رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شهادة الأعداء المتربصين يقولون: إن أفضل شهادة عنك هي ما تأتي من عدوك، وهذا ما حدث مع المسيح مرارًا وتكرارًا، فمثلاً نقرأ في إحدى المرات «ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْمًا مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكِلْمَةٍ. فَلَمَّا جَاءُوا قَالُوا لَهُ: يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ، بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ. أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟ نُعْطِي أَمْ لاَ نُعْطِي؟» (مرقس١٢: ١٣، ١٤). ففي هذا الموقف تحالف الأضداد؛ الفريسيين (المتدينين) والهيروديسيين (السياسيين)، على الإيقاع بالمسيح الذي يكشفهم ويهدد مصالحهم. فوضعوه أمام تحدٍّ صعب طالما أسقط كثيرين؛ فإن جاوب المسيح “بنعم تُعطى الجزية لقيصر”، يُهيِّج الفريسيون الشعب عليه باعتباره مُناصرًا و“مُطبِّل” للنظام الروماني، وإن أجاب “بلا”، وجد الهيروديسيون حجتهم القانونية ضد المسيح، لاتهامه بالثورة على قيصر والدعوة لقلب نظام الحُكم. ورغم هذا الكمين الخبيث، إلا أنني أجد حسنة وحيدة في كلام هؤلاء الأشرار، وهي شهادتهم بأن المسيح صادق في تعليمه، ولا يجامل فيها أبدًا، وبأنه بالحق يعلِّم طريق الله، وهذا أمر يقيني كان بلا شك لديهم. ولكن غاب عنهم ذكاء المسيح المُعلِّم، وحكمته النقية من أي مصالح، ولهذا رد عليهم برده الخالد: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ ِللهِ. فَلَمَّا سَمِعُوا تَعَجَّبُوا وَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا» (متى٢٢: ٢١)، وكأنه يقول لهم: المشكلة ليست لديَّ أنا، ولكن لديكم أنتم، فلو كنتم قد خضعتم لله، لما كان أسلمكم لسُلطة الأمم عليكم، وأخرهم الرومان وقيصر. |
|