رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
*"لكنه هو نفسه وحده، ولا يستطيع إنسان ما أن يغير فكره"... إذ توجد كثرة من الأشياء في دائرة الطبيعة، فلماذا يُقال بصوت الطوباوي: "إنه هو وحده"؟ يوجد فارق بين ما يوجد، وما هو موجود أصلًا، بين ما يخضع للتغير والوجود والمستقل عن التغير. فإن كل هذه الأشياء موجودة، لكنها لا تقوم بذاتها، فلو لم تقم بيد من يحكمها ما كان يمكن لها أن توجد قط. فإن كل الأشياء تقوم في ذاك الذي خلقها، وهم ليسوا مدينين بحياتهم لأنفسهم، ولا أولئك الذين يتحركون ولا يحيون قد صارت لهم الحركة حسب نزواتهم. إنما (الله) هو الذي يحرك كل الأشياء، هذا الذي يحيي البعض، واهبًا لهم الحياة، بينما الكائنات الأخرى التي بلا حياة يقوم هو بحفظها، مودعًا إياها بطريقة عجيبة ككائنات أقل وأدنى. خُلقت كل الأشياء من العدم، وينتهي وجودها إلى العدم، ما لم يمسك بها خالق الأشياء بيد تدبيره. إذن كل الأشياء المخلوقة لا تقدر بذاتها أن تقوم، ولا أن تتحرك، وإنما ينبغي أن تخضع لجابلها، بهذا فقط تتحرك... على أي الأحوال، فانه حتى وإن وجدت مقاومة ضدنا من الخارج (أي ضيقات) يليق بنا أن ندرك أن الله يعمل فينا من الداخل... إذن في كل الأحوال يُنظر إلى الله كمن هو وحده، هذا القائم من البدء، والقائل لموسى: "أنا هو الذي هو، هكذا تقول لبني إسرائيل، ذاك الذي هو كائن يرسلني إليكم" (خر 14:3). هكذا عندما نُعاقب بالأمور التي نراها، يلزمنا أن نخاف ذاك الذي لا نراه... بخصوص عدم إمكانية تغيره، أضاف بطريقة مباشرة لائقة: "لا يقدر إنسان أن يغٌير فكره"، فإنه إذ هو بالطبيعة غير قابلٍ للتغير، فهو غير قابل للتغير في الإرادة. "لا يقدر أحد أن يغٌير فكره"، حيث ليس لإنسانٍ ما سلطان لمقاومة أحكامه الخفية... هكذا مكتوب: "يصدر قانونًا لا يتغير". وأيضًا: "السماء والأرض تزولان، وأما كلامي فلا يزول" (مر 31:13). أيضًا: "لأن أفكاري ليست كأفكاركم، ولا طرقكم كطرقي" (إش 8:55)... فإنه حتى تلك الأمور التي تبدو أنها تُصنع ضد إرادته ومخالفة لها، فلنتطلع إلى أن ما لم يأمر به يُسمح به أحيانًا أن يتم لكي تخدم ما أمر به وتحققه بأكثر تأكيد. فإن إرادة الملاك المقاوم شريرة، لكن الله يأمر بطريقة عجيبة حتى يستخدم الله ذات حيله المخادعة لصالح الأبرار الذي يتطهرون خلال جهادهم. لهذا فإن كل ما ترغبه نفسه (الله) يفعله"، مستخدمًا ذات المصدر الذي قد يبدو مقاومًا لإرادته ليحقق به إرادته... البابا غريغوريوس (الكبير) |
|