رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مخافة الله يتعرض الإنسان وقت الضيق والشدة لمشاعر الخوف من الخطر والأذيَّةِ، ولكن الأتقياء يشعرون بخوف من نوع آخر وهو عدم ارضاء الله أو عدم الثبات في الأمانة، وحفظ العهد مع الله، وشتان الفرق بين الاثنين وكل منهما قادر أن يلاشي من القلب الآخر. لقد اختار الرب يسوع المسيح الثبات في الأمانة وحفظ العهد على الصليب. لم يرتد الربُّ عن صليب العار، بل ظل ثابتًا على مبادئه وشهاداته التي عَلمَ بها. لقد اختار الخضوع لمشيئة الآب، فصلى على جبل الزيتون في البستان، قائلًا: "... يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ" (لو22: 42). وهكذا فعل الشهداء والأمناء، الذين خافوا الله ولم يخشوا الآلام، أو ما ستسببه لهم الضيقة. إن الهروب من الضيقة بعصيان الله، وعدم السلوك معه بأمانة هو عدم مخافة لله، لأن مخافة الله تترجم في الواقع العملي بتقدير عظمة الله وصلاحه والإيمان به. ولهذا يطيع خائفي الله وصيته ويصنعون مرضاته مهما كلفهم الأمر. لقد مدح الله إبراهيم أب الآباء لأنه خائف الله، بقوله: "... لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي" (تك22: 12). يمكننا أن نلمس معنى مخافة الرب من طاعة إبراهيم لله، فلم تكن مخافته لله اضطراب وفقدان أعصابه، ولكن الكتاب وضح معنى ذلك بكشفه عن طاعته لله دون تردد، وبسرعة. لم يطلب أب الآباء التأجيل ليجد فرصة للتفكير، لأن القرار كان حاضرًا في قلبه، كقوله: "فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ" (تك22: 3). إنَّ حبَ إبراهيم لله وإيمانه به واستعداده لطاعته جعله يثق فيه ويسلم أمره في يد الله الحنون، ولا يخاف من أية احتمالات مؤلمة قادمة. وهكذا فعل يوسف الصديق الذي أبطلت مخافة الله من قلبه الخوف من انتقام امرأة فوطيفار، فأطاع الله دون تردد. وما زال الأمناء خائفي الله لهم جرأة وشجاعة في الحَقِّ، ولا يهابون الضرر أو حتى الموت. القارئ العزيز... إن عشرتك لله وحبك له لا تكمل بدون مخافته التي تجعلك تحفظ وصاياه، كقوله: "... إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلًا" (يو14: 23). عليك أن تثق فيه، فلا تخاف من ضرر يصيبك في رزق، أو يفقدك مركزك الوظيفي أو الاجتماعي أو يفقدك صديق، بل خاف الله الذي أمرك، قائلًا: "وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (مت10: 28). |
|