منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 05 - 2012, 10:56 AM
الصورة الرمزية الصخره
 
الصخره Male
..::| العضوية الذهبية |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  الصخره غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 97
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 44
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 4,087

سفــــــر الخـــروج

المراجع : الكتاب المقدس
: قاموس الكتاب المقدس
: من تفسير وتأملات الآباء الأولين : للقمص / تادرس يعقوب ملطي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
تقديم : بدأ الكتاب المقدس أسفاره بالتكوين ، حيث أعلن بدء الخليقة وبدء الحياة البشرية فى أحضان الله محب البشر .. لكن سرعان ما سقط الإنسان تحت العصيان فخرج من الفردوس يحمل فى نفسه فراغا ليس من يملأه ؛ وفى قلبه موتا أبديا ليس من يقدر أن يفلت منه .
لم يقف الله مكتوف الأيدى أمام محبوبه الإنسان ، فإن كان الإنسان قد خرج معطيا لله القفا لا الوجه ؛ التزم الله فى حبه أن يخرج إليه ليخلصه ويرده إلى أحضانه الإلهية مرة أخرى . وهكذا جاء سفر الخروج يعلن بطريقة رمزية عن خلاص الله المجانى ، فقدم لنا خروج الشعب القديم من أرض العبودية بيد الله القوية منطلقا نحو حرية مجد أولاد الله ، وكأن هذا السفر وهو يقدم لنا حقائق تاريخية واقعية لم يقصد أن يسجل الأحداث لأجل ذاتها ، فهو ليس سجلا تاريخيا . وإنما أراد أن ندخل إلى الأعماق لنكشف خلاصنا الذى نعيشه فى حياتنا الآن
مصر والعبرانيون :
لما كان محور هذا السفر هو خروج العبرانيون من أرض مصر ، لذا فإننا نفهم فرعون بمثل الشيطان الذى يأسر أولاد الله ، ومصر تشير إلى العالم ، والشهوات المصرية إنما تشير إلى شهوات العالم ، والعبرانيين تشير إلى المؤمنين الذين يعيشون كغرباء فى العالم .. فالحديث يأخذ الصورة الرمزية . لكن الآن صارت مصر علامة البركة كوعد الرب : " مبــارك شعبــى مصر " إش 19 : 25 ، " إذ يعرف الرب فى مصر ويعرف المصريون الرب فى ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به " إش 19 : 21 ... وصارت " إسرائيل " إنما تشير إلى " إسرائيل الجديد " أى الذين قبلوا الإيمان بالسيد المسيح المخلص ، وليس إسرائيل كأمة وجنس معين .
مقدمة السفر :
تسميته : لم يعط العبرانيون لهذا السفر إسما ، وإنما اعتبروه جزءا لا يتجزأ من التوراة ككل ، فكانوا يدعونه " هوميس سينى " بمعنى " الثانى من الخمسة " أى السفر الثانى من أسفار موسى الخمسة ، أما اسمه فى الترجمة السبعينية فتعنى " خــروج " .
كاتب السفر :
كتب موسى النبى هذا السفر بوحى إلهى ، يظهر ذلك من الدلائل الآتية :
1- يبدأ السفر بحرف العطف " واو " قائلا " وهذه أسماء " ، وكأن هذا السفر هو تكملة للسفر السابق له " سفر التكوين " .
2- قدم لنا السفر أحداثا بدقة بالغة ، وفى كثير من التفاصيل مما يدل على أن الكاتب هو شاهد عيان ، بل أنه قائد عملية الخروج .
3- سجل حوادث خاصة بموسى النبى نفسه مثل قتله المصرى سرا وأنه إلتفت يمينا ويسارا قبل قتله ، وروى لنا تفصيل الحديث بينه وبين العبرانى الذى كان يظلم أخيه ، كما روى لنا أخذ زوجته وإبنيه على حمير وختان إبنه .... الخ .
