منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 02 - 2023, 06:47 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,048

أيوب البار وتلاحقت النكبات في لحظات وبسرعة فائقة


"وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، إِذْ جَاءَ آخَرُ، وَقَالَ:
نَارُ الله سَقَطَتْ مِنَ السَّمَاءِ،
فَأَحْرَقَتِ الْغَنَمَ وَالْغِلْمَانَ وَأَكَلَتْهُمْ،
وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ" [16].


تلاحقت النكبات في لحظات وبسرعة فائقة، ولعل العدو تعمد ذلك لكي لا يترك لأيوب فرصة للتفكير المتزن، بل مع تلاحق الكوارث يظن أن غضب الله قد حّل عليه، وأنه لن يتوقف. كانت التجارب كأمواج لا تهدأ. "غمر ينادي غمرًا" (مز 42: 7).
العجيب في الرسل القادمين إلى أيوب أنهم يؤكدون أن البقر كانت تحرث، والأتن ترعى. وكأنه حتى الحيوانات كانت تقوم بدورها، فليس من لومٍ على الأبناء، ولا الخدم، ولا الحيوانات، وكأن اللوم كله ينصب على الله وحده دون غيره. لقد كانت خطة الشيطان محكمة للغاية، ليضرب قلب أيوب حتى يحول كل مشاعره وأفكاره نحو التجديف على الله.
بينما كنت أسجل هذا التفسير إذا بشاب يموت فجأة، فصار صديقه العزيز عليه جدًا يجدف: "لماذا أخذ الله أعز صديق لدي؟" ويرفض أية تعزية... بل وأحيانًا يتمتم: "أين هو الله؟ وإن وُجد، فأين رحمته ورعايته؟" وكأن عدو الخير في كل جيل يبذل كل الجهد لتحويل طاقات البشرية نحو التجديف على الله.
لم يعطِ عدو الخير الفرصة لأيوب كي يفكر في القيام بحرب ضد السبئيين ورد ممتلكاته، إذ جاء الخبر التالي يعلن أن نارًا من السماء نزلت من عند الله فأحرقت الغنم والغلمان وأكلتهم. فإن كان يريد أن يحارب السبئيين، فمن أين يأتي برجاله للقتال وقد أحرقتهم نار إلهية. ثم هل يحارب الله؟ وكيف يبلغ إليه...؟ وكأنه لم يعد في متناول يد أيوب غير لسانه ليجدف على الله كظالمٍ عنيفٍ لا يعرف الرحمة.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفمأن بقوله: "نار الله سقطت من السماء"، أراد العدو أن يوحي لأيوب أن ما يحل به ليس بضربات بشرية بل من قبل الله، وموجهة ضده وحده دون بقية المحيطين به. ولعله بهذا أراد تشويه صورة الله في عينيه. فمع عدم ارتكابه خطايا عظمى وعدم إهماله في العبادة لله، إلا أن الله حلّ بغضبه عليه دون غيره، مما يثير فيه الدافع نحو التجديف على الله كظالمٍ. إذ أحرق الله الغنم التي اختار أفضلها ليقدمها محرقات لله، فإن الله يبدو كمن لا يُسر بمحرقاته، ولا يقبل عبادته، أو كأن "عبادة الله باطلة" (مل 3: 14).
لم يُسمع عن احتراق صادر من السماء منذ حرق سدوم وعمورة، لذا يقول أيوب: "لأن البوار من الرب رعب عليّ" (أي 31: 23).
* لئلا لا يثيره فقدان ممتلكاته بحزنٍ كافٍ عند سماعه الخبر حث مشاعره بكلمات الرسول ذاتها.
لاحظوا كيف بمكرٍ قيل "نار الله"، كما لو قيل إنك تعاني من افتقاد ذاك الذي تريد أن تسترضيه بذبائح كثيرة هكذا. ها أنت ساقط تحت غضب ذاك الذي تشغل نفسك بخدمته كل يوم...
هذه هي الغاية أن يستعيد في ذاكرته خدماته الماضية، ويحسب أنه باطلًا قد خدم، وكأنه قد أراد أن يثير فيه الشعور بظلم الخالق.
فإن الذهن التقي إذ يجد نفسه يواجه حمل صلبان من يدي إنسان يطلب التعزيات من العناية الإلهية. وعندما يرى عاصفة التجربة تستمد قوتها من الخارج، يطلب أن يغطيها بالثقة في الرب، ويلجأ داخليًا إلى ميناء الضمير. لكن ذاك الخصم الماكر أراد أن يحطم في ذات اللحظة قلب هذا القديس الشجاع، وذلك بضربات موجهة من إنسان وباليأس من الله.
جاء إليه بأخبار أولًا عن السبائيين الذين قاموا بالنهب، وفي الحال جاء النبأ عن نار الله التي سقطت من السماء، حتى يغلق الباب تمامًا عن أية وسيلة للتعزية.
البابا غريغوريوس (الكبير)
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أيوب | كيف اكتشف أليفاز إلحاد أيوب البار؟
(أيوب البار)
أيوب الصديق ( أيوب البار )
القديس أيوب البار
أيوب البار


الساعة الآن 05:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024