في جوف الحوت إنحضر يونان في الضيق كما في قبر، ماتت فيه أفكاره الذاتية وقدراته وإمكانياته، لا يعرف ماذا يفعل، ولا يقدر أن يتوقع ماذا يحل به. يطفو الحوت على المياه فيتنسم يونان هواء ويرى بصيصًا من النور، ينزل به وسط المياه فيجد نفسه في ظلام دامس. يفتح الحوت فمه فيغرق يونان في مياه مالحة، يُخرج الحوت الماء ليسترد يونان أنفاسه. هكذا عاش يونان أيامًا قليلة، لولا رعاية الله له وإنعاماته عليه لصارت كل ثانية منها تمثل جبلًا ثقيلًا يحطم نفسه، وصار الموت بالنسبة له شهوة.
على أي الأحوال في الضيق التحم يونان بالسيد المدفون في القبر خلال الرمز والظل، فانطلق بقلبه وفكره لا إلى خارج الحوت إنما إلى ما فوق المكان، أرتفع إلى الله يُصلي كمن هو في مقدس سماوي، إذ قيل: "فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت" [1].