4- قبل السامريون هذا السفر كأحد أسفار موسى الخمسة ، وهم أعداء اليهود ، فلولا تأكدهم من الكاتب لما قبلوه .
الرأى الأرجح أن خروج اليهود من مصر تم حوالى عام 1447 ق.م. أثناء الأسرة المصرية الثامنة عشر ، أيام تحتمس الثالث ، أو فى زمن أمنوفيس الثانى . هذا يتفق مع قضاة 11 : 26 ، إذ يذكر يفتاح الذى عاش حوالى عام 1100 ق.م.
يتفق هذا الرأى أيضا مع ما ورد فى 1 ملوك 6 : 1 أن بيت الرب قد بنى فى السنة الأربعمائة والثمانين لخروج الشعب من مصر ، فإن كان سليمان قد بدأ فى بناء الهيكل عام 967 ق . م . أو 966 ق . م . يكون الخروج قد تم حوالى عام 1447 ق . م .
شخصية موسى النبى :
لهذا السفر أهمية خاصة ، إذ عرض حياة موسى النبى ، الذى صار ممثلا للعهد القديم كله بكونه مستلم الشريعة والمتكلم مع الله وقائد الشعب فى تحريره من العبودية للدخول به إلى أرض الموعد . لذا حين تجلى السيد المسيح على جبل طابور ظهر موسى وإيليا معه ( مت 17 : 1 – 8 ) . وفى سفر الرؤيا نسمع عن تسبحة موسى التى يترنم بها الغالبون فى السماء ( رؤ15 : 3 ) .
سفر الفداء والخلاص :
بدأ هذا السفر بالذل والأضطهاد وانتهى بظهور مجد اللـــه فى خيمة الإجتماع ، أى فى مسكنه مع عبه ( خر 40 ) .
سفر العبور :
قاسى الشعب الأمرين من العبودية لكنه لم يفكر فى الإنطلاق من الموقع إلا بعد أن أرسل الله لهم موسى يحدثهم عن الأرض التى تفيض لبنا وعسلا ، أى أورشليم ... هنا لم يعودوا يقبلون العبودية أو الأستسلام لها ...
أما عن إمكانية العبور ، فتكمن فى قول النبى : " نزل لينقذهم " خر 3 : 8 .. إنها إمكانيات نزول الله إلينا ...
سفر الوصية والعبادة :
بالرغم من وجود سفر متخصص فى الوصية الإلهية أو الناموس وفى العبادة الموسوية ، لكن موسى أصر أن يختم سفر الخلاص بأمرين : إســتلام الشـــريعة ، وخيمـــة الإجتمــــاع ..
العبادة هى غاية العبور : " إطلق شعبى ليعبدوننى " ... خلالها نتعرف على قانون السماء ( الوصية ) .. ونتدرب على السكنى مع الله ( الخيمة السماوية ) !
+ + +
خروج – الأصحاح الأول
الحاجة إلى مخلص
قصة العبودية :
يروى لنا هذا السفر قصة العبودية فى كثير من التفاصيل ، أولا لأنها تمثل قصة عبوديتنا للخطية التى من أجلها جاء السيد المسيح لتحريرنا . وثانيا لأن هذه التفاصيل تمثل جوانب حية تمس حياتنا وعلاقتنا مع الله . أما السبب الثالث فهو أننا كثيرا ما ننسى أو نتناسى هذه العبودية القاتلة ، لذلك عندما أعلن السيد المسيح رسالته ، قائلا : " تعرفون الحق والحق يحرركم " يو 8 : 32 ، أجابه اليهود : " إننا ذرية إبراهيم ولم نستعبد لأحد قط . كيف تقول أنت أنكم تصيرون أحرارا ؟! "
ويعلق القديس أغسطينوس على هذه الإجابة قائلا :
+ [ حتى إن نظرنا إلى الحرية التى فى العالم ( وليس التحرر من الخطية ) فأين الحق فى قولهم أننا ذرية إبراهيم ولم نستعبد لأحد قط ؟ ألم يبع يوسف ( تك 37 : 28 ) ؟ ألم يؤخذ الأنبياء القديسون إلى السبى ( 2 مل 24 ، حز 1 : 1 )؟ وأيضا أليسوا هم تلك الأمة التى كانت تخضع لحكام قساة فيصنعون اللبن ( الطوب الطينى ) فى مصر ؟ ]
