![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() مبدأ لاهوتي عام اُذْكُرْ مَنْ هَلَكَ وَهُوَ بَرِيءٌ، وَأَيْنَ أُبِيدَ الْمُسْتَقِيمُونَ؟ [7] يقدم أليفاز برهانًا عمليًا على ما وجهه إليه من اتهام. فإنه - في رأى أليفاز - لا يوجد إنسان بار قد هلك، ولا مستقيم قد أُبيد. يطلب منه مثلًا واحدًا خلال خبرة أيوب الطويلة في كل عمره عن بارٍ أو مستقيمٍ قد حلّ به ما حلّ بأيوب. هذا مبدأ لاهوتي أخلاقي كان سائدًا في أذهان الكثيرين، فإنه حتى بعد الشريعة كان داود يدهش معاتبًا الرب كيف يُنجح طريق الأشرار، ويسمح بالضيقات للأبرار. لكن سرعان ما يكتشف الحقيقة، فإنه حتمًا ينال الأبرار مكافأتهم السماوية، ويسقط الأشرار المصرون على شرهم تحت الدينونة. يقول المرتل: "لا تغر من الأشرار، ولا تحسد عمال الإثم، فإنهم مثل الحشيش سريعًا يُقطعون، ومثل العشب الأخضر يذبلون... قد رأيت الشرير عاتيًا وارفًا مثل شجرة ناضرة، عبر فإذا هو ليس بموجود، التمسته فلم يوجد... أما خلاص الصديقين فمن قبل الرب، حصنهم في زمان الضيق" (مز 37). حديث أليفاز صادق لو أنه قصد بالهلاك والإبادة ما هو أبدي، أما أن يطبقه على النكبات الزمنية فغير صحيح. لهذا فإن حديثه لا ينطبق على أيوب إذ لم يكن قد هلك أبديًا. يقول النبي: "باد الصديق" (إش 57: 1). ويقول الحكيم: "حادثة واحدة للصديق وللشرير" (جا 9: 2)، حتى تنتهي الحياة الزمنية وفي يوم الرب ينفصل هذا عن ذاك. *"أي بريء يهلك؟ وأين يبيد المستقيمون؟"لكن غالبًا ما يحدث في هذه الحياة أن يهلك البريء، ويبيد المستقيمون تمامًا، لكن في هلاكهم يُحفظون للمجد الأبدي.لو أن ليس من بريء يهلك، لما قال النبي: "باد الصديق، وليس أحد يضع ذلك في قلبه" (إش 57: 1). لو أن الله في عنايته لم يبد المستقيمين لما قالت الحكمة عن الصديق:"نعم بسرعة قد أُخذ، لئلا يحول الشر فهمه" (حك 4: 11). البابا غريغوريوس (الكبير) القديس ديديموس الضرير الأب تادرس كَمَا قَدْ رَأَيْتَ أَنَّ الْحَارِثِينَ إِثْمًا وَالزَّارِعِينَ شَقَاوَةً يَحْصُدُونَهُمَا [8]. يعتمد أليفاز في حججه على عاملين رئيسيين: خبرته وملاحظاته الشخصية: "كما قد رأيت" [8]، ورؤى الليل [13 إلخ]. ظن أليفاز أنه خلال ملاحظاته يقدم نظرية دقيقة، فقد وجد خلال إحصائياته أن الأشرار تحل بهم الكوارث بما يتناسب مع شرورهم أي في عدالةٍ، لكن أيوب كذَّب هذه النظرية (17:21 إلخ). يبدو أن أليفاز لم يتفاعل مع شدة الضيق الذي حلّ بأيوب، فحسب أن ما حلٌ به آلام بسيطة تتناسب مع شروره الخفية، أما شره الخطير فهو مبالغته في التذمر على الله. بهذا كان أليفاز يترجى أن يقدم أيوب توبة عن شروره الخفية فتزول عنه الضيقات، أما سبه ليوم ميلاده، فهذا ما يحطمه تمامًا! يتحقق هذا يوميًا فما يزرعه الإنسان إياه يحصد، وكما كتب الرسول بولس: "إذ هو عادل عند الله أن الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقًا" (2 تس 1: 6). وقيل: "إن كان أحد يجمع سبيًا، فإلى السبي يذهب، وإن كان أحد يقتل بالسيف، فينبغي أن يُقتل بالسيف" (رؤ 13: 10). لكن الله في طول أناته ينتظر توبة الأشرار، وفي محبته يسمح بالضيق للأبرار لكي يتزكوا. كان أصدقاء أيوب يضغطون عليه، أولئك الذين جاءوا لتعزيته! وكأعداءٍ كانوا يزعجونه بكلمات مرّة. * التعزية الوحيدة للذين يجدون أنفسهم في بؤسٍ وحزنٍ، هي أن يتبرأوا من الذنب، حتى لا يظهروا وقد حملوا آلامهم ومصائبهم كعقابٍ للخطية. لكن كان يبدو على أصدقائه أنهم يحاولون نزع حتى هذه التعزية من القديس أيوب، ليبدو أنه هو المسبب لتعاسته، كمن جلب غضب الرب بآثامه الخطيرة، وأنه يتكبد تلك الضيقات ثمنًا لأعماله الشريرة! وقد وصفوا عقوبات الأشرار (قابل أي 8:4-9)، الذين غرسوا رذائل، فحصدوا أحزانًا لأنفسهم! هؤلاء هلكوا بأمر الله، لأنهم فنوا بنسمة غضبه، التي هبت على الساكنين بيوتًا من طين فذبلوا (قابل