رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق أسباب ظهور القديسة العذراء مريم على قباب كنيستها بالزيتون في 2 أبريل 1968 م. من أقوال قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني ظهور العذراء مريم حادثة تاريخية.... نسلمها للأجيال جيل بعد جيل … وشاهدنا البابا شنوده في العيد الأربعين لظهور العدرا يتحدث... وشفنا القديس البابا كيرلس أيضًا اللي في حبريته ظهرت أمنا العدرا... وشفنا آباء مطارنة وأساقفة أجلاء عاصروا وتكلموا وشهدوا... كل هذه أمور رائعة في حياتنا ونسلمها جيل بعد جيل... ولكن أيضًا يجب أن نشعر جميعنا بهذه الشفيعة المؤتمنة أمنا العدرا مريم، التي تشفع في جنسنا، لأنها فخر جنسنا، ونتعلم منها فضيلة السلام الداخلي... أطلب من ربنا النهارده... كل يوم في القداس... تقول له: يا رب اديني فضيلة السلام الداخلي واعطيني يارب هذه النعمة لكي، ما استحق أن أكون بالحقيقة ابن لهذه القديسة العظيمة أمنا العذراء مريم. |
17 - 12 - 2022, 12:01 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
شكرٌ واجبٌ أشكر الله الحنون الذي أعطاني شهوةَ قلبي في كتابةِ شيء بسيط عن هذا التجلي العظيم الذي للعذراء القديسة، فوق وعلى قبابِ كنيستها بالزيتون عام 1968م. والتي بصلواتها منحني الله نعمة لكي أكتب هذه الصفحات القليلة عن هذا الحدث العظيم، وأرجو أن تتقبل أمي العذراء القديسة هذا العمل المتواضع ليكون بشفاعتها بركةً لكثيرين ممَن سيقرؤونه. أقدم شكري وامتناني لأبي نيافة الحبر الجليل الأنبا مينا أسقف ميسيسوجا وفانكوفر وغرب كندا، على مراجعته لهذا الكتاب رغم انشغالاته الكثيرة في الخدمة وضيق وقت نيافته، وقد سعدت جدًا بمراجعة نيافته للكتاب لأنه أحد شهود العيان لهذا التجلي العظيم في عام 1968م. كما أَخصُّ بالشكرِ آبائي كهنة الكنيسة على تعضيدهم وتشجيعهم لي، لكتابة هذا الكتاب وما صدر من كتب أخرى من قبل. أَخصُّ بالشكرِ أيضًا الأحباء الخدَّام والخادمات الذين تعبوا في المراجعة اللغوية والتنسيق والطباعة. وأخصُّ بالشكرِ أيضًا خدَّام الكنيسة بمركز "تين أورو"، الذين بذلوا جهدًا كبيرًا في التنسيق وإضافة الصور والمستندات (الوثائق) اللازمة، لكي يخرج الكتاب في صورةٍ لائقة بهذا التجلَّي العظيم الذي ليس له مثيل.. لعظمته وأهميته في العَالمِ أجمع على مر التاريخ. |
||||
17 - 12 - 2022, 12:02 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
تقديم لنيافة الحبر الجليل الأنبا مينا "لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو 1: 48). إنَّ تجلَّي العذراء في كنيستها بالزيتون في 2 أبريل عام 1968م هو أعظم ظهور روحي في القرن العشرين، شهَد له قداسة البابا كيرلس السادس وكثير من أحبار وكهنة الكنيسة، بل والآلاف من الذين شاهدوا بأنفسهم هذا الظهور العجيب، كما تحدثت عنه الصحف والمجلات المصرية والأجنبية في ذلك الوقت، كما كُتبت عنه عدة كتب وثقت هذا الظهور العجيب. لقد ظهرت العذراء منذ 2 أبريل 1968م ولمدة شهور بأشكال مختلفة وأنا من الشهود العيان لهذا الظهور منذ بدايته في أبريل 1968م والذي كان واضحًا جليًا للجميع. بالتأكيد هناك بركات كثيرة لهذا الظهور سواء معجزات أو تثبيت إيمان الكثيرين بل وتغيير حياة الكثيرين أيضًا. نشكر قدس أبونا الحبيب بيشوي فايق كاهن كنيسة العذراء بالزيتون، على هذا المجهود الجميل وعلى تعبه في إعداد هذا الكتاب الجميل، الذي يتحدث فيه عن العذراء في تعاليم الكتاب المقدس وتعاليم الآباء، وأيضًا في صلوات وتسابيح الكنيسة. ويتحدث عن هذا الظهور الروحاني من حيث أشكال التجلَّي، وبركات هذا الظهور، وأشياء أخرى كثيرة سوف نقرأها في هذا الكتاب. نطلب من الرب يسوع أن يعوض أبونا الحبيب على تعبه في إعداد وتجهيز هذا الكتاب ببركة السيدة العذراء أم النور وقداسة أبينا الحبيب البابا تواضروس الثاني |