والعجيب أنهم ينطقون بهذا الكلام فى الوقت الذى فيه كانوا مستعبدين للحكم الرومانى ، فإن هذه هى طبيعة الإنسان ، يستسلم للعبودية ويخضع خانعا لها ويظن أنه فى حرية .. لذا سجلت عبودية هذا الشعب وتحريرهم ، حتى نذكر دوما حاجتنا إلى السيد المسيح كمحرر لنفوسنا من أسر الخطية
( 1 ) نشأة بنى إسرائيل فى مصر :
إن كان قد دخل يعقوب وبنيه وأحفاده إلى مصر كعائلة واحدة ، فقد نأت الأمة اليهودية فى مصر ، وصار لها أول قيادة ( موسى النبى ) . لقد ترعرعت بعد موت يوسف ( ع 7 ) ، وسقطت تحت ظلم فرعون وعبودية المصريين ، لكن الله أعد موسى ودعاه للنضال ضد فرعون ليخرج الشعب خلال ذبيحة الفصح .
نزل يعقوب إلى مصر ومعه من صلبه الأثنى عشر أبا ليتغربوا ، ويسقطوا تحت الذل والعبودية لكننا نجد أسماءهم فى سفر الرؤيا قد سجلت على أبواب أورشليم السماوية ( 21 : 12 ) ، كما أحصى عدد المختومين من كل سبط كأولاد لله ينعمون بالأمجاد السماوية . إذن فليظلم العالم أبناء النور ، أما الله فحافظ لأولاده ، يحصيهم وينقش أسماءهم فى سفر الحياة .
" وكان جميع نفوس الخارجين من صلب يعقوب سبعين نفسا " ع 5
ياللعجب ! كيف تخرج نفس من نفس ؟ آدم يقول عن حواء : " هذه الآن عظم من عظامى ولحم من لحمى " تك 2 : 23 ، لكنه لا يقول " هذه نفس من نفسى " ، أيضا لابان ليعقوب : " إنما أنت عظمى ولحمى " تك 29 : 14 ... أما هنا فيقول : " جميع نفوس الخارجين من صلب يعقوب " .. وكأنما أراد أن يعلن عن نوع جديد من القرابة فوق مستوى الجسد ، أراد أن يحمل قرابة روحية نهتم بها .
هذه هى سمة إسرائيل الجديد ، أى الكنيسة ، إنها أم ولود ، تنجب نفوسا مقدسة تحمل سمات السيد المسيح .
أما سر النمو فيكمن فى العبارة التالية :
" ومات يوسف وكل إخوته وجميع ذلك الجيل ، وأما بنو إسرائيل فأثمروا وتوالدوا ونموا وكثروا كثيرا جدا وامتلأت الأرض منهم " ع 6 ، 7 .
يربط هنا بين موت يوسف واثمار إسرائيل ، وكأنه لا نمو للكنيسة – إسرائيل الجديد – إلا بموت السيد المسيح على الصليب !
لقد سقطت حبة الحنطة على الأرض وماتت ، وخلالها جاء كل هذا المحصول . وكما هو مكتوب : " كانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدا " أع 6 : 7 ...
( 2 ) خضوعهم للعبودية :
النتيجة الطبيعية للنمو المتزايد خلال صلب المسيح وموته هو هياج عدو الخير وثورته ، إذ يقول الكتاب : " ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف ، فقال لشعبه : هوذا بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا . هلم نحتال لهم لئلا ينموا فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض . فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكى يذلوهم باثقالهم فبنوا لفرعون مدينتى فيثوم ورعمسيس " ع 8 : 11
من هو هذا الملك الجديد إلا إبليس الذى يرتعب كلما رأى الرب يملك على قلوب أولاده ، يبذل كل طاقاته لتكريس جنوده وإمكانياته الشريرة لأستعباد البشر وإذلالهم بالعمل فى الطين ، أى يجعلهم يرتبكون فى الأعمال الأرضية .
لماذا يسمح الله لأولاده بالضيق ؟

