رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هل تجتاز حربًا داخلية ضدّ الحزن وتشعر بأنك ضعيف محبط غاضب ومنحني النفس، وكأن عاصفة أصابتك؟ هل هرب الفرح من حياتك، وفقدت مع الوقت ابتسامتك؟ إن كنت تجتاز حربًا كهذه وطغى اليأس والإحباط على حياتك، ثق بأنك لست الوحيد، ببساطة.. ذلك لكونك إنسانًا. ولدى كلّ إنسان منّا اختبارات في الأحزان تتجاوز مشاعر الإحباط! وأولاد الله ليسوا محصّنين ضد الأحزان التي كثيرًا ما تحدث كردّ فعل للصدمات والتحوّلات غير الملائمة في أحداث الحياة. فمن الطبيعيّ أن يحزن الإنسان وتنحني نفسه عندما يتعرّض للرفض أو للفقدان . كفقدان عزيز، أو كضياع الحلم والتوقّعات الكبيرة بخصوص المستقبل . لكن الخطر يكمن في استمرار حالة الحزن والانعزال، وعدم القدرة على ممارسة الحياة الطبيعيّة لفترات تتزايد في طولها . لأن الحزن سوف يتحوّل إلى حالة مزمنة من الكآبة. والأشخاص الذين يسمحون للأحزان أن تتمكّن من حياتهم؛ إنما يستخدمون حجارة الأحزان لبناء جدران تحيط بنفوسهم تعزلهم خلفه، فلا يعود لديهم مكان للأفراح، ولا القدرة على القيام بأنشطة الحياة اليوميّة. بينما جلّ ما يحتاجون إليه في أوقات كهذه؛ هو الالتفات إلى الله "الآب السماويّ"؛ مصدر التعزية الحقيقيّة والقادر أن يحرر من كلّ الأحزان، فيتمكن المرء من السيطرة على مشاعره والتحرر من قيودها. فإن لم يعالج أولاد الله المؤمنون أحزانهم بالشّكل الصّحيح، فسيودي الحزن بهم إلى حالة من الاكتئاب المأساويّ والركود الروحيّ. على الرغم من أن الكتاب المقدّس لا يتناول اليأس بقدر ما يتناول الإيمان بالله لكنّه سجّل لنا اختبارات رجال عظماء استخدمهم الله في إنجازات هامّة، لكنّ حياتهم لم تخلُ من الأحزان والانحناءات والضعف . كيعقوب الذي بكى ابنه يوسف عندما علم بأن وحشًا قد افترسه. وداود بكى ابنه أبشالوم عندما وصله خبر موته. كذلك إرميا النبي الذي تعرّض لسوء المعاملة من قبل الأشرار؛ فحزن وتألّم واكتئب فسُميّ بالنبي الباكي. أمّا إيليا، فقد هرب من وجه الملكة إيزابل التي هدّدت بقتله، وجلس بضعف جسدي تحت شجيرة صغيرة، يتملّكه اليأس طالبًا الموت لنفسه. فأرسل الله له ملاكًا يخدمه ويقدم له طعامًا ليشدّد جسده، معالجًا اكتئاب إيليا الشديد بتوفير الراحة والطعام والشراب إلى أن استردّ قوّته ، إذ كثيرًا ما تضعف النفس بسبب ضعف الجسد. ثم يَسرد لنا الكتاب المقدّس قصّة أيوب الذي حاربه الشّيطان عندما وقف أمام كرسيّ الله متحدّيًا دوافع أيوب الدينيّة التي جعلته يتّقيه ويقدّم له العبادة، فسمح الله للشّيطان بأن يحارب أيوب بشدّة حتّى أنه لم يترك له فرصة ليستريح ويتعزّى عن مصيبة حتى تصيبه أخرى؛ وهكذا تهاوت الضّربات تباعًا على أيوب ، فتجرّد من كلّ شيء. فما عساه أن يفعل؟ لم تصدر من شفتيه أيّة كلمة تذمّر وهو الذي خسر كلّ مقتنياته مع أبنائه ثم صحّته، لكّنه قابل كلّ ذلك بنبل رجل الإيمان وأقرّ قائلًا: "الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا"، في كلّ هذا لم يخطئ أيوب.. وكان موقف أيوب وتمسُّكُه بصلاح الله فشلًا ذريعًا للشّيطان. وظلّ الرّبّ ملجأ لأيوب يحمله على أذرعه الأبديّة. هؤلاء جميعهم استطاعوا أن يغلبوا أحزانهم، ولم يستسلموا كالذين لا رجاء لهم بإلههم. صديقنا، هل لديك من الأسباب التي تجعلك منحني النّفس وتشعربأنك لا تستحقّ الحياة؟ اعلم أنه صوت الطّبيعة البشريّة القديمة التي في داخلك، والتي تحارب أولاد الله بشكل مستمر، لتثير لديهم مشاعر الأسف على النّفس مستغلّةً ظروفهم لتقول لهم بأن الحياة لا تستحقّ العيش. لا ترضخ لها واعلم بأن عيني الله لم تفارقك ، ولن يتركك تحارب حربك وحدك، فلا تدع الشّيطان يطفئ شمعة الأمل من حياتك . اجتهد في حربك ضد الاكتئاب، واسعَ لأن تشغل نفسك بأمور بنّاءة بعيدة عن أحزانك ، وفكّر في أشخاص آخرين يحتاجون إليك، وفي كيفيّة تلبية تلك الاحتياجات، عندها لن يكون لديك الوقت لتنشغل بنفسك. ثم حاول أن تضبط أفكارك، فلا تتمركز حول الأمور السّلبية بشكل مستمر، حتى لا تصاب باليأس وتنغمس بمشاعر الاكتئاب. تعلم كيف تركز على الأمور الإيجابية وعلى الأفكار والكلمات التي تتسم باللّطف، لأن "اَلْكَلاَمُ الْحَسَنُ شَهْدُ عَسَل، حُلْوٌ لِلنَّفْسِ وَشِفَاءٌ لِلْعِظَامِ" الأمثال 16: 24. من ناحية أخرى لا تشغل عقلك بتوافه الأمور التي لا تستحقّ، وانخرط بأنشطة تملأ فراغ وقتك. إن الوقت الفارغ والعقل العاطل هما ورشة عمل للشّيطان. ثم ابتعد عن الذين يعانون من نفس المشاكل التي تعاني منها، فلا يتغذّى اكتئابك على مِحن الآخرين، فتكون النتيجة مدمّرة للطرفين، بل ارتبط بصداقات بنّاءة تعينك على تخطي محنتك. ثم لا تسع لإرضاء الآخرين ولا تسمح لآراء منتقديك أن تزعزعك حتى لا توقع نفسك تحت ضغوط إضافيّة، فأنت لا تستطيع أن ترضي توقعات الجميع، اعمل دائمًا على إرضاء الله، واعلم أنه يتفهّم نقاط ضعفك ويحتملك ويعينك في حربك الداخليّة مع ضيق نفسك واكتئابك بكلّ محبّة. إن الله إله الرّجاء، وإرادته أن يملأك بكلّ سرور وسلام في الإيمان بقوّة الرّوح القدس. فاصبر له وأطع وصاياه التي في الكتاب المقدّس واطرح عليه الصعوبات التي تعجز عن حلّها. دع الجرّاح الأعظم يُجري عمله الجراحيّ الروحيّ في قلبك ليتمّم شفائك، إنه "يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ. وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ". إشعياء 58: 10 – 12 لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي؟ وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ؟ ارْتَجِي اللهَ، لأَنِّي بَعْدُ أَحْمَدُهُ، لأَجْلِ خَلاَصِ وَجْهِهِ. المزمور 42: 5 |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
استرجع ثقتك في إلهك |
في حضنك الرحب استرجع قواي من جديد |
سفر التكوين 14 :16 و استرجع كل الاملاك |
استرجع في ذهنك وقلبك: |
كيف استرجع العلاقة مع الله؟ |