رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اتهامه أنه ينتقد تصرفات الله فَأَجَابَ أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ: [1] هَلْ يَنْفَعُ الإِنْسَانُ اللهَ؟ بَلْ يَنْفَعُ نَفْسَهُ الْفَطِنُ! [2] قبلًا كان الأصدقاء الثلاثة يتهمون أيوب بالرياء، إذ لم يجدوا خطية يمكن أن يمسكوا بها ضده، لقد أصروا أنه حتمًا كان مرائيًا، يفعل الشر خفية. أما علامة ريائه فهي أن ما حلّ به من نكبات متلاحقة علامة غضب الله عليه. الآن يضع أليفاز سلسلة من الاتهامات أولها حاول أن يستخرجها من كلمات أيوب أثناء الحوار بتأويلها حسب وجهة نظرهم. أول هذه الاتهامات هي أن أيوب يشكو من تصرفات الله وينتقدها، وكأنه يحكم على الله بالظلم. حسب أليفاز شكوى أيوب من كثرة نكباته بأنه يتهم الله بالظلم. هذا إتهام باطل، فإن أيوب كان أبعد ما يكون من أن يفكر هكذا. إن استبعدنا نية أليفاز في اتهام أيوب فإن حديثه يحمل جانبًا صادقًا، وهو أن الله ليس محتاجًا إلى صلاح الإنسان، ولا منفعة له في ذلك، وإنما المنفعة تنصب على الإنسان الذي هو موضوع حب الله واهتمامه ورعايته. فالفطنة أو الحكمة هي لبنيان الإنسان وأن مصدر الحكمة هو الله. "أما الحكمة فنافعة للإنجاح" (جا 10: 10). "التقوى نافعة لكل شيء" (1 تي 4: 8). "إن كنت حكيمًا، فأنت حكيم لنفسك" (أم 9: 12). * "هل يُقارن إنسان بالله، حتى وإن كانت له معرفة كاملة؟" [2] الذين يبلغون إلى الحضيض في وضع اتهامات معينة، إذ يناقضون كلمات الحق، غالبًا ما يكررون ما هو معروف، لئلا بإمساكهم لسانهم يبدو أنهم مهزومون. هكذا أليفاز إذ ضغطت عليه أقوال الطوباوي أيوب نطق بأمور معروفة لكل أحدٍ. البابا غريغوريوس (الكبير) القديس يوحنا الذهبي الفم هَلْ مِنْ مَسَرَّةٍ لِلْقَدِيرِ إِذَا تَبَرَّرْتَ، أَوْ مِنْ فَائِدَةٍ إِذَا قَوَّمْتَ طُرُقَكَ؟ [3] الإنسان في ضعفه ومحدوديته يعجز عن أن يقدم أي نفع لله الكلي الكمال الذي لا يزداد في شيءٍ ما. هل يمكن للشمعة أن تفيد الشمس في شيء؟ وهل من نقطة ماء في كوب أن تؤثر على المحيط؟ إن صارت طرقنا كاملة تمامًا فهل يمكنها أن تنفع الله. وأية مسرة لذاك القدير إن صرنا أبرارًا. فهو مصدر السلام والتطويب والبهجة. إن حدثنا بلغتنا البشرية أنه يُسر بنا، إنما يكشف هذا عن حبه لنا، وشوقه إلى خلاصنا ومجدنا، دون أن ينتفع من برَّنا وتقديسنا في شيء خاص به. * "هل من نفع لله إذا تبررت؟ أو من فائدة إذا قدَّمت طرقك؟" [3] في هذا كله نحن نفعل حسنًا، نعمل لصالحنا لا لصالح الله. لذلك قيل بالمرتل: "يا نفسي قولي للرب: أنت إلهي، لست في حاجة إلى خيراتي" (مز 16: 2). فهو بالحق ربنا، إذ هو أيضًا بالتأكيد الله غير المحتاج إلى أحدٍ يخدمه، بل يرد الخير الذي يتقبله، حتى أن الخيرات التي تُقدم لا تفيده هو بل الذين تقبلوها أولًا وترتد ثانية إليهم. يقول الرب عند مجيئه للدينونة: "بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت 25: 40). يقول هذا بحنوٍ فائقٍ وتعاطفٍ مع أعضائه. البابا غريغوريوس (الكبير) * لا يحتاج إلى خدماتنا كما يحتاج السادة إلى خدمهم، بل ترجع أعمالنا ذاتها إلينا لنفعنا نحن. بالنسبة لهم ينتفع السادة بخدمة الخادم، أما بالنسبة لخدمتنا كخدمٍ فلا ينتفع بها السيد، بل يتمتع الخادم بالمنفعة كقول المرتل: "خيري لا شيء غيرك" (مز 16: 2). قل لي: ما هو نفع الله إن كنت بارًا، أو ماذا يصيبه إن كنت ظالمًا؟ أليست طبيعته غير قابله للفساد، ولن يمسها أذى، أسمى من كل ألم؟ القديس يوحنا ذهبي الفم هَلْ عَلَى تَقْوَاكَ يُوَبِّخُكَ، أَوْ يَدْخُلُ مَعَكَ فِي الْمُحَاكَمَةِ؟ [4] عندما يوبخنا الله لكي نصير أتقياء، لا يفعل هذا عن ضرر قد أصابه، لكنه كأبٍ يود أن ندخل في شركة معه، فنصير أيقونة حيَّة له، وذلك لمجدنا نحن. إنه يوبخ لأجلنا. إنه لا يدخل في محاكمة كمن أصابه ضررٌ، وإنما لكي يعطينا فرصة الحوار، فنشعر بحبه المتنازل ورعايته لخلاصنا. * "هل خوفًا منك يوبخك؟ أو يدخل معك في المحاكمة؟" [4] من يفكر هكذا إلا إذا كان فاقدًا لحواسه، كأن الرب ينتهرنا عن خوفٍ أو يصدر حكمًا علينا عن رعبٍ؟ ولكن الذين لا يعرفون كيف يزنون كلماتهم ينزلقون بلا شك في حديثٍ باطلٍ... هكذا أليفاز الذي نطق بكلمات باطلة، نطق بكلمات فجأة فاسدة وبعنفٍ. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أيوب | فزعه من اتهامه بالرياء |
أيوب | اتهامه بالإلحاد العملي |
أيوب | اتهامه بمقاومة صنع الخير |
أيوب | اتهامه بالوحشية |
حزب النور ينتقد تصرفات وزارة الداخلية في التنكيل بالمعارضة |