هاجر إلى النوبة عدد كبير من الأقباط فيما بين القرن الثاني والقرن السادس الميلادي، وفي وسط الاضطرابات العقيدية التي جازتها الكنيسة في القرن السادس، والاضطهاد الذي عاناه الأنبا ثيؤدوسيوس بابا الإسكندرية على يد الإمبراطور جوستنيان، شغل الراهب يوليانوس نفسه عاملًا على توصيل رسالة المسيح إلى الذين لم يسمعوها من أهل بلاد النوبة. وفي سنة 542 م. - إذ كان الراهب يوليانوس موجودًا في النوبة - أرسل الإمبراطور وفدًا من عنده ليبشر النوبيين مناوأة منه لكنيسة الإسكندرية، فوصل وفد الإمبراطور إلى المملكة المتاخمة للحدود المصرية والتي كانت عاصمتها وقتذاك مدينة فرس Faras، ولكن سيلكو ملكها رفض هذا الوفد الإمبراطوري، إذ كان قد اطمأن إلى وفد الكنيسة القبطية وارتاح إلى معاملته وتعاليمه. تسليم الخدمة للنجينوس:
قضى الراهب يوليانوس في تلك المملكة ثماني عشرة سنة، نجح خلالها في تأسيس كنيسة منظمة لها رعاتها وخدامها العاملين فيها، ثم سلّم الشعلة المقدسة إلى راهب آخر اسمه لونجينوس كرّس حياته تكريسًا تامًا لخدمة الشعب النوبي. ونهج الملك أربيثوم ابن الملك سيلكو منهج أبيه من طاعة للوفد الكنسي القبطي، وتحت تأثير لونجينوس أمر بتحويل المعابد إلى كنائس. لونجينوس أسقف النوبة:
سمع ملك علوه (المملكة الوسطى) بجهاد لونجينوس الروحي، فبعث إليه برسالة سنة 575 م. يدعوه أن يأتي إلى بلاده، فلبّى الدعوة فورًا وذهب إلى منطقة سوبا، ولم يلبث أن اكتسب الملك إلى الإيمان وامتدت المسيحية بجهوده حتى بلغت ضفاف النيل الأزرق. ولشدة فرح الأنبا ثيؤدورس أسقف فيلا بأعماله تحدث عنه إلى الأنبا دميانوس الذي كان يجلس إذ ذاك على السُدة المرقسية، وفرح البابا بدوره فرحًا جعله يرسم لونجينوس أسقفًا على النوبة سنة 580 م.استكمالًا للرسالة ترجم الأقباط الكتاب المقدس إلى اللغة النوبية، وأصبحت النوبة أسقفية تابعة للكرسي المرقسي، ومع ذلك فقد سار الأقباط معهم على خطة احترام قوميتهم كما احترموا من قبل القوميات المختلفة في كل المناسبات التي ربطت بينهم وبين الشعوب الأخرى.