أ – للأشتياق للحياة الأفضل ، فلو بقى الشعب فى راحة لما انطلقوا إلى كنعان .
ب – ليلتصقوا بالرب ، فالضيق يشعرنا باحتياجنا إلى عمل الله فينا ومعنا .
جـ - إن كان الله قد بدى كأنه قد ترك شعبه للمذلة ، لكن الكتاب يؤكد " بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا " ع 12 . إن كانت يد العبودية قد قست لكن الله لم يتركهم ، وعمل على خلاصهم بكل الطرق .
( 3 ) قتل الذكور :
إستدعى فرعون قابلتى العبرانيات شفرة وفوعة ، وطلب منهما أن يقتلا كل طفل ذكر عند ولادته ويستبقيا البنات ، وكان هذا الأمر سهلا ، فقد كانت العادة المتبعة فى مصر فى ذلك الوقت أن تتم الولادة على كرسى خاص ، فتستطيع القابلة أن تقتل الطفل قبل أن يراه أحد ، لكن القابلتان خافتا الله واستبقت الذكور والإناث .
العبرانيات : لقد دعى الشعب اليهودى بالعبرانيين ، نسبة إلى عابر أحد أجداد إبراهيم ( تك 10 : 21 ) ، لذلك كانت كلمة " عبرانى " تشير إلى اليهودى الأصيل وتميزه عن اليهودى الدخيل من الأمم .. ويدعى المؤمنون عبرانيين أيضا ، لأن طبيعة حياتهم " العبور " المستمر ، يشعر أنه غريب ومنطلق على الدوام من الأرضيات نحو السماويات .
مجازاة الله للقابلتين :
يقول الكتاب : " وكان إذ خافت القابلتان الله أنه صنع الله لهما بيوتا " ع 21 . فهل يصنع الله بيوتا ؟ إذ تشير القابلتان إلى الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، فإنه إذ يدرس بمخافة إلهية ويعيشهما المؤمنون كما يجب ، يقيم الله للكتاب موضعا فى أماكن كثيرة ، أى ينفتح مجال الخدمة وتقام بيوت لله . هكذا يحتاج العالم أن يرى فينا كلمة الله عاملة فى قلبنا بخوف إلهى ، فيجد الإنجيل له موضع فى كل قلب .
وقد أثار هذا النص جدلا : لماذا يكافىء الله القابلتين وقد كذبتا على فرعون ؟ ...
والرأى الأقرب للصواب : " ليس لأنهما كذبتا وإنما لأنهما صنعتا رحمة بشعب الله ، لم يكافىء فيهما خداعهما ( لفرعون ) بل معروفهما وحنو ذهنهما وأتيان الرحمة على الأطفال ، وليس خطأهما بالكذب "
طرح الأطفال فى النهر :
يقول الكتاب : " ثم أمر فرعون جميع شعبه قائلا : كل إبن يولد تطرحونه فى النهر ، لكن كل بنت تستحيونها " ع 22
تأمل الخطر الذى يهددك منذ ولادتك الجديدة ؟ أى منذ نوالك المعمودية .. فقد أصعد يسوع إلى البرية من الروح ليجرب من إبليس ( مت 4 : 1 ) ..

