رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا! [33] شكوى أيوب تمثل صرخة البشرية منذ سقوطها، فهي في حاجة إلى مصالحٍ يمكن اللجوء إليه ليرد الإنسان إلى الأحضان الإلهية. من هو هذا الذي له القدرة أن يمد يده بالحب ليضم الإنسان إلى الله. من هو هذا الذي له تلك الدالة إلا كلمة الله المتجسد، الذي هو واحد مع الأب في ذات الجوهر، ومساوٍ له، وقد صار واحدًا مع بني البشر، صار آدم الثاني. إذ الشفيع ربنا يسوع المسيح وحده بلا خطية، فهو قادر أن يقوم بعمل المصالحة بين الآب والإنسان. * ألا ترون كيف أعلن أيوب عن مجيء المسيح، متنبأ تحت مظهر هذه الصلاة، سرّ وسيط حياتنا؟ لهذا قال أيضًا بولس: "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح" (1 تي 2: 5). فإنه ماذا يحدث لو أن المسيح قد تجسد وقام بتكرار ما قاله إشعياء في توبيخه للناس؟ "اغتسلوا، تنقوا، اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني. كفوا عن فعل الشر. تعلموا فعل الخير. اطلبوا الحق، أنصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة. هلم نتحاجج يقول الرب. إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج" (إش 1: 16- 18). لماذا قيل عن المسيح أنه "الوسيط"؟ لأنه أخذ شكل الإنسان والله (في 2: 6) فإنه من الضروري للوسيط أن يكون قادرًا على قيادة الأعداء للمصالحة (رو 5: 10)، أن يحمل وجه الاثنين، فإنه بهذا يحقق الاتفاق والمصالحة. وإذ يريد المسيح أن يصالح الإنسان مع أبيه (2 كو 5: 18)، إذ هو الله وصار إنسانًا (في 2: 7) أخذ شكل الاثنين. بل ذهب إلى أبعد من هذا؛ إذ يعلن للبشر ما يفعله في أمر دينونتهم، كيف أنه الديان وهو المحب لهم، وكيف يبرز الديان كصانع الخيرات والرؤوف، فإنه يصف الاغتسال، شاهدًا عن الغسل بالمعمودية. الأب هيسيخيوس الأورشليمي جاء المسيح لكي يُهْلِك الأعداء، ويصنع السلام، ويصالحنا مع الله الذي فَصَلْنَا عنه حاجز الشر الذي أقمناه بخطايانا. * ظهر في هيئته الجسدية وبذل ذاته كجسدٍ، يجذب لنفسه الجسديين حتى يُحوِّلهم أولًا إلى شبه الكلمة الذي صار جسدًا، ثم بعد ذلك إلى ما كان عليه قبل أن يصير جسدًا. العلامة أوريجينوس |
|