![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() “التنظيمات” و”الإصلاحات”: حكمت السلطنة العرب منذ البداية باسم الإسلام وأعطتهم الكثير من الصلاحيات طالما اعترفوا بقانون الشريعة الإسلامية وأعلنوا ولاءهم للسطان واحترموا قوانين السلطنة. وعاشت الأقليات الدينية في البداية بسلام محتفظة بحقها بممارسة دينها بشرط أن تدفع الجزية السنوية وهو ما نصت عليه الشريعة. لكن هذا لم يمنع المسؤولين الفاسدين من معاملة غير المسلمين كمواطنين من درجة ثانية ولم يمنع الإساءة إليهم في ظل العادات والتقاليد المتخلفة. لكن في المراحل الأخيرة من عمر السلطنة بدأت الأمور والمفاهيم تتغير. فمن جهة، كان صعود الإمبراطوريات الأوروبية وتطورها العلمي والتقني وتقدمها في فنون الحرب وإلحاق الهزائم المتكررة بالسلطنة يثير رعب واهتمام الباب العالي على حد سواء. ومن جهة أخرى، بات نهوض حركات التحرر القومية في أراضيها وخاصة في البلقان يهدد وجودها بشكل عام وينذر بقلاقل في المناطق الأخرى أيضاً. لقد شعرت السلطنة أن عليها أن تواكب العصر لترضي جميع القوميات التي تحت سيطرتها، وفي نفس الوقت عليها أن تلبي مطالب هذه الإمبراطوريات في إحداث تغيير جذري لسياساتها الداخلية وخاصة على صعيد مبادئ حقوق الإنسان التي جاءت بها الثورة الفرنسية وانتشرت في أورروبا كحقوق العدالة والمساواة بين المواطنين. في 1839، أصدر السلطان محمود الثاني حزمة من القوانين الجديدة وسميت (التنظيمات). وتحت هذه القوانين حاول أن يساوي بين مواطني السلطنة بالحقوق والواجبات بصرف النظر عن دينهم أو عرقهم أو قوميتهم. وأصبح بإمكان غير المسلم أن يشارك في الحياة الثقافية والإقتصادية، وسمح له بالدخول إلى المدارس وتعلم اللغة العربية (التي كانت حصراً على المسلمين) واللغات الأجنبية. تضاربت ردود الفعل على هذه القرارات. ففي حين رأى فيها المسلمون خروج على العادات والتقاليد وإذعان لرغبة الأوروبيين، لم يرضَ بها الأوروبيون وخاصة القسم المتعلق بالمساواة بين الأديان. فهي في فحواها لم تخرج عن قانون الشريعة. لذلك وبعد حرب القرم، ولإرضاء حلفائه الفرنسيين والبريطانيين الذين ساعدوه على الروس، وضع السلطان عبد المجيد الأول تعديلات جديدة في عام 1856 وسميت (إصلاحات) أقامت المساواة الكاملة بين كافة مواطني السلطنة. فبالإضافة إلى ما سبق ذكره أصبح يحق لغير المسلم أن يتوظف في دوائر الدولة ويخدم في الجيش. أما من ناحية القوانين المتعلقة بالدين فقد كانت أشبه بالثورة العلمانية، فقد رُفِعت الجزية الخاصة بغير المسلمين وأصبح من حق أي إنسان أن يتبع أي دين. لا يحق لأحد أن يُجبر غير مسلم على أن يصبح مسلماً وألغيت عقوبة القتل لمن يرتد عن الإسلام. وشملت الإصلاحات قطاع العدل والمحاكم الجنائية، فمنع التعذيب والعقوبات الجسدية، كقطع اليد. رفض الإسلاميون المحافظون من مواطني دمشق كل هذه القوانين واعتبروها أنها معادية للشريعة الإسلامية وتخالف كلام الله وخاصة القسم المتعلق بمساواة غير المسلمين بالمسلمين. وبدأ التململ والإستياء يسود أوساطهم خاصة من أوروبا المسيحية التي لم تتوقف عن الضغط على السلطان ومن مسيحيي البلقان الذين يحاربون من أجل استقلالهم ويوقعون خسائراً فادحة في جيش السلطنة. |
![]() |
|