30 - 03 - 2023, 01:41 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
يظنون أنهم فوق القانون
هَا هُمْ كَالْفَرَاءِ فِي الْقَفْرِ يَخْرُجُونَ إِلَى عَمَلِهِمْ،
يُبَكِّرُونَ لِلطَّعَامِ.
الْبَادِيَةُ لَهُمْ خُبْزٌ ولأَوْلاَدِهِمْ [5].
يشبه أيوب الأشرار بالحمير الوحشية التي تنطلق في البرية بلا قانون يحكمها. تبكر في الصباح لتأكل ونتطلع إلى البادية لتقدم الطعام لصغارها. هكذا يحسب الأشرار أنفسهم أنهم فوق القانون، وأن لا عمل لهم سوى الأكل والشرب والملذات وتقديم كل لذة لأولادهم.
"في القفر": يود الأشرار أن تتحول الأرض كلها إلى قفار حيث لا مجال لقوانين تحكم المجتمع، وبالتالي يمكن ممارسة الظلم على نطاق أوسع. القفار هي أنسب مكان لأناسٍ متوحشين كهؤلاء، غير انه لا يوجد قفر ما يخفي الإنسان عن الله أو يجعله في غير متناول يده.
" يخرجون إلى عملهم"، الذي هو السرقة، فقد امتهنوا السلب وممارسة الظلم كعملٍ دائمٍ لهم، يحصلون على مكاسب عظيمة. في نظرهم يمارسون هذه المهنة بنشاط وهمة إذ "يبكرون للطعام بفريسةٍ". يخرجون كما إلى عملهم، كما أن الإنسان يخرج إلى عمله (مز104: 23) ويبكر الصديقون إلى الرب فيمجدونه، يخرج الأشرار إلى ممارسة الظلم كعملٍ يلتزمون به. هكذا يبكر الأشرار إلى ممارسة عملهم. يقضون الليل في التخطيط للشر، وإذ يشرق الصباح يسرعون إلى التنفيذ العملي بما في قلوبهم. وكما قيل عن افرايم:" مثل الكنعاني في يده موازين الغش، يحب أن يظلم. فقال افرايم إني صرت غنيًا، وجدت لنفسي ثروة" (هو 12: 7-8).
"البادية لهم خبز ولأولادهم" فإنهم يعولون أنفسهم كما أولادهم من السلب الذي يمارسونه في طرق البادية، عوض الإعالة بطرق شريفة.
يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن الهراطقة يسلكون هكذا، إذ يعيشون في برية قاحلة، حيث يتركون الكنيسة بيت الله وكرمه المقدس. إنهم متسيبون، ما يشغلهم هو الملذات والخيرات الزمنية، لا يريدون ضابطا أو الخضوع لتدبير معينكالصوم والصلاة والمطانيات الخ، وأن حلّ بهم تأديب إلهي لا يبالون، بهذا يعيشون في برية قاحلة بلا ثمر للروح. يشبهون إسماعيل الذي قيل عنه: إنه إنسان وحشي، يده على كل واحد ويد كل واحد عليه (تك 16:12).
*"آخرون كحمير متوحشة (كالأخدري) في البرية يذهبون إلى عملهم" [5]. فإن الأخدري هو حمار وحشي. هنا بحق يُشبه الهراطقة بالحمير الوحشية، إذ هم متسيبون في ملذاتهم، وهم غرباء عن قيود الإيمان والتعقل. لذلك مكتوب: "الحمار الوحشي يُستخدم للبرية، يستنشق الريح في شهوته" (إر 24:2). يكون الشخص حمارًا وحشيًا يُستخدم للبرية، ذاك الذي وهو لا يُفلح أرض قلبه بسمو التأديب فيسكن حيث لا يوجد ثمر... هذا ليس من عمل الله، بل من عملهم هم أنهم لا يتبعون التعاليم السليمة، بل يتبعون شهواتهم. إذ مكتوب: "من يسلك طريقًا كاملًا يخدمني" (مز 6:101).
البابا غريغوريوس (الكبير) * إنني أعرف أن مما أقوله موجع، لكن كم هو يحتوي على فائدة عظيمة، لو كان الرجل الغني قد وجد من يسدي له مثل هذه النصيحة بدلًا من تملقه وقول ما يود سماعه وجره للانزلاق في حياه الإسراف، ما كان ليسقط في تلك الهاوية. وما كان ليقع تحت هذا العذاب الغير محتمل، نادمًا بعد فوات الأوان، طالبًا المواساة لكن كان الجميع يعملون من أجل إمتاعه مُسلِّمين إياه إلى جحيم النار.
إنني أتمنى أن نعظ ونتحدث دائمًا وباستمرار في هذا الموضوع، إذ يقول الكتاب المقدس: "في جميع أعمالك اذكر أواخرك فلن تخطأ إلى الأبد" (سي 7: 40) ، وكذلك يقول: "هَيّئْ عملك لرحيلك وأعدَّ كل شيءٍ للطريق" (راجع أم 27:24).
* مهما كان الأشرار في اخضرار، فإنهم سيهلكون، فقد حُفظوا للنار... هؤلاء ينتعشون في سعادة العالم، ويهلكون في قوة الله. ليس بذات الطريقة التي بها ينتعشون يهلكون، فإنهم ينتعشون إلى حين، ويهلكون أبديًا. ينتعشون فيما هو ليس صالحًا بالحقيقة، ويهلكون بعذابات حقيقية.
كان المرتل يتطلع إلى الأشرار وهم يعيشون في سلام في هذا العالم وفي رخاء، كمن هم في سعادة فيحسدهم ويغيّر منهم، لذلك اعترف قائلًا: "أما أنا فكادت تزل قدماي، لولا قليل لزلقت خطواتي، لأني غرت من المتكبرين (الخطاة)، إذ رأيت سلامة الأشرار، لأنه ليست في موتهم شدائد، وجسمهم سمين. ليسوا في تعب الناس، ومع البشر لا يصابون، لذلك تقلدوا الكبرياء، لبسوا كثوبٍ ظلمهم" (مز 73: 2-6).
* لاحظت الخطاة ورأيتهم في سلام. أي سلام؟ سلام زمني مؤقت، أرضي، وساقط، ومع هذا فهذا (السلام) أطلبه من الله. رأيت الذين لا يخدمون الله لهم ما اشتهيته أنا لكي أخدم الله، فزلقت قدماي، وزلقت خطواتي. لكن لماذا للأشرار هذا...؟ ليس لهم أن يتفادوا موتهم، وعقوبتهم دائمة... الآن علمت لماذا لهم سلام ويزدهرون على الأرض. فإن الموت بالتأكيد ينتظرهم أبديًا، فأنهم لا يتفادون هذه الأمور ولن يقدروا على الخلاص منها... فإن عقوبتهم لا تكون وقتية بل ثابتة وأبدية.
|