بينما كان داود الملك هارب من ابنه أبشالوم، الذي قاد تمرد مسلح ضده، خرج رجل من سبط بنيامين اسمه شمعي بن جيرا، وأخذ يرشقه بالحجارة، ويسبه، قائلًا: "وَهكَذَا كَانَ شِمْعِي يَقُولُ فِي سَبِّهِ: "اخْرُجِ! اخْرُجْ يَا رَجُلَ الدِّمَاءِ وَرَجُلَ بَلِيَّعَالَ!" (2صم 16: 7). فثار قواد جيش الملك، وطلبوا من الملك الإذن بمطاردة شمعي وقتله، ولكن الملك رفض باتضاع قلب، قائلًا: "لَعَلَّ الرَّبَّ يَنْظُرُ إِلَى مَذَلَّتِي وَيُكَافِئُنِي الرَّبُّ خَيْرًا عِوَضَ مَسَبَّتِهِ بِهذَا الْيَوْمِ" (2صم 16: 12).
لم يتذمر داود الملك من سوءِ حاله، ولا اهتمّ بكرامته الشخصية، لأنه أحس بحاجته الماسة لرحمة الله أكثر من أي أمرٍ آخر. لم يَدَعِ داود أنه بار ولا أنه لا يستحق الإهانات التي أصابته من ابنه أبشالوم، أو من شتيمة شمعي له، لكنه استرجع في قلبه ضعفاته، وتذكر خطاياه، فأعلن صراحة أمام شعبه، استحقاقه لكل ما يأتي عليه، قائلًا: إن الرب هو الذي قال لشمعي سبَّ داود.