إذ كان بعض الرهبان في طريقهم لشراء بعض مستلزمات الدير سمعوا وهم في الصحراء صوت أنين. صاروا ينصتون إلى الصوت، أنه صوت إنسان مريض في إحدى الشقوق تحت الأرض. دخل الأباء الرهبان كهفًا فوجدوا عذراء متوحدة يبدو عليها علامات الإعياء الشديد. دار بينهم وبينها الحوار التالي:
ما هو اسمك؟
استحسن ألا يعرف أحد اسمي، لكي لا تكون لي ذكرى في هذا العالم.
متى أتيتِ إلى هنا؟
لي في هذا الموضع ثمانية وثلاثون عامًا داخل الكهف.
من يخدمك؟
لا يخدمني أحد، أنا خادمة للسيد المسيح.
ماذا تأكلين؟
أتغذى على الأعشاب الطبيعية الموجودة بجواري.
هل تعرضتِ لحروب الفكر؟
لابد من حروب الفكر، خاصة في بدء حياتي. لكن التمسك بوعود الأب السماوي يملأ قلبي بالعزاء والصبر، فهو متكلي ورجائي.
هل رأيتِ أحدًا في الفترة الماضية؟
أنتم أيها الآباء أول من رأيتهم. فلم أنظر إنسانًا منذ خروجي من هذا العالم، وقد رتّب الله حضوركم كوعد السيد المسيح لي لكي تقدموا لي خدمة جليلة.
وما هي هذه الخدمة؟
لم تجب العذراء على السؤال، إنما رشمت نفسها بعلامة الصليب المباركة، وأغلقت عينيها، وصمتت. ثم فاح بخور طيب ملأ الكهف. عندئذ أدرك الآباء أن الله أرسلهم لكي يهتموا بتكفين جسدها المقدس بعد الصلاة عليه.