المرذول، فمثل فمي تكون" (إر 19:15) . فإن العالم الحاضر مرذول من الله، أما نفس الإنسان فثمينة عنده. من يعزل الثمين من المرذول يُدعى "مثل فم الله"، لأن الله يقدم كلماته لهذا الإنسان.
البابا غريغوريوس (الكبير) * الروح القدس هو النهر الذي يفيض - حسب العبرانيين - من المسيح إلى الأراضي. وقد قبلنا هذا كما تنبأ فم إشعياء (إش 12:66). هذا النهر العظيم الذي يفيض على الدوام ولن يتوقف، ليس فقط نهرًا بل هو أيضًا أحد المجاري الغزيرة التي تفيض عظمة، كما قال داود: "مجرى النهر يفرح مدينة الله" (مز 4:46). فإنه لا ترتوي تلك المدينة، أورشليم السماوية بقناة، أي بنهرٍ أرضيٍ، بل بذاك الروح القدس المنبثق من مصدر الحياة. المجرى الذي يصدر عن ذاك الذي يشبعنا، يبدو أنه يفيض بوفرة بين العروش السماوية والسيادات والقوات والملائكة ورؤساء الملائكة، جاريُا في أكمل نصيب لفضائل الروح السبع.
* يقصد بالبطن هنا (يو 7: 38) القلب... أين يوجد في الكتاب المقدس أن أنهارًا لمياه حيَّة تفيض من بطنه؟ لا يوجد.
فماذا إذن يعني: "من آمن بي كما يقول الكتاب"؟ هنا يلزمنا أن نتوقف فقد يكون القول: "تجري من بطنه أنهارًا" تأكيد أنه عن المسيح. فكثيرون قالوا: "هذا هو المسيح"، و"عندما يأتي المسيح، هل يصنع معجزات أكثر"؟ إنه يظهر الحاجة إلى معرفة صحيحة، وأن يقتنعوا لا من المعجزات بل من الكتاب...
لقد سبق فقال: "فتشوا الكتب" (يو 5: 39) وأيضًا: "مكتوب في الأنبياء"، و"يكون الكل متعلمين من الله" (يو 6: 45)، "موسى يشكوكم" (يو 5: 45)، وهنا يقول:" كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار"، ملمحًا نحو عظمة النعمة وفيضها... وقد دعاها في موضع آخر "حياة أبدية" أما هنا فيدعوها "أنهار ماء"...
فإن نعمة الروح إذ تدخل الذهن وتقيم، تفيض أكثر من أي ينبوع.
إنها لن تتوقف ولن تفرغ...
فلكي يعني إنها تقدم عونًا لا ينضب، وفي نفس الوقت طاقة لا تخيب، دعاها "بئرًا" وأنهارًا، ليست نهرًا واحدًا، بل هي أنهار لا تُحصى.
يمكن للشخص أن يدرك بوضوح ما تعنيه إن وضع في اعتباره حكمة اسطفانوس ولسان بطرس وغيرة بولس.
* منْ مِنَ الكائنات الأرضية خُلق على صورة الله إلا الإنسان؟
ولمن أُعطى السلطان على كل الطبيعة ومخلوقاتها ليختصها لذاته؟
إنه لشرف أصيل يكلل جبينه، ويسمو به إلى السماء، فوق الكواكب، أرفع من الشمس تشامخًا وعزة... ومع أنه أوضع منزلة من الملائكة لارتباطه بجسدٍ ماديٍ فقد وُهب قوة لفهم ومعرفة ربه وخالقه.
|