لكن السيد المسيح انتصر حتى يفتح لك طريق النصرة

+ + +
خروج – الأصحاح الثانى
إعداد موسى للخدمة
بعد أن كشف الأصحاح الأول عن الحاجة إلى مخلص جاءت الأصحاحات 2 – 4 تتحدث عن إعداد موسى النبى للخدمة :
( 1 ) موسى فى النهر

سمحت العناية الإلهية للشعب بتجربة قاسية ، وفى نفس الوقت كانت تعد لهم المنقذ ( 1 كو 10 : 13 ) .. أعد الله لهم موسى ودربه فى فترة ثمانين عاما حيث مر به فى مراحل ثلاث :
المرحلة الأولى : حيث عاش موسى فى قصر إبنة فرعون أربعين عاما يتثقف بحكمة المصريين وعلمهم ، وفى نفس الوقت كان يرضع لبن شعبه العبرانى . فى هذه الفترة ظن أنه قادر أن يخدم الله معتمدا على فصاحة لسانه وقدرة تدبيره وحكمته ... لكنه فشل .
والمرحلة الثانية : قضاها فى البرية لمدة أربعين عاما يتدرب فيها على معرفة نفسه أنه بدون الله لا يساوى شيئا ... عرف فيها نفسه أنه ثقيل الفم واللسان ( 4 : 10 ) ، عاجز عن العمل بذاته ( 4 : 14 ) .
أما المرحلة الثالثة : فبدأت بلقائه مع العليقة المشوكة الملتهبة نارا ، وتعرف على الله الذى يعمل فى اللاشىء ليقيم أعمالا مجيدة .
نعود بعد هذه المقدمة إلى موسى فى طفولته ، فيتحدث معلمنا بولس الرسول عن والديه كبطلى إيمان قائلا : " بالإيمان موسى بعد ما ولد أخذاه أبواه ثلاثة أشهر لأنهما رأيا الصبى جميلا ولم يخشيا أمر الملك " عب 11 : 23 . ونحن أيضا بالإيمان بالله الذى ينظر فى الخفاء إلى أعمالنا يلزمنا أن نخفى كل فضيلة حتى لا تصير فريسة لفرعون ( إبليس ) وتبتلعها أمواج النهر .
سقط من البردى : يقول الكتاب : " ولما لم يمكنها أن تخبئه بعد ، أخذت له سفطا من البردى وطلته بالحمرة والزفت ووضعت الولد فيه ووضعته بين الحلفاء على حافة النهر " ع 3 .
كان السفط هو الحافظ الظاهر للطفل ، أما دموع أمه فكانت الحافظ المستتر .
فى هذا يقول القديس غريغوريوس النيسى : [ من يهرب من مثل هذه الأمور يلزمه أن يقتدى بموسى ، ولا يكف عن الدموع ، فإنه وإن كان فى أمان داخل التابوت لكن تبقى الدموع هى الحارس القوى لمن خلص بالفضيلة ] .
( 2 ) موسى فى القصر :
إبنة فرعون : إنها تمثل الفلسفات الزمنية ، فهى عقيمة وغير مثمرة ، تتمخض ولكنها لا تلد ، وفى نفس الوقت لا تقف الكنيسة موقف العداء منها ، وإنما كما دخل موسى قصرها وإن كان قد نشأ يرضع لبن أمه ، هكذا تتقبل الفلسفات والعلوم ولا نحتقرها لكننا نتمسك بتعليم وتقليد الكنيسة أمنا وإنجيلها وتعاليمها وفكرها وكل حياتها .
أما من جهة الأسم : فقد دعته إبنة فرعون " موسى " ، الذى يعنى بالمصرية " ماء " ع 10 ، وهو الأسم الذى دعاه به الله نفسه .
( 3 ) موسى يخدم بغيرة بشرية :
إذ تثقف موسى بحكمة المصريين قرابة أربعين عاما ظن أنه قادر أن يخدم الله ، معتمدا على فصاحته وحكمته . ظن فى نفسه أنه شىء فارتبك فى خدمته ، إذ " التفت إلى هنا وهناك " ع 12 ، مهتما بنظرة الناس إليه ، مع أنه خادم الله لا يهيم ببغض الناس أو رضائهم عن خدمته ، ما دام يعلم أن الله هو الذى أرسله ... موسى خرج إلى الخدمة معتمدا على كفاءته الخاصة فخاف وهرب من الخدمة ( ع 15 ) .
هذا ويلاحظ أن ما تعرض له موسى إنما يتعرض له كل من يضع فى قلبه أن يكرس حياته لله ، فيواجه حربين : حرب شمالية ، وأخرى يمينية .
أ – الحرب الشمالية : وهى الحرب ضد الشر الواضح ، وذلك كما رأى موسى الصراع بين رجل غريب الجنس ومن هو من بنى جنسه ، فضرب الأول ضربة قاضية وطمره فى الرمل ، هكذا حمل ذلك صورة رمزية للمؤمن الذى لا يضرب كل إنسانا وإنما يضرب كل شر فى قلبه ويدفنه ، حتى لا يكون للخطية الغريبة عن طبعنا موضعا داخلنا .
ب – الحرب اليمينية : وهى حرب مع البر الذاتى ، حين يظن الإنسان فى نفسه أنه قد ار بارا أفضل من الآخرين ، ليست له خطايا واضحة ، وهذه حرب مثل ما بين العبرانى وأخيه ، أى بين الأنسان وذاته " الأنا " .
كذلك يواجه المؤمن حربين : حرب ضد الخطية ظاهرة وسهلة نسبيا ، وحرب الإنقسام الداخلى فى الكنيسة وهى أخطر وأقسى ... تؤدى إلى هروب الكثيرين من الخدمة ، كما اضطر موسى إلى ذلك
( 4 ) موسى فى أرض مديان
بعد أربعين عاما إنتقل موسى إلى البرية ليتدرب على معرفة حقيقة نفسه أنه لا شىء .. إذ يقول :
" من أنا حتى أذهب إلى فرعون ؟! " 3 :12 ... برغم أن فرعون وبيته ليسوا غرباء عن معرفة موسى لأنه تربى فى بيت فرعون ! .. ولكنه بهذا الفكر الذى ينكر فيه ذاته تأهل لنوال قوة إلهية .
هناك فى البرية سكن رعوئيل الذى تفسيره " الله صديق " ، وتزوج موسى بصفورة إبنته التى تعنى " عصفورة " وأنجب منها جرشوم الذى يعنى غريب .
أما عمل موسى فكان رعاية الغنم ، وفى هذا صورة السيد المسيح الراعى الصالح الذى يرعى حركات النفس الداخلية .

