رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التحطيم النفسي لفرعون: حينما طلب الرب من حزقيال النبي التنبؤ ضد فرعون مصر، لم يوجه الدعوة إلى فرعون أن يولول ولا إلى كل شعب مصر. إنما وجهها دعوة عامة إلى العالم الوثني كله، بكون فرعون مصر يمثله في ذلك الحين، فيقول "ولولوا يا لليوم" [2]. ودعا يوم فرعون "يوم الرب"، لأنه تأديب من قبل الرب لجميع الأمم.! لهذا قيل: "من صوت سقوطه أرجفت الأمم عند إنزال إياه إلى الهاوية مع الهابطين في الجب" (31: 16)، "يرجفون (ملوك شعوب كثيرة) كل لحظة، كل واحد على نفسه في يوم سقوطك" (32: 10). هكذا يدوي خبر سقوطه في العالم كله، وترتجف له كل الخليقة. ومما يجب ملاحظته أن فرعون هنا يشير إلى "الشيطان" بكونه المحرض على عصيان الكلمات النبوية، الذي يظن في نفسه أنه صاحب سلطان قادر أن يسند الكثيرين. وقد تحدثنا عن فرعون كرمز للشيطان أثناء دراستنا لسفر الخروج في مقاومته لموسى النبي وهرون. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [في رأيي أن بعض أسماء الشعوب أو الملوك التي نقرأ عنها في الكتاب المقدس تخص بلا شك الملائكة الأشرار أو السلاطين المضادة مثل فرعون ملك مصر ونبوخذنصَّر ملك بابل وأشور ]. إن كان فرعون - كرمز للشيطان - يظن في نفسه أنه صاحب سلطان تلجأ إليه الأمم الأخرى وتحتمي فيه، فإن الله يعلن هزيمته النفسية، وتحطيمه بالخوف. لقد جعل يومه "يوم غيم" [2]. فالغيم أو السحاب كما سبق فرأينا علامة المجد الإلهي، يغطى الجبل المقدس أو الخيمة المقدسة أو الهيكل إعلانًا عن دخول الإنسان في أسرار غير منظورة لا يمكن إدراكها، أما بالنسبة للشيطان أو فرعون فالسحاب يمثل حالة من الظلمة، من خلالها لا يقدر أن يتصرف ولا يعرف ماذا يفعل. إن كان قد ظن نفسه قائدًا، فإنه في الظلمة يسلك فيعثر ويتعثر معه الملتصقون به والمحتمون تحت جناحيه. لهذا يقول: "في ذلك اليوم يخرج من قبلي رسل في سفن لتخويف كوش المطمئنة، فيأتي عليهم خوف عظيم كما في يوم مصر، لأنه هوذا يأتي" [9]. إن أقرب دولة له هي "كوش" التي ربما قصد بها النوبة، وأيضًا بعض مناطق في آسيا. على أيه الأحوال ملأ الرعب قلب فرعون، بل وقلب أقرب مملكة له كانت تحتمي تحت ظله، فماذا يكون مصير الأمم الأخرى البعيدة؟! الذي أرعبهم هو الرب نفسه: "يخرج من قبلي رسل في سفن لتخويف كوش المطمئنة" لأنها تركت الرب ولجأت إلى فرعون. بسقوط فرعون ورعبه، "يسقط معه كوش (النوبة أو أثيوبيا) وفوط ولود وكل اللفيف وكوب وبنو أرض العهد" [5]. سبق لنا الحديث عن كوش وأيضًا فوط ولود (حز 27: 10)، وأما قوله "كل اللفيف" ويترجمها البعض "الشعب المختلط" والآخر "العربية"... أما كوب فيرى البعض أنها لوب (ليبيا)، غالبًا شعب سكن في شمال شرقي أفريقيا، وجاءت الترجمة السبعينية: "الليبيون" "بنو أرض العهد" يقصد بها االبلاد التي دخلت مع فرعون في عهد لحمايتها خاصة من هجوم ملك بابل. لا بُد من أن ينحط كبرياء إبليس بالكامل في كل مملكته، من أقصى الشمال (مجدل) إلى أقصى الجنوب (أسوان) [6]، وينهار مع كل أعوانه والمرتبطين به: "فيعلمون أني أنا الرب عند إضرامي نارًا في مصر ويكسر جميع أعوانها" [8]. |
|