*هذا أيضًا ما نقرأ عنه، أن البرّ الإلهي قد أعان أيوب الأمين بحق في مصارعته، عندما ناهضه الشيطان في معركة فريدة. لكن لو تقدم أيوب ضد عدوه، ليس بقوته، إنما بحماية نعمة الله مسنودًا بالعون الإلهي من غير ممارسة أي احتمال من جانبه، فإنه في خضوعه لهذه التجارب المتعددة... يكون للشيطان أن ينطق بعدلٍ، مفتريًا بما سبق أن قاله قبلًا: "هل مجانًا يتقي أيوب الله؟! أَليس أنك سيَّجت حولهُ.. حول كل ما لهُ من كل ناحية؟! ولكن ابسط يدك الآن"، أي اسمح لي أن أحاربه "فإنهُ في وجهك يجدّف" (أي 9:1-11).
لكن لم يستطع العدو المفتري أن يحتج بهذا بعد المعركة، لأنه انهزم بقوة أيوب وليس بقوة الله، لا بمعنى أن نعمة الله فارقت أيوب، لأنها هي التي أعطت للمجرب سلطانًا أن يجرب في الحدود التي كانت ترى فيها أن أيوب يقدر أن يقاومها، وفي نفس الوقت لم تحمه النعمة من هجمات العدو بطريقة تنزع فيها فضيلته وجهاده، إنما تعينه. بمعنى أنها لا تسمح لذلك العدو الذي هو في غاية القسوة أن ينزع عنه عقله أو يغرقه أثناء ضعفه ببث أفكار فوق طاقته أو النزول معه في نزاع غير متساوٍ معه.