![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() هَا أَنْتَ قَدْ أَرْشَدْتَ كَثِيرِينَ، وَشَدَّدْتَ أَيَادِيَ مُرْتَخِيَةً [3]. يمتدحه كمعلمٍ ومرشدٍ عملي، فقد علّم الكثيرين وشدَّد الأيادي المرتخية لكي تعمل وتخدم. لكنه كمن يقول له: إن كنت قد شددت الآخرين بغناك، فلماذا لا تقدر أن تشدد نفسك؟ * لنتأمل العلو الشاهق الذي بلغه الرجل، بإرشاده الجهلاء، ومساندته للضعفاء، وتشديده للمتراخين، وذلك وسط اهتمامات بيته، والتزاماته المتعددة، وقلقه نحو أولاده، ومتابعة أعمال كثيرة، فقد كرس نفسه أن يضع الآخرين على الطريق المستقيم.لكن كل الهراطقة والأشرار إذ يسجلون سمو الصالحين يحولون هذا السمو إلى اتهامات..هكذا يبحث (أليفاز) عن فرصة ليسب الطوباوي أيوب من نفس الزاوية التي يروي فيها عن أمور ممدوحة عنه. البابا غريغوريوس (الكبير) شكرًا لأليفاز الذي - وإن كان عن علة وليس عن حب - قدم لنا جانبًا رائعًا من جوانب شخصية أيوب. فإنه كملكٍ أو حاكمٍ أو رئيس قبيلةٍ لم يكن بالرجل المحب للسلطة يأمر وينهي، لكنه في أبوة يرشد وينصح ويشدد الأيادي المرتخية. فإنه يوجد مرشدون كثيرون لكنهم لا يسندون الضعفاء، ولا يحملون روح الأبوة. يقول القديس بولس: "لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح، لكن ليس آباء كثيرون، لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1 كو 15:4). المرشد الروحي الحقيقي يحمل روح الحق، الروح القدس، روح الحب، الذي يقول عنه السيد المسيح: "متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو13:16). من يحمل روح الحق يقدم مع الإرشاد عونًا عمليًا، مشددًا الأيادي المرتخية، وكما يقول الرسول: "شجعوا صغار النفوس، أسندوا الضعفاء، تأنوا على الجميع" (1 تس14:5). يرى القديس أغسطينوس أن هذا هو أسلوب من يقدم الدواء لمواطني مدينة الله أثناء رحلتهم على الأرض، لكي يعمل الروح القدس، واهبًا الشفاء للنفوس المريضة حتى تتمتع بالبلوغ إلى الموطن السماوي . * إن كنا نبغض الأشرار والعصاة، فإننا بالتالي نكره الخطاة. هكذا، فإنه بالتبعية تجد أنك قد قطعت نفسك من أغلب اخوتك، بالحقيقة تقطعها من الجميع، فإنه لا يوجد أحد بلا خطية. إن كان يلزمنا أن نكره أعداء الله أشر من الوحوش المفترسة، فإننا نأنف من الكل وننتفخ بالكبرياء مثل الفريسي. يأمرنا بولس بغير هذا: "أنذروا الذين بلا ترتيب، شجعوا صغار النفوس، أسندوا الضعفاء، تأنوا على الجميع" (1 تس 5: 14) . *"وإن كان لكم ربوات من المرشدين... لكن ليس آباء كثيرون" (1 كو 15:4)... لا يطلب بولس هنا أية كرامة، بل بالحري يظهر عمق حبه. فالكرامة خاصة بالمرشد، والحب علامة الأب. القديس يوحنا ذهبي الفم |
![]() |
|