أن السيد نفسه التزم الصمت أثناء محاكمته كما جاء في مزمور آخر: "وأكون مثل إنسانٍ لا يسمع، وليس في فمه حجة" (مز 38: 14)، وما جاء في إشعياء: "ظُلِم أما هو فتذلل، ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساقُ إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها، فلم يفتح فاه" (إش 53: 7)، فكيف يقول هنا: "تعبت من صراخي، يبس حلقي" (مز 69: 3)؟
لقد قال: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟" (مز 22: 1). ولكن ما هو مدى شدة صوته، وإلى أي مدى زمني، حتى يجف حلقه؟ لقد طال وقت صراخه، إذ قال: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون" (مت 23: 13) إلى قوله: "ويل للعالم من العثرات" (مت 18: 7). لقد طال صراخه، حتى قال كثيرون من تلاميذه: "إن هذا الكلام صعب، من يقدر أن يفهمه؟" (يو 6: 60). إننا لا نعرف ما يقوله، قال كل هذه الكلمات؛ لكن حلقه يبس بالنسبة للذين لم يفهمونه.
القديس أغسطينوس