رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نبوة ضد جبال إسرائيل: أخذ اليهود عن الوثنيين عبادتهم الأصنام على الجبال والتلال والأنهار والوديان،لهذا طلب الرب من حزقيال النبي أن يوجه نظره إلى جبال إسرائيل التي تدنست بالعبادة الوثنية ويتنبأ ضدها. إنه يتطلع كالقاضي الذي ينظر نحو المتهم ليحكم عليه مواجهة ليهز أساساته ويبيدها. للجبال مفهومها الرمزي في الكتاب المقدس، فإن "الأرض" غالبًاما تشير في الكتاب المقدس إلى النفس التي نزلت إلى الفكر الأرضي، فأسرها الجسد الترابي بشهواته وربطها بالماديات، أما "الجبال" فغالبًاما تشير في الكتاب المقدس إلى النفوس المرتفعة فوق الأرضيات لتسكن معه في العلويات، كنيسة مقدسة سماوية. لهذا كثيرًا ما ينسب الله الجبل لنفسه فيدعوه "جبل قدسه" (مز 2: 6)،(9: 9، إش 65: 11، 25، يؤ 2: 1، عو 16: 1)، كما يسميه الكتاب المقدس "أورشليمجبل قدسك" (دا 9: 16، إش 66: 20)، "صهيونجبل قدسي" (يؤ 17: 18). لقد طلب الملاكان من لوط أن يهرب إلى الجبل لئلا يهلك (تك 9: 17)، وكأنهما يطلبان منه أن يرتفع فوق الزمنيات لئلا تقتنصه في دوامتها. واشتهي المرتل أن يسكن في جبل قدس الرب (مز 15: 1)، أي يرتفع قلبه إلى فوق، هناك يلتقي مع الله الساكن في الأعالي والذي يستجيب له (مز 30: 4). النفس التي تصير جبلًا مقدسًا تصير كجبل حوريب، حيث يتقدم إليها الرب لا ليعطيها شريعته منقوشة على الحجارة كما لموسى بل بالروح القدس ينقش وصيته في قلبها. يجلس فيها السيد كما جلس على الجبل يعظ الجماهير بكلماته مجتذبًا إياها إليه بسلطان (مت 5). إنهاتصير كجبل التجربة يرتفع الرب نفسه عليها ليقود المعركة الروحية ضد الشيطان محطمًا سلطانه، فتصير للنفس إمكانية الغلبة وتأتي الملائكة لتخدمها. إنها تصير كجبل تابور حيث تنعم النفس بالشركة مع رجال العهد القديم (موسى وإيليا) ورجال العهد الجديد (بطرس ويعقوب ويوحنا) في حضرة السيد المسيح نفسه الذي يظللها بسحابته المنيرة، ويعلن لها بهاءه في داخلها. إنها تصير كجبل الزيتون حيث يجلس فيها السيد يبكي أولاده الساقطين الذين قتلوا الأنبياء ورجموا رسله، فتصير مركز عمل وخدمة روحية، أو تصير بالحري كجبل الجلجثة فتنعم بصليب السيد المسيح مزروعًا في داخلها، تشارك عريسها آلامه وصلبه لكي تنعم بقوة قيامته. وباختصار فإن للجبال المذكورة في الكتاب المقدس ذكريات تدفع النفس للتمتع بحياة الاتحاد مع الله في المسيح يسوع بصورة أو بأخرى. ويرى القديس جيروم أن هذه الجبال المقدسة إنما هم الأنبياء والرسل، إذ يقول: [نفسر الجبال بطريقتين: في العهد القديم هم الأنبياء، وفي العهد الجديد الرسل. عن هذه الجبال يقول الكتاب المقدس: "رفعتعيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني" (مز 120: 1). علىهذه الجبال استقرت مدينة الله، إذ "لا تختفي مدينة قائمة على جبل" (مت 5: 12). ونحنأيضًا الذين كنا في الظلمة وظلال الموت أشرق علينا الرب من جباله الأبدية، أي من خلال أنبياء ورسله]. |
|