+ + +
خروج – الأصحاح الثالث
العليقــة المتقــــدة نـــارا
( 1 ) العليقة المتقدة نارا :
بينما كان موسى يرعى غنم حميه يثرون ساق الغنم إلى وراء البرية وجاء إلى جبل الله حوريب ، وإذا به يرى عليقة تتقد نارا ولا تحترق ، فقال : " أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم " ع 3 . هنا دخل موسى النبى إلى مرحلة جديدة هى مرحلة اللقاء مع الله الذى هو سر القوة ، والراعى الخفى الذى يعمل لخلاص العالم وبنيان الكنيسة .
والآن إلى أى شىء تشير هذه العليقة المتقدة ؟
نأخذ بعض تأملات الآباء :
· يرى القديس اكليمنضس الإسكندرى أنها إعلانا عن الميلاد البتولى ، فقد ولد السيد المسيح من البتول ، وبميلاده لم تحل بتولية العذراء .
· يرى القديس كيرلس الإسكندرى أن العليقة حملت سر التجسد الإلهى ، فقد اتحد اللاهوت بالناسوت دون أن يبتلع الناسوت ، فإنه ما كان يمكن لموسى النبى أن يبدأ هذا العمل الخلاصى ما لم يتلمس ظلال التجسد الإلهى ، فيتعرف على " الكلمة الإلهى " المتجسد كصديق للبشرية ، صار واحدا منا ، وعاش بيننا ...
· رأى القديس يوحنا الذهبى الفم فى العليقة صورة حية لقيامة السيد المسيح الذى حمل جسدا حقيقيا ، ومات فعلا ، لكنه لم يمسك فى الموت على الدوام .
ويلاحظ أن الكتاب يقول " وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة " ع 2 . وهنا كلمة ملاك تعنى " مرسل " ، وتشير إلى الأقنوم الثانى ، ... فلو أن الذى ظهر ملاك وليس الأقنوم الثانى لما قال " ناداه الله من وسط العليقة ... ثم قال أنا إله أبيك إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب . فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله " ع 4 – 6 .
( 2 ) خلع الحذاء

