رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس يوحنا الصليب/14 كانون الأول ولد القديس يوحنا في فونتيفرس فى إسبانيا نحو عام 1542، من أسرة يهودية تحولت إلى المسيحية. توفي والده وهو الثانية من عمره ، فشمّرت والدته كاترين عن ساعدَيها، وأخذت تعمل في الحياكة من الصباح حتى المساء، لكي تربح خبز عائلتها بعرق جبينها. وكان يوحنا الصغير ينظر إلى أناملها والى خيوط الكتّان تروح وتجيء وتتشابك، ومنها تعلّم يوحنا أنّ حياتنا على الأرض تُحاك يومًا بعد يوم كنسيج الكتّان، وحين يتمزّق ذاك النسيج، ستحظى النفس برؤية الله وجهًا لوجه. وفي سنّ الرابعة عشرة عمل ممرّضًا في إحدى المستشفيات، فكان يقوم بهذا العمل بكلّ محبّة وتضحية، يتفقّد غرف المستشفى ، مسرعًا إلى حيث يتعالى أنين المرضى وحشرجة المنازعين. فكان يغسل القروح الكريهة والجروح المعفّنة بكلّ غيرةٍ وحماسةٍ ومحبّة . وما كان يربحه من عمله كممرّض، كان يُنفقه على دراسته. فدرس الفلسفة عند الآباء اليسوعيين، وغالبًا ما اضطرّ إلى دراستها في الليل على لهب شمعة. كان قلب يوحنا يصبو دائمًا إلى فوق، إلى الله. فلماذا لا يترك كلّ شيء في سبيل محبّته وخدمته! لماذا لا يترك ذاته برمّتها بين يديه. فإنّ الله كان يدعو يوحنا إلى قمّة الجبل، ولبلوغ القمّة، كان عليه السير حثيثًا في طرقاتٍ وعرةٍ وتضحياتٍ جسيمةٍ وتجرّدٍ مُضنٍ ومُكلف. فإمّا الحصول على كلّ شيء أي الله، وإمّا اللا شيء. دخل رهبنة الكرمل عام 1568. وبعد أربع سنوات من دراسة الفلسفة واللاهوت، سيم كاهنًا في مدينة سلمنـكا وعُيّن يوحنا، الكاهن الشاب، معلّمًا للمبتدئين من الرهبان الشباب. كان همّه أن يقود إخوته الشباب في طريقٍ يكون فيها الدرس والصلاة متضامنين. فهم رهبان ودارسون، ولكنّهم رهبان اولاً. هناك التقى بالقديسة تريزا الأفيلية التي كانت قد بدأت حركة إصلاح في رهبنة الكرمل، وأخذ يوحنا يتابع بصمتٍ وببصيرةٍ نيّرة هبوب العاصفة القادمة. كان يوحنا قد بدأ حياةً صارمةً في الطعام واللباس، وفي ساعتيّ تأمّل عقليّ في اليوم، وفي حياةِ عملٍ وصلاةٍ متواصلين، وفي السكن في منزلٍ خشبيّ فقير، فاعتُبر هذا من قبل بعض الكرمليّين تمرّدا لا يجوز التساهل فيه. وفي أحد الأيام، وما إن خيّم الظلام حتى أقبل رجالٌ مسلّحون مع بعض الكرمليّين الرافضين عمليّة الإصلاح هذه، فهجموا على مسكنه الخشبيّ، وألقوا القبض عليه وعلى راهب آخر هو الأب جرمانوس، وساقوهما كمجرمين إلى السجن. فلزم يوحنا الصمت واستسلم لهم بكلّ طواعيّة. وبعد أن عصبوا عينيّ الأبوين وقادوهما إلى دير طليطلة، حيث أنزلوا بهما القصاص الأول. فجلدوهما جلداً قاسيًا داميًا وبعدئذٍ حبسوا كلاً منهما في غرفةٍ منفردةٍ، وأوصدوا عليهما الأبواب. وكان يوحنا يعلم أن لا ورد من دون أشواك ولا ربيع من دون شتاء ولا قيامة من دون جلجلة ولا قداسة من دون حمل الصليب. هكذا كان لا بدَّ ليوحنا من أن يدخل في جوف الليل المُظلم، بعدما أعرض عنه إخوته الرهبان، وبعدما صرخ من أعماق ليله: «إلهي! إلهي! لماذا خذلتني؟» وكأنّ الله قد انحاز إلى مضايقيه وتركه وحده. فلا يحقّ له إقامة القدّاس ولا الاعتراف ولا التناول. وكأنّه ساقط في حرمٍ كنسيّ. لم يُسمح له إلا َّ بكتاب الصلاة، فكان رفيق وحدته الموحشة. ونزولاً عند طلب الأب يوحنا تم إعطاؤه قلمًا وبعض الأوراق، ولبّى راهبٌ شابٌ محبٌ يقوم بحراسته، لبّى طلبه وأتحفه سرًّا ببعض الورق والحبر. وفي سجنه المظلم أخذ يوحنا يكتب مقاطعَ وأبياتٍ شعريّةً. فكتب «الليل المظلم» و"النشيد الروحيّ" وهي قصائد روحيّة مصبوغة بالصبغة الإلهيّة والروحانيّة الصوفيّة الإنسانيّة. عزم يوحنا على الفرار من سجنه بعد تردّد وقد مضى على سجنه تسعة أشهرٍ. فَصَنَعَ حبل النجاة من غطائيه بعد شقّهما وفتلهما رابطًا الأطراف بعضها ببعض. ثم حلّ البراغي عن شباك السجن وتدلّى منه ولاذ بالفرار. وتوجّه إلى دير الراهبات الكرمليّات المحصّنات، وأخبرهنّ أنّ العذراء سيّدة الكرمل هي التي سمحت له بالفرار، لأنّ أعمالاً عظيمة تنتظره في سبيل الإصلاح كانت هذه الخبرة دافعًا له لنكران الذات والتحليق فى الروحانيات. رقـد في الرب في منطقة الأندلس يوم 14 كانون الأول في العام 1590، وله من العمر 49 سنة. أعلنه البابا كليمنضس العاشر طوباويًّا سنة 1675. وأعلنه البابا بندكتس الثالث عشر قدّيسًا سنة 1726. أما البابا بيوس الحادي عشر فقد أعلنه معلّمًا للكنيسة جمعاء سنة 1926. والشعراء الإسبان أعلنوه شفيعًا خاصًا بهم سنة 1952. فلتكن صلاته معنا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صورة القديس يوحنا الصليب |
صلاة الى القديس يوحنا الصليب |
القديس يوحنا الصليب |
الصليب ـ القديس يوحنا ذهبي الفم |
الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم |