رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لِذَلِكَ تَقَلَّدُوا الكِبْرِيَاءَ. لَبِسُوا كَثَوْبٍ ظُلْمَهُمْ [6]. إذ يتحدث المرتل عن مرارة نفسه من جهة الظالمين، غالبًا ما كان يتطلع إلى بعض العظماء وأصحاب المراكز العليا الذين يمارسون الظلم في عجرفة. وبروح الكبرياء يحسبون كأن ليس إله ليردعهم. إنه يتطلع إلى أطواق الذهب التي يقلدون بها رقابهم وثيابهم الثمينة، فيرى أن وراء هذه القلادات الذهبية توجد سلاسل تكبل نفوسهم، ووراء الثياب الزاهية الثمينة يوجد رداء الظلم تلتحف به أعماقهم. يزيِّنون أجسامهم بالذهب والثياب الفاخرة، لكن نفوسهم عارية بسبب الكبرياء والظلم. يرى القديس أغسطينوس في هؤلاء الأشرار الظالمين أنهم يزينون الخارج بالقلادات والثياب الفاخرة، فيحسبهم من يراهم أنهم في غاية السعادة. لكن هذا المظهر يخفي أعماقهم التي لا يراها الأشرار أنفسهم ولا الذين حولهم. من الخارج سعادة وقتية وصحة وغنى وسلطان، وفي الداخل قلق ومخاوف وضمير معذب ولا راحة! * "لذلك تقلدوا الكبرياء" [6]. لاحظوا هؤلاء الناس المتكبرين الذين بلا انضباط! لاحظوا الثور المُعد للذبح، فإنه يُسمح له أن يبقى في حرية، ويخِّرب ما يريد، وذلك حتى يحل يوم ذبحه... يشير الكتاب المقدس في موضع آخر أنهم كمن هم يُعدون للذبح، وتُركت لهم الحرية الشريرة (أم 7: 22)... إنهم يتغطون من كل الجوانب بشرورهم. يستحقون بحقٍ أن يكونوا بؤساء، إذ لا يرون ولا يُرون، لأنهم مرتدون ثيابًا، ولا يُنظر ما في داخلهم. لأنه من يستطيع أن يرى ما بداخل الأشرار، يدرك أنهم سعداء إلى حين، ويمكنه أن يرى ضمائرهم المعذبة، ونفوسهم مُغلفة بقلاقل مذهلة من جهة الشهوات والمخاوف، ويراهم بؤساء حتى وهم يُدعون أنهم سعداء . القديس أغسطينوس * سيَطر عليهم كبرياؤهم، وتغطوا بآثامهم وشرهم (مز 73: 6). فالإثم يوفر غطاءً رديًا. إن أراد أحدٍ أن يكسونا به يجب علينا أن نخلعه، وإلا يأتي معنا إلى القضاء (الدينونة). وإن حاول أحد أن يخلع رداءنا الروحي الذي تسلمناه لا نقبل ذلك. اخلعوا ثوبَ الإثمِ، والبسوا غطاء الإيمان والصبر الذي بهما غطى داود نفسه في الصوم، لئلا يفقد ثوب الفضيلة. الصوم نفسه غطاء، فحقًا ما لم يغطِ الصوم المقدس القديس يوسف لعّرتَه الزانية الشهوانية (قابل تك 29: 12). لو أن آدم اختار أن يغطي نفسه بذلك الصوم لما تعرَّى! لكن لأنه تذوق من شجرة الخير والشر، معاندًا المنعَ السماوي، ومتعديًا على الصوم (كاسرًا لقانونه)، الذي فُرض عليه بتناوله طعام "الانصياع للشهوة الحسية"، فقد عرَفَ أنه عريان (قابل تك 3: 6-11). لو صام لحفظ ثوب الإيمان، وما رأى نفسه عاريًا. فلننأى نحن عن تغطية ذواتنا بالإثم والشر، لئلا يُقال عن أحدنا "لبس اللعنة كثوبٍ" (مز 109: 18). فقد كسا آدمُ نفسه بكساءٍ ردي، وراح يتلمس أغطية من أوراق الشجر! لهذا نال حُكم اللعنة. (تك 4: 11) ولبس اليهود لعنةً؛ إذ كُتِب عنهم: "حفظ إثمهم كما الشحم (الدهن)، جاوزوا تصوراتِ قلوبهم" (مز 73: 7)، لأنه من "الدهن" تشتق كلمة "سمين" أي "غني" . القديس أمبروسيوس * عندما كان الإسرائيليون في محنة كانوا يزدادون بالأكثر في العدد، ولكن عندما تركهم لأنفسهم هلكوا جميعًا. ولماذا نتحدث عن أمثلة من القدماء؟ ففي وقتنا هذا، لننظر أليس الأمر هكذا، عندما يكون الغالبية في حال يُسرٍ، ينتفخون، ويعادون كل أحدٍ، وينفعلون بالغضب عندما تكون لهم سلطة... ولكن عندما تزول عنهم السلطة يصيرون لطفاء ومتواضعين، ويشعرون بحالهم الطبيعي. لهذا يقول الكتاب: "الكبرياء أمسك بهم إلى النهاية، انطلق الشر كما من السمنة" (راجع مز ٧٣: ٦ LXX) ]. القديس يوحنا الذهبي الفم |
|