رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّكَ مَنَعْتَ قَلْبَهُمْ عَنِ الْفِطْنَةِ. لأَجْلِ ذَلِكَ لاَ تَرْفَعُهُمُ (تمجدهم) [4]. أما عن أصدقائه فبسبب سوء نيتهم نزع الرب عنهم الحكمة والتمييز. فارقتهم الحكمة التي وُهبت لهم من الله، إذ استردها، لأنهم لا يستحقونها. فحيث لا يوجد الحنو نحو المتألمين ينزع الله الفطنة من قلوبهم، تزول عنهم الكرامة ويلتصق بهم العار، ويصيرون في حالة انهيار، وليس في نمو وارتفاع. وبالتالي لا تكون لديهم القدرة على إدراك رحمة الله ولا التمييز لفهم معاملاته، خاصة عندما يسمح بالضيق لمؤمنيه. * إنه لمن النافع لنا أن يكون أعداؤنا محدودين في الحكمة ومجردين منها. لهذا يقول بولس: "لكننا نتكلم بحكمة الله في سرِّ، الحكمة المخفية التي وضعها قبل كل الدهور لمجدنا، التي ليس أحد من رؤساء هذا العالم يعرفها، فإنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1 كو 2: 7-8). "لذلك لا تمجدهم"... لماذا؟ من أجل ما هو لنفعنا، هكذا معرفة الحق مخفية عنهم (الشياطين)؛ وإذ يرغبون الشر، يشتهون أن يجعلونا جهلاء ونجدف على الخالق. الأب هيسيخيوس الأورشليمي الذين يقبلون التأديب الإلهي بفطنة وتمييز تنسحق قلوبهم بالتوبة، ويتمتعون بالمجد. "لأن الذي يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله، إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين، فأي ابن لا يؤدبه أبوه؟" (عب 6:12-7). * لتفرح وأنت تحت الجلدات، فإن الميراث محفوظ لك، لأنه لا يطرد شعبه. هو يؤدب إلى حين، ولا يدين إلى الأبد . القديس أغسطينوس الآن يحتمل البعض جلدات لكنهم لا يشكلون حياتهم لتتجدد بخوف الرب الذي يجلدهم. لذلك بحق قيل الآن: "نزعت قلوبهم بعيدًا عن التأديب". بمعنى أنه وإن كان الجسم تحت التأديب، فإن القلب ليس تحت التأديب مادام الشخص المضروب بالعصا لم يرجع إلى تواضع الذهن. لم يقل هذا كما لو كان القدير، الإله الرحوم، قد نزع قلب الإنسان بعيدًا عن التأديب. إنما بعد سقوطه بإرادته، يسمح الله له أن يبقى على حاله في السقوط... "لذلك فإنهم لا يتمجدون"، فإنه إن كان القلب تحت التأديب، يطلب الأمور العلوية، ولا يفتح فمه طالبًا الزمنيات... بينما الذين يطلقون أنفسهم نحو الملذات المنحطة يشتاقون دومًا إلى خيرات الأرض. إنهم لن يرفعوا قلوبهم نحو مباهج السماء، فلو أنهم رفعوا عقولهم نحو الرجاء في المدينة السماوية لتمجدوا... البابا غريغوريوس (الكبير) |
|