يقول الرب لموسى : " لا تقترب إلى هنا ، إخلع حذاءك من رجليك ، لأن الموضع الذى أنت واقف عليه أرض مقدسة " ع 5 .
نحن ندخل الهيكل حفاة الأقدام كوصية الرب لموسى النبى ، وخلع الحذاء يشير إلى الشعور بعدم تأهلنا حتى للوقوف فى هذا الموضع المقدس الذى فيه تقدم الذبيحة المخوفة التى تشتهى الملائكة أن تطلع عليها ، خلع الحذاء أيضا عند الآباء يحمل معان أخرى كثيرة وعميقة ، نذكر منها :
· أن آدم عندما كان فى الجنة لم يكن بحاجة إلى لبس حذاء ، لأن الأرض لم تكن بعد قد أنبتت شوكا وحسكا ، وكأن بموسى النبى وهو فى حضرة الله كأنه فى جنة عدن ، حيث وجود الله معنا ، فلا حاجة لنا إلى الحذاء لأن الأرض أصبحت مقدسة كجنة عدن بوجود الله .
· كانت الأحذية فى القديم تصنع من جلد الحيوان الميت ، وكأن الله بوصيته هذه يطلب منا أن نخلع عنا محبة الأمور الزمنية الميتة لنلتصق بالسمويات الخالدة حتى نلتقى به .
( 3 ) دعوة موسى :
من خلال العليقة الملتهبة نارا دعى موسى وهو واقف حافى القدمين ليتسلم خدمة شعب الله ، حقا إن المتحدث نارا آكلة ( إش 10 : 7 ) ، والدعوة صدرت عن النار الإلهية ، لكنها لا تؤذى موسى بل تسنده وتلهبه ... كما فغل الروح القدوس النارى فى التلاميذ ، الذى أحرق ضعفاتهم وأعطاهم قوة للحياة الجديدة الكارزة ( مت 3 : 11 ، أع 2 ) .
إذ دعى الله موسى النبى لم يحدثه عن مؤهلاته للخدمة وإمكانياته البشرية بل حدثه عن نفسه ، الإمكانيات الإلهية المقدمة له ، قائلا له : " أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب " ع 6 .
وكانت هذه الكلمات تخرج بسلطان وقوة نارية حتى " غطى موسى وجهه لأنه خاف " ع 7 . تحدث أيضا عن قيامه هو بالخلاص فقد رأى وسمع وعلم مذلة شعبه لذا فهو ينزل لإنقاذهم .
أما سر قوة موسى النبى فهو : " إنى أكون معك " ع 12 . وهوذات الوعد الذى بعطيه لجميع أنبيائه ورسله وكل العاملين فى كرمه . فيقول ليشوع بن نون " كما كنت مع موسى أكون معك ، لا أهملك ولا أتركك " يش 1 : 5 . ويؤكد لأرميا النبى " لأنى أنا معك يقول الرب لأنقذك " أر 1 : 16 ، ويقول لتلاميذه " ها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر " مت 28 : 20 .
( 4 ) إعتذار موسى :
أراد موسى أن يستعفى عن الخدمة قائلا : " من أنا حتى أذهب إلى فرعون وحتى أخرج بنى إسرائيل من مصر ؟! " ع 11
طبيعة موسى الضعيفة بالرغم من كونه من رجال الإيمان جعلته يتردد فى قبول الدعوة ، وربما كان ذلك من آثار فشله الأول حين خرج إلى الخدمة متكلا على ذراعه البشرى . فما كان له أن يقول " من أنا ؟ ! " بعد أن عرف أن الله نفسه هو الذى يرسله وهو الذى ينزل ليخلص .
أصر موسى على إعفائه أكثر من مرة ، تارة يضع أسئلة واعتراضات ، كأن يقول " فإذا قالوا ما إسمه ، فماذا أقول لهم " ع 13 والرب يجيبه ، وأخرى يقول " ولكن ها هم لا يصدقوننى " 4 : 1 فيعطيه الرب إمكانية عمل آيات ومعجزات ... ! وثالثة يعترض بسبب ضعفه الشخصى قائلا " أنا ثقيل الفم واللسان " 4 : 10 والله يؤكد له أنه هو خالق الفم واللسان " إذهب وأنا أكون مع فمك وأعلمك ما تتكلم به " 4 : 12 وإذ لا يجد أى حجة يقول " إستمع أيها السيد ، إرسل بيد من ترسل " 4 : 13 ، حتى حمى غضب الله : 14 فأعطاه هرون شريكا معه فى الخدمة .
( 5 ) إسم الله :
عرف موسى أن الذى يحدثه هو الله ، فسأله عن إسمه " فقال الله لموسى أهيه الذى أهيه ، وقال هكذا قل لبنى إسرائيل أهيه أرسلنى إليكم ... إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب أرسلنى إليكم " ع 14 ، 15 .

أولا : أهيه الذى أهيه ahiah
هذا الأسم يكشف عن جانبين فى الله : أولا : أنه هو الكائن وحده الذى بجواره يكون الكل كأنه غير موجود ، ثانيا : أنه ليس إسم يقدر أن يعبر عنه .
أى [ اخبرهم أولا أنى أنا هو الكائن حتى يعرفوا الفارق بين من هو كائن وما هو ليس بموجود . كما قدم لهم الدرس الآخر أنه لا يمكن لإسم ما أن يستخدم ليليق بى أنا الذى إليه وحده ينسب الوجود ] .

