رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جاءت هذه الرؤيا الأولى والتي ستتكرر تخدم الأمور التالية: أولًا: تعزي نفس حزقيال المحطمة، لكي يردد القول: "عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي" (مز 94: 19)، "لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزياتنا أيضًا" (2 كو 1: 5). لهذا رأى الرسول بولس الفردوس غالبًا وهو يُرجم في لسترة، واختطف الرسول يوحنا إلى يوم الرب وهو منفي في جزيرة بطمس. ثانيًا: جاءت الرؤيا تناسب الظروف المحيطة بالخدمة، إذ يقدم الله رؤياه وعطاياه حسب احتياجات كرمه. فحين التقى الله بموسى كأول قائد للشعب يقوم بالعبور بهم من حالة العبودية القاسية إلى البرية ليدخل بهم خلال يشوع إلى أرض الحرية، ظهر له على شكل العليقة المملوءة أشواكًا المتقدة نارًا ولا تحترق، ليعلن سر التجسد الإلهي والألم والقيامة. وكأنه لا انطلاقة للكنيسة إلا من خلال العمل الخلاصي بالمسيح المتجسد المصلوب القائم من الأموات. وجاءت المعجزات التي رافقت موسى النبي تؤكد ذات الشيء . أما هنا فكانت نفسية الشعب محطمة، خاصة وأن الكلدانيين كانوا يطوفون بموكب الإله بيل أو مردوخفي شوارع العاصمة في عظمة وأبَّهه، بينما حُرم هذا الشعب من هيكله وانقطعت عنه تسابيح التهليل، فظهر انكسارهم كأنه انكسار لإلههم. لهذا لم يعلن الله نفسه في عليقة بسيطة متقدة بل خلال المركبة النارية المملوءة مجدًا وبهاءً، وكأن الله قد أراد أن يؤكد لنبيِّه وشعبه أن مجده يملأ السماء والأرض حتى في اللحظات التي فيها يسلم شعبه للتأديب بواسطة الأمم. ثالثًا: تعلن هذه الرؤيا عن عطية الله للطبيعة البشرية التي تتقدس بالتجسد الإلهي. فالمركبة النارية إنما هي الكنيسة المقدسة كعرش إلهي، تمثل الكنيسة الجامعة كما تمثل نفس المؤمن الذي صار عضوًا في كنيسة الله ومركبة نارية ملتهبة تحمل الله في داخلها، بقبولها الروح القدس في سرى العماد والميرون وتسليمها حياتها بين يديه ليعمل فيها على الدوام. رابعًا: لعل الله أراد أن يعلن لحزقيال النبي ما ينبغي أن يكون عليه خادم الرب. فإن كان الله نارًا آكلة، هكذا خدامه أيضًا ينبغي أن يكونوا لهيبًا ناريًا (مز 104: 4)، إنهم يتشبهون بالمركبة النارية، حتى يستطيعوا بالروح القدس الناري أن يعملوا لحساب الله. في هذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [من يقوم بدور قيادي يلزمه أن يكون أكثر بهاءً من كوكب منير، فتكون حياته بلا عيب، يتطلع إليه الكل ويقتدون به ]. خامسًا: قبل استعراض الرؤيا قيل: "وصارت عليه هناك يدُ الرب" [3]. هذه العبارة محببة جدًا لدى حزقيال النبي، فإن كان بسبب السبي قد حُرم من استلام العمل الكهنوتي بالوراثة، لكن يد الرب امتدت عليه لتباركه وتسلمه روح النبوة... أنه مدعو من الله مباشرة ليرى أسرار ملكوت السموات، ويدرك خطة الله مع البشرية كلها عبر الأجيال حتى انقضاء الدهر. لقد عينه الله لخدمة المقُدَّسات السماوية! سادسًا: يرى العلامة أوريجينوس في عظته الأولى على سفر حزقيال أن حزقيال هنا يمثل السيد المسيح في لحظات عماده. لقد صار بالحق ابنا للإنسان وهو الكلمة الحقيقية. جاء إلينا نحن المسبيين، لا لنرى المركبة النارية، إنما ليقودنا بروحه القدوس خلال مياه المعمودية بقوة صليبه إلى عرشه الإلهي. يفتح أمامنا سمواته، فنجد لنا موضعًا في حضن أبيه، فيه نستقر، وفيه نستريح إلى الأبد. إنه يحول كنيسته إلى مركبة نارية بروحه الناري، فننطلق جميعًا بقلوبنا إلى عرش نعمته، نختبر عربون مجده حتى نراه وجهًا لوجه. ولكي نفهم هذه الأمور يلزمنا أن ندخل في بعض تفاصيل الرؤيا بإيجاز، والتي شملت ستة أمور: الريح والسحابة والنار، المخلوقات الحية الأربعة، البكرات، المقبب، شبه العرش والجالس عليه، وأخيرًا قوس قزح. هذه تحمل أسرارًا خاصة بالحياة السماوية كما بالكنيسة المقدسة وأيضًا حياة المؤمن الداخلية، خاصة خادم الرب. ولما كان النبي يحاول في هذا الأصحاح أن يصف ما لا يوصف، لهذا كثيرًا ما يكرر كلمة "يشبه"، وكأن اللغة البشرية والألفاظ والرموز لم تسعفه في التعبير عما رآه. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | الرؤيا الأولى مفرحة |
النبي دانيال | كان معاصرًا لحزقيال النبي |
الرؤيا التي قدمها الله لحزقيال النبي |
تعلن هذه الرؤيا عن عطية الله لحزقيال |
تصميم لحزقيال النبى |