رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إصلاح جذري: إذ تحدث عن غيرته للإصلاح بدأ بالحديث عن غاية هذا الإصلاح ثم وسائله. أما غايته فهي: "ليس لأجلكم أنا صانع يا بيت إسرائيل بل لأجل اسمي القدوس... فأقدس اسمي العظيم...فتعلم الأمم أني أنا الرب يقول السيد الرب حين أتقدس فيكم قدام أعينهم" [22-23]. ماذا يعني الرب بهذا؟ هل أنه يعمل لخلاصنا وإصلاحنا من أجل اسمه القدوس وليس لأجلنا؟ هل في هذا أنانية؟ هل يحب مجد اسمه القدوس ولا يهتم بنا؟ يستحيل! إنما في قوله "ليس لأجلكم" لا يعني عدم اهتمامه بنا، إنما لا يعمل عن استحقاق فينا، ولا بإمكانياتنا، إنما يعمل فينا لأجل اسمه بإمكانياته كقدوس. إنه يحبنا فيجعلنا موضع "تمجيد اسمه القدوس"، فيتجلى بقداسته فينا، ذلك كالأب الذي يفرح بأولاده الناجحين كأنما هو الناجح، ويحسبهم مستحقين أبوته. إنه يرفعنا من روح العبودية إلى روح البنوة القادرة أن تعلن بوضوح مجد الآب، أو يقيمنا كجسد مقدس يكشف بتصرفاته الحكيمة عن حكمة الرأس المدبر. اهتمامه بإعلان قداسة اسمه فينا إنما هو ذات الحب لنا! أما وسائل الإصلاح الجذري فهي: أ. "آخذكم من بين الأمم وأجمعكم من جميع الأراضي وآتي بكم إلى أرضكم" [24]. إنها دعوة لإقامة شعب واحد مقدس، يجمعه من جميع الأراضي، أي من كل أمة ولسان وشعب، ويأتي بالكل إلى أرضهم أي إلى الكنيسة التي هي لهم. هذه هي دعوة السيد المسيح للبشرية كلها تجتمع فيه لتصير جسده المقدس، فتستريح فيه كما في أرضها أو بيتها. ب. إن كان الله من أجل سفك الدماء ورجاسات الوثنية ظهر كضعيف وسط الأمم مسلمًا شعبه لبابل، فلكي يتمجد اسمه القدوس وتظهر قوته لا يحتاج الأمر إلى مجرد عودتهم إلى أرضهم بل بالحري إلى غفران خطاياهم بالدم الكريم المبذول عنهم. هذا الذي يتمتعون به خلال مياه المعمودية المقدسة. "وأرش عليكم ماء طاهرًا فتطهرون من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أُطهركم" [25]. بهذا ينالون غفران خطاياهم فيحق لهم العودة إلى مدنهم وبناء خرائبهم: "هكذا قال السيد الرب: في يوم تطهيري إياكم من كل آثامكم أسكنكم في المدن فتبني الخرب وتفلح الأرض الخربة عوضًا عن كونها خربة أمام عيني كل عابر" [33-34]. هذا هو عمل المياه المقدسة، إذ يقول القديس برناباس: [حقًا إننا ننزل في الماء مملوءين من الخطايا والدنس ونصعد حاملين ثمرًا في قلوبنا، حاملين في روحنا خوف (الله) والرجاء بيسوع ]. ويقول القديس إكليمنضس الإسكندري: [المعمودية تغسلنا من كل عيب، وتجعلنا هيكل الله المقدس، وتردنا إلى شركة الطبيعة الإلهية بواسطة الروح القدس.] ج. لا يقف التطهير في المياه المقدسة عند غسلنا من الخطايا القديمة وإزالة كل عيب فينا، وإنما يمتد إلى منحنا طبيعة جديدة تقوم عوض الطبيعة الفاسدة التي كانت لنا، طبيعة تناسب الحياة الجديدة في الأرض الجديدة: "وأعطيكم قلبًا جديدًا وأجعل روحًا جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم" [26]. هذا القلب الجديد وهذه الروح الجديدة إنما يتحققان بنوالنا الميلاد الروحي الجديد في مياه المعمودية المقدسة. ويقول القديس كبريانوس: [إنها المعمودية التي فيها يموت الإنسان القديم ويولد الإنسان الجديد كما يعلن الرسول مؤكدًا أنه خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس (تي 3: 5) ]. د. بنوالنا الغفران وتمتعنا بالقلب الجديد بواسطة الروح القدس داخل مياه المعمودية إنما نتهيأ لقبول الروح القدس فينا في الميرون. هذه هي علامة العهد الجديد، عطية السيد المسيح لنا أنه وهبنا روحه، إذ يقول: "وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها" [27]. هذه هي الإمكانية الجديدة للسلوك في وصايا الرب وحفظ أحكامه والعمل بها، إنها إمكانية روحه القدوس الذي وُهب لنا في داخلنا. لهذا ركز الأنبياء على هذه العطية، فمن أقوالهم: "وأجعل روحي فيكم فتحيون" (حز 37: 14). "لا أحجب وجهي عنهم بعد لأني سكبت روحي على بيت إسرائيل" (حز 39: 26). "لأني أسكب ماء على العطشان وسيولًا على اليابسة. أسكب روحي على نسلك وبركتي على ذريتك" (إش 44: 3) (عمل الروح القدس فينا كعمل المياه في العطشان والسيول في الأرض اليابسة). "ويكون بعد ذلك أني أسكب روحي على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلامًا ويري شبابكم رؤى، وعلى العبيد أيضًا وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام" (يؤ 2: 28-29). ه. تذكرنا الدائم لضعفنا، إذ يقول: "فتذكرون طرقكم الرديئة وأعمالكم غير الصالحة وتمقتون أنفسكم أمام وجوهكم من أجل آثامكم وعلى رجاساتكم" [31]. إن كان الله قد وهبنا غفران خطايانا في استحقاقات دمه وأعطانا طبيعة جديدة وقدم لنا روحه ساكنا فينا، لكننا وسط فرحنا بأعمال الله العظيمة معنا ورجائنا المستمر فيه ينبغي أن نذكر ضعفاتنا تبكيتًا لنفوسنا وتحذيرًا لنا لئلا نسقط. وكما يقول المرتل التائب: "خطيتي أمامي في كل حين" (مز 51). وكأننا بالمفلوج الذي شفي وقام من سرير مرضه لكنه يلتزم أن يحمل سريره فلا ينسي ضعفاته. غير أنه يليق بنا في تذكرنا لخطايانا أن نسلك بروح التمييز، فلا نذكر خطايانا بتفاصيلها فنتعثر بتذكارها، كما لا نذكرها بروح اليأس فنفقد فرحنا بالخلاص. وقد تحدث القديس بينوفيوس كثيرًا في هذا الأمر محذرًا إيانا لئلا بسبب تذكر الخطايا تختنق نفوسنا من رائحة البالوعات الخانقة . و. النمو الدائم: من خلال تذكرنا لضعفنا الذاتي نؤمن بالذي يعمل فينا بغير انقطاع لأجل بلوغنا الكمال. شعورنا بضعفنا ربما يُحطم نفوسنا، لكن إيماننا بالذي يعمل فينا على الدوام يُنمينا، لهذا يكمل الرب قائلاً: "إني أنا الرب بنيت المنهدمة وغرست المقفرة. أنا الرب تكلمت وسأفعل" [36]. يقول أيضًا: "أكثّرهم كغنم أُناسٍ، كغنم مقدس، كغنم أورشليم في مواسمها فتكون المدن الخربة ملآنة غنم أُناسٍ" [37-38]. إنه يعمل فينا ليملأ أورشليمنا الداخلية بالثمر المتكاثر، وينطق بنا من مجد إلى مجد ليدخل بنا إلى كماله. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إرميا النبي | إصلاح موآب |
آرميا النبي | إصلاح يعقوب |
حزقيال النبي | بعد أن تمتع حزقيال النبي بالدخول إلى القدس |
حزقيال النبي | تنبأ حزقيال النبي ضد سعير |
حزقيال النبي | رأى حزقيال النبي المركبة النارية |