ثانيا : إلــــه آبائكــم
قول الله لموسى " إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب " ع 15 وتكرارها ثلاث مرات فى هذا اللقاء بين الله وأول قائد للشعب ( ع 6 ، 15 ، 16 ) سحب قلب آباء الكنيسة إلى علامة الصداقة الإلهية الإنسانية فمع أن الله هو إله العالم كله ، إله السمائيين والأرضيين ، إلا أنه ينسب نفسه للأخصاء أصدقائه . إنه لا يود أن يكون سيدا بل صديقا فنراه يكلم موسى وجها لوجه كما يكلم الصديق صاحبه ( خر 33 : 11 ) .
وأخيرا ، نلاحظ أن السيد المسيح إستخدم الأسم ليؤكد للصدوقيين القيامة ، فإن الله إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب إله أحياء وليس إله أموات ( مت 22 : 31 ، 32 ) فإن كان الله هو الحى إنما ينسب لنا ، واهبا إيانا الحياة لنبقى معه إلى الأبد .
( 6 ) سر الأيام الثلاثة :
أمر الله موسى أن يطلب مع الشيوخ من فرعون قائلين : " الرب إله العبرانيين إلتقانا ، فالآن نمضى سفر ثلاثة أيام فى البرية ونذبح للرب إلهنا " ع 18
لقد طلب الرب منهم أن يخرجوا سفر ثلاثة أيام فى البرية ويذبحوا للرب ، وكان فرعون يطلب من موسى وهرون أن تقدم الذبائح فى أرض مصر ، لكن موسى أجابه " لا يصلح أن نفعل هكذا ... نذهب سفر ثلاثة أيام فى البرية ونذبح للرب إلهنا كما يقول لنا " 8 : 26 ، 27 . وأخيرا سمح لهم بالخروج ، لكنه كان يقول لهم " لا تذهبوا بعيدا " 8 : 28 ، أما موسى فأصر على السفر ثلاثة أيام ... لماذا ؟
الطريق الذى يخرج فيه الشعب ليقدم لله ذبيحة إنما هو السيد المسيح نفسه الذى قام فى اليوم الثالث ، وخلال قيامته تقبل كل عبادة وتقدمة منا للآب .
خبرة الأيام الثلاثة أى القيامة مع السيد المسيح اختبرها قبلا إبراهيم أب الآباء ، هذا الذى خرج من بيته ثلاثة أيام وعندئذ رأى العلامة فقدم إبنه ذبيحة حب لله ( تك 22 : 4 ) .
( 7 ) يد الله القوية :
من حين إلى آخر يؤكد الله لموسى قدرته على الخلاص قائلا : " فأمد يدى واضرب مصر بكل عجائبى التى أصنع فيها وبعد ذلك يطلقكم " ع 20 ...
أما غاية هذا العمل الإلهى الخلاصى فهو " أصعدكم .... إلى أرض تفيض لبنا وعسلا " ع 17 – اللبن والعسل إنما يشيران إلى حياة الشبع واللذة الروحية ، لهذا كان المعمدون فى الكنيسة الأولى يشربون أثناء طقس المعمودية لبنا ويأكلون عسلا ، إذ بالمعمودية صار لهم حق الدخول إلى كنعان السماوية الموعود بها .

+ + +
رد مع اقتباس
قديم 24 - 08 - 2016, 12:14 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
MenA M.G Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية MenA M.G

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 123114
تـاريخ التسجيـل : Aug 2016
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 109,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

MenA M.G غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات فى سفر الخروج من اصحاح 1 الى اصحاح 3

تأملات رائعة
شكرا جدا
  رد مع اقتباس
قديم 24 - 08 - 2016, 11:25 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
الصخره Male
..::| العضوية الذهبية |::..

الصورة الرمزية الصخره

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 97
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 44
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 4,087

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

الصخره غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات فى سفر الخروج من اصحاح 1 الى اصحاح 3

شكرا للمرور
ربنا يباركك
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كلما ازداد العطاء ازداد الفرح
كلما ازداد الانسان تواضعاً ازداد طاعة وقداسة
كلما ازداد الألم و ازداد احتمالك كلما ازداد الاكليل ثقلاً
معا كل يوم اصحاح جديد6\10
معا كل يوم اصحاح جديد4\10


الساعة الآن 02:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024