24 - 03 - 2023, 11:06 AM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
شهوة الجسد [11-14]
عِظَامُهُ مَلآنَةٌ قُوَّةً،
وَمَعَهُ فِي التُّرَابِ تَضْطَجِعُ [11].
يسقط في الشهوات الشبابية التي تملأ عظامه، وتمسك به ولا تفارقه إلى يوم موته.
* (برى صوفر أن) الفساد الذي ينبعث من أيوب يفسد عظامه بانحلال جسده، فيتلف جمال "شبيبة" أيوب. تنام عظامه معه في التراب، إذ يصير أيوب ترابًا من القيح وروث المزبلة حيث كان مُلقى هناك.
* ما هي "شبيبة" المرائي إلا بدء شر شبابه عندما تاق واشتهى احتضان هوى المجد... فما بدأه بشرٍ يزيده يوميًا ويتقوى خلال العادة الشريرة... لذلك كُتب في الأمثال: "رَبِ الولد في طريقه، فمتى شاخ أيضًا لا يحيد عنه" (أم 22: 6). هذه العظام عينها ترقد معه في التراب، لأن الممارسات الشريرة تستمر معه حتى تسحبه إلى تراب الموت.
البابا غريغوريوس (الكبير) * الجسم في ذاته ليس عائقًا، إنما بالحري بسبب شرنا لا نستطيع أن نرث ملكوت الله.
إِنْ حَلاَ فِي فَمِهِ الشَّرُّ،
وَأَخْفَاهُ تَحْتَ لِسَانِهِ [12].
يستعذب الشهوات، فيصير الشر عذبًا في فمه، ويخفيه تحت لسانه حتى لا تفارقه اللذة، كأشهى ما يجده.
* "إن حلا في فمه الشر... لكن لا يقدر أن يسنده" [12]. في هذه العبارة يحذر أيوب. إنه يقصد أن أيوب يستعذب شره بكلماته، بمعنى آخر يغطي عليه ويخفيه بأسلوبه، بالكلمات التي يعبر بها عن نفسه... بهذا لا يقدر أن يسند نفسه. بسبب الشرور التي حلت به يظهر كشريرٍ؛ وهو يؤنبه، إذ يود أن يخفي تصرفاته من الخارج، ولم يراعِ أنه يستحيل إخفائها.
* "عندما يصير الشر حلوًا في فمه، يخفيه تحت لسانه" [12]. الشر حلو في فم المرائي، حيث يستعذب الشر في فكره. لأن فم القلب هو الفكر، حيث كُتب: "الشفاه الغاشة تنطق شرًا في قلب مخادع" (مز 12: 2). الآن، الشر الحلو في فم المرائي مخفي تحت اللسان، حيث أن عنف التصرفات الشريرة يكمن مخفيًا في الذهن، مختفيًا تحت ثوب الذهن الناعم...
البابا غريغوريوس (الكبير) * تؤذي الخطايا النفس بخطورة أعظم من أذية الدود للجسم. ومع هذا فنحن لا ندرك فسادها، ولا نشعر بإلحاح ضرورة التطهر منها. وذلك كالسكران الذي يعجز عن أن يعرف كيف أن مذاق الخمر مشمئز، أما المتعقل فيمكنه تمييز ذلك بسهولة. هكذا بالنسبة للخطايا، فمن يعيش في وقارٍ يميز بسهولة الوحل والفساد، وأما من يعيش في الشرٍ فيكون كالمخمور بالمسكر، فلا يتحقق من أنه مريض. هذا هو أشر ما في الخطية أنها لا تسمح للساقطين فيها أن يدركوا حالة المرض الخطير التي هم فيها، وإنما يكونون كمن يرقدون في وحلٍ ويظنون أنهم يتمتعون بالأطياب. فليس لديهم أدنى رغبة للتحرر. وإذ يعمل فيهم الدود يفتخرون كمن لديهم حجارة كريمة. لهذا لا يريدون قتل (الخطية)، بل أن ينعشوها ويضاعفوها حتى تعبر بهم إلى الدود الذي في الحياة العتيدة.
أَشْفَقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ،
بَلْ حَبَسَهُ وَسَطَ حَنَكِهِ [13].
إذا ما أمسكت به اللذة يخفيها فيه كمن يحبسها تحت لسانه. يكون كالزانية التي قيل عنها: "وأكثرت زناها بذكرها أيام صباها التي فيها زنت" (حز 23: 19).
إخفاء اللذة وإبقاؤها تحت اللسان يدل على جهده الذي يبذله في إخفاء شهوته المحبوبة لديه جدًا.
لكن ذاك الذي يعرف ما في القلب والفكر يعرف أيضًا ما يخفيه الشرير من لذة يخفيها تحت لسانه.
* "يشفق عليه ولا يتركه، بل يحبسه في حنجرته " [13]. يشفق على الشر الذي يتلذذ به. إذ لا يمارس الندامة، يصطاده في داخله. لذلك أُضيف أيضًا: "ولا يتركه"، فإنه لو كان لديه فكرة عن تركه لما كان يشفق عليه، بل يتعقبه بإحكام. الآن "يحتفظ به في حنجرته"، إذ يحتجزه في الفكر، فلن ينطق به قط في حديثه.
البابا غريغوريوس (الكبير)
فَخُبْزُهُ فِي أَمْعَائِهِ يَتَحَوَّلُ!
مَرَارَةُ أَصْلاَلٍ فِي بَطْنِهِ [14].
إذ تصير الشهوة طعامه اليومي الذي يملأ أمعاءه، تتحول إلى سمٍ قاتلٍ في أعماقه. بينما يظن في اللذة سرّ حياته وسعادته، بدونها ليست له حياة، إذا بها ترديه قتيلًا بسمها الذي أخفاه فيه.
* فخبزه في بطنه يتحول إلى مرارة أصلال فيه" [14]. يدعو صوفر سم الشر "مرارة الصل"، فإنه إذ تنتشر مرارة الصل في الأحشاء لا يمكن تفاديها بعد، إذ تقتل من تنتشر في أحشائه. هذا أمر واضح ومعروف للكل. هكذا سم الشر يعمل في كل الذين يكتمونه.
* يوجد نوعان من الطعام، واحد يخدم الخلاص، والآخر يناسب الهالكين... يليق بنا ألا نسيء استخدام عطايا الآب... لنستخدمها في تجردٍ، ونحفظها تحت سيطرتنا. بالتأكيد أُمرنا أن نكون سادة وأرباب للطعام وليس عبيدًا له.
* الخبز في البطن مثل الشبع بالملذات الأرضية في الذهن. لهذا فليشبع المرائي الآن إلى التمام بالمديح الذي لا يقدر على مقاومته! ليمرح بالكرامات!
"خبزه في بطنه يتحول إلى مرارة أصلالٍ" [14]، لأن الملء بالمُتع الوقتية يتحول في يوم الدينونة النهائي إلى مرارة، فما يعبر هنا كمديح للعظمة ينكشف أنه "مرارة أصلال"، أي زهو أرواح شريرة... الفرح بالمتعة الوقتية حلو عندما يُذاق هنا بمضغ الأسنان، لكنه يتحول إلى مرارة في البطن عندما يعبر الفرح، ويُبتلع إلى دمار الشخص.
البابا غريغوريوس (الكبير)
|