أي 19:4، 21 LXX)، وينبذ الله تخطيطات الماكر، ويسد فم الشرير (قابل أي13:5، 16LXX )، وما زعمه الأصدقاء كان صحيحًا فيما يختص بقوة الرب، لكنه غير صحيح بالنسبة لاستحقاقات ذلك الإنسان العظيم البارة. القديس أمبروسيوس بِنَسَمَةِ اللهِ يَبِيدُونَ، وَبِرِيحِ أَنْفِهِ يَفْنُونَ [9]. كل ما يدبره الأشرار ويخططون له يبيد بنسمة من الله، فتفشل كل تدابيرهم الشريرة. هذه حقيقة، إن الله يطيل أناته على الأشرار كما أطال أناته على فرعون مصر أيام موسى النبي، لكن إذ يمتلئ كأس شرهم يبيدهم حتى لا تستقر عصا الخطاة على الصديقين، فأهلك فرعون وجيشه في بحر سوف. هذا لا ينطبق على أيوب، لأن ما حلٌ به كان لتزكيته وليس لأبادته. أراد أليفاز أن يُرعب أيوب أن ما حلٌ به من كوارث مُرة ليست إلا البداية، وأنه إن لم يعترف بشروره الخفية، وينزع عن كبريائه فمصيره الإبادة والفناء. *(كأن أليفاز يتهمه هكذا ![]() الأب هيسيخيوس الأورشليمي *"الرب يمتحن الصديق، أما الشرير ومحب الظلم فتبغضه نفسه" (مز 5:11)... إنه يزكي صديقيه بامتحانهم، أما الأشرار فيبغضهم. نفسه تمقت الأشرار المحبين للظلم... إنه ديان للصديقين والأشرار، فيُدان الأشرار لأنهم بحبهم للظلم يمقتون أنفسهم... وكما يقول سليمان في الأمثال: "من يرفض التأديب يرذل نفسه" (أم 32:15). إن كان الذي يحب الظلم يحتقر نفسه، فإن من يحب البرّ يحب نفسه"؛ وهذا يتناغم مع المثل: "من يقتني الحكمة يحب نفسه" (راجع أم 8:19)... "يمطر على الأشرار فخاخًا" (مز 6:11). بلا شك، لأنه الرب الذي يقيم فخاخًا للخطاة أنفسهم، لكي يصطاد هؤلاء الذين أفسدوا حريتهم ويلزمهم أن يسلكوا الطريق المستقيم تحت لجامه، فيعطيهم إمكانية التقدم بالقائل: "أنا هو الطريق" (يو 6:14). *"ما أحلى مساكنك يا رب الجنود!" (مز1:84)، ففيها يتحول سكن الإنسان من الأرض إلى السماء... العقل والقلب المملوءان بالشوق إلى مسكن الرب مثمران وسعيدان! عندما يحل الموت بالخاطي لا يجد فكره مشغولًا بهذا المسكن بل بالعقوبات. إنه لا يتأمل في ملكوت السماوات، بل في رعب لهيب جهنم. *"الأشرار كالتراب الذي يذريه الريح" (مز 4:1). يقول الكتاب المقدس إن الشرير سيكون بائسًا، فلا يكون حتى كتراب الأرض. فالتراب يبدو كأن ليس له كيان، لكن حتمًا له نوع من الوجود في ذاته... إنه يتبعثر هنا وهناك وليس له موضع واحد بل يجرفه الريح، وليس له قوة للمقاومة. نفس الأمر بالنسبة للشرير. ما أن ينكر الله حتى تجرفه نسمة الشيطان بالضلال ويلقيه أينما أراد. * بائس هو الإنسان الذي له أقنعة للشر، وسعيد هو الإنسان الذي له أقنعة كثيرة للصلاح. القديس جيروم زَمْجَرَةُ الأَسَدِ وَصَوْتُ الزَّئِيرِ، وَأَنْيَابُ الأَشْبَالِ تَكَسَّرَتْ [10]. يشبه الظالمين والمضطهدين القساة بأسودٍ مزمجرة زائرة. خلال العدالة الإلهية يتوقف صوت زئيرهم، فلا يعود صوتهم يرعب في البرية أو الغابات. وأسنانهم تتكسر فيعجزون عن التمزيق، أي ينزع الله عنهم سلاحهم، ولا يعودون بعد قادرين على الافتراس [11] فيموتون جوعًا، ولا يتركون أشبالًا تخلفهم. ربما أراد أليفاز أن يتهم أيوب بطريقة غير مباشرة، فيعلن له أنه كان كأسدٍ مفترسٍ، ليس في المنطقة من يقف أمام سطوته. كلماته كانت كزئير الأسد المرعب، ينهب ويفترس في ظلم واستبداد. لكن هوذا سطوته قد زالت، وثروته تبددت وأسرته قد ضاعت، ولا يوجد له ابن واحد كشبلٍ يحتل مركزه. هكذا تحول أليفاز من المدح إلى الذم. اَللَّيْثُ هَالِكٌ لِعَدَمِ الْفَرِيسَةِ، وَأَشْبَالُ اللَّبْوَةِ تَبَدَّدَتْ [11]. *من الأهون على الأسد أن يجبُن عن أن يسلك البار حياة سهلة. القديس يوحنا الذهبي الفم الأب هيسيخيوس الأورشليمي |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الى ظل حمايتك نلتجأ يا مريم |
فكرة ومبدأ حياة |
فى ظل حمايتك نلتجأ يامريم |
فى ظل حمايتك نلتجأ يامريم |
فى ظل حمايتك .. نلتجأ يامريم |