26 - 02 - 2023, 02:11 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
مِنْ سَوْطِ اللِّسَانِ تُخْتَبَأُ،
فَلاَ تَخَافُ مِنَ الْخَرَابِ إِذَا جَاءَ [21].
كما يحمي الله أولاده من السيف في المعركة، كذلك يحميهم من لسان الأشرار الذي هو أحد من السيف؛ يحميهم من الاتهامات والافتراءات الموجهة إليهم باطلًا. هكذا في وقت الحرب كما في وقت السلم يعيش المؤمن تحت مظلة الله في سلامٍ، لا يخاف من الخراب، حتى إن رآه قادمًا.
يقدم أليفاز اتهامًا ضد أيوب في شكل نصيحة: "من سوط اللسان تُختبأ، فلا تخاف من الخراب إذا جاء". كأنه يقول: لقد انهزمت في التجربة، لأنه إذ حلّ بك الضيق، كان يجب ألا تخطئ بلسانك، بل تختبئ من هذا الخطأ. لسانك يشهد على شرك، فقد سقطت في فخ اللسان، وانحنيت لجلداته القاتلة. لم يدرِ أليفاز أن ما يقوله لا ينطبق على أيوب، لأن الله نفسه يشهد أنه في هذا كله لم يخطئ، ولم ينسب لله جهالة (22:1)، إنما الذي سقط في شراك اللسان وتحت جلداته هو أليفاز نفسه الذي أراد بها أن يسقط أيوب البار. أما أيوب فينطبق عليه قول المرتل: "لأنه ينجيك من فخ الصياد، ومن الكلمة القاسية" (مز 3:91).
* أحب قديسو الرب حفظ الصمت، لأنهم أدركوا أن صوت إنسان هو بدء الخطية. فقال قديس الربفي نفسه: "قلت أتحفظ لسبيلي من الخطأ بلساني". لأنه عرف ما سبق فقرأه أن من علامات الحماية الإلهية للإنسان أن يختبئ من جلدات لسانه، ومن شهادة ضميره.
إننا نؤدب بواسطة توبيخات أفكارنا، وحكم الضمير.
نؤدب أيضًا بجلدات أصواتنا، عندما ننطق بأشياء تصيب نفوسنا إصابات قاتلة، ويُضرب ذهننا بجراحات دامية. لكن أين ذاك الإنسان الذي تنقى قلبه من نجاسات الخطية، فلا يخطئ بلسانه؟
هكذا إذ رأى أنه لا يوجد أحد أمكنه أن يحفظ فمه متحررًا من الكلام الرديء وضع لنفسه قانون البرّ بالتزامه بأحكام الصمت. وضع نصب عينيه أن يتجنب بالصمت السقطة التي كان يصعب عليه الهروب منها بالكلام.
* "لا تخف من الخراب إذا حلّ" [22] فإذ يرى القديسون أنفسهم منهمكين مع المقاوم في أشكال متنوعة، يجهزون أنفسهم بأساليب مختلفة في معركتهم.
لهم معونة كلمة الله في مواجهة المجاعة.
ولهم درع ضبط النفس في مواجهة سيف الحرب.
ولهم حصن الصبر في مواجهة سوط اللسان.
ولهم عون الحب الداخلي في مواجهة الأذى الذي للكوارث الخارجية.
هكذا بطريقة عجيبة يجتازون التجارب المتنوعة التي يجلبها عليهم العدو الخبيث، فينالون غنى أعظم في الفضيلة كجنود الله.
البابا غريغوريوس (الكبير) * "أفنيتهم، وأبوا قبول التأديب" (إر 5: 3). الله في عنايته ورحمته، حينما يقوم بعمله التطهيري من أجل خلاص النفس، فإنه يذهب في عمله حتى النهاية (حتى الفناء)، على الأقل من جانبه. فإذا كان كل الذي يأتي علينا من قبل العناية الإلهية يهدف إلى كمالنا وإلى تأديبنا، ومع ذلك لا نقبل التأديبات الإلهية التي تقودنا إلى الكمال، فإن الذي يفهم معنى هذه الفقرة يمكنه أن يقول للرب: يا رب، لقد أفنيتهم (أدبتهم)، وأبوا قبول التأديب .
|