مرأة ماخض مُقبلة على إنجاب مولودها الأول غير قادرة على تمييز لهفتها لاستقباله خلال ألمها الحاضر ، سمعتُ بكاء ذاك المولود المُنتظر و شعرتُ بأمّه تطرد وجعها و ألمها من رؤوس أصابعها كخيوط دخان رمادية تتلاشى في سقف الغرفة بينما حواسها كلها محدقة بوجه طفلها الجميل، هكذا كان حضورك وسط معاناتي . لا أجد من الكلمات ما يكفي لوصف ذلك ، كان كمن يشق بحد سيفه الحجال الداكن الموضوع عنوة على خلايا دماغي لتبصر من بعدها جمال وجهك يا سيد . و تلاشى كل شيء . كيف؟ لا أعلم . لقد تناثرت كل الحشرات التي كانت مُتكدسة فوق عفن الماضي و عادت نفسي لتستنشق الهواء من جديد و هي تبكي بكاءً مختلفاً هذه المرة كأنها ذاك الطفل المولود جديداً . باتت ترى الحياة بعيون مختلفة ، ترى الجمال الذي فيها و في كل الخليقة من حولها ، ولكن نعم بشكل مختلف . كأنّما الجمال ممزوجاً بالحكمة و قليلاً من الحيرة و رشة من الألم ليغدو مُنكّهًا بالنهاية بطعم الايمان و الرجاء اللذين بدونهما لا يُمكنك تذوق الحياة. وقد سمعتُ صوتك كهدير مياه كثيرة يروي ظمأ قلبي و ينبت فيّ فكراً جديداً مازال في أوّل نموّه . كأنما تُرك لي أمانة رعايته و استمرار بقائه.