||||
17 - 12 - 2022, 12:04 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
هذا الكتاب ظهور وتجلي العذراء في الزيتون أمر قد ترتب، وأُعِدَ له من قبِلِ السماء وهدفه خلاص الناس. وهو رسالة لا بد أن تفحص الكنيسة ما ورائها من معاني روحية لخير الناس، وتقدمهم الروحي وخلاصهم، لأن الغاية العظمى من كل ما يدبره الله، أو يسمح به تحت السماء هو خلاص كل أحد، كقول الكتاب: "... فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَكُمْ:... أَمِ الْعَالَمُ، أَمِ الْحَيَاةُ، أَمِ الْمَوْتُ، أَمِ الأَشْيَاءُ الْحَاضِرَةُ، أَمِ الْمُسْتَقْبَلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ" (1كو 3: 21، 22). هذا الكتاب لا يركز كثيرًا على الحقائق التاريخية لتجلي العذراء في الزيتون عام 1968م، لأنها سُجلت، ووثقت في الكثيرِ من الكتبِ القيمة من قبل، ولكنه يحتوي على الكثير من التأملات الروحية التي تكشف عن جمال العذراء أم النور، والتي قدمتها السماء للناس فوق قباب كنيسة الزيتون، كمعينة وشفيعة وأم قادرة ورحيمة... يحتوي الكتاب أيضًا على تأملات روحية في مناظر وأشكال الظهور كما وصفها شهود العيان، كما ينبه ذهن القارئ لفهم معاني ورموز الظواهر الروحانية، التي صاحبت تجلي العذراء في ضوءِ تعاليم الكتاب، كقوله: "وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ، الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ" (1كو 2: 12، 13). أتمنى أن يكون هذا الكتاب سبب بركة لكل مَن يقرأه، بشفاعة سيدتنا وملكتنا أم النور العذراء القديسة والدة الله مريم. |
||||
17 - 12 - 2022, 12:07 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
الأفعال تتكلم تحير الكثيرون في معرفة الغرض من ظهور أم النور مريم في، وعلى قباب كنيستها بالزيتون في 2 أبريل عام 1968م، وقد أُشيع أن العذراء قد تركت رسالة لكاهن الكنيسة الشيخ الوقور قسطنطين موسى (المشهود له بالتقوى) عن هذا التجلي، وقد كتبت PEARL ZAKI في كتابها BEFORE OUR EYES ما يلي: "قام نيافة الأنبا غريغوريوس، رئيس اللجنة البابوية الذي أرسله قداسة البابا كيرلس السادس للتحقيق في أحداث كنيسة الزيتون، بسؤال الأب قسطنطين: "ما هي الرسالة التي أعطيت لك"؟ وقد أخبر الأب قسطنطين نيافته، بأن مريم العذراء كشفت له عن طبيعة ظهوراتها الوشيكة في كنيسة القديسة مريم، وأخبرته بأن يكون جاهزًا! وقد كان". ورد هذا على لسان الأنبا غريغوريوس[3] لم يثبت بالدليل وجود رسالة نصية أو كلامية قد تركتها العذراء للناس بخصوص هذا التجلي، لكيما يتكشف لهم أغراض وأسباب هذا التجلي الفريد من نوعه. ولكننا في تناولنا لهذا الكتاب سنترك مؤقتًا البحث في هذه النقطة، حتى نتمكن من الاستفاضة في التأمل عن صفات العذراء القديسة، وفضائلها وظروف تجليها، وأشكال تجليها، والظواهر الروحانية المصاحبة لتجليها، ونتائج هذا التجلي العجيب أولًا، ومع وضوح كل ذلك يمكننا أن نستنتج الغرض من زيارات النعمة التي شرفت بها العذراء هذه الكنيسة المباركة وشعبها، بل العالم كله مدة من الزمن تصل إلى نحو سنتين وبضعة أشهر. إننا لا يمكننا أن نحصر نعمة الله في عدد محدد من النعم، أو في إطار معين يمكن تخيله، لأن الله غني ويعطي حسب غناه، كقول الكتاب: "فَيَمْلأُ إِلهِي كُلَّ احْتِيَاجِكُمْ بِحَسَبِ غِنَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (في 4: 19). وإنه لمن الخطأ حصر غرض السماء من تجلي العذراء بأهداف معينة: مثل الاستعداد للأيام الأخيرة فقط... أو تعويض المؤمنين عما فقدوه من بركة زيارة الأماكن المقدسة في القدس في ذلك العام... أو... أو... لأن ذلك يقلل من نعم الله، التي أفاضها علينا من خلال هذا التجلي العجيب. لقد قضى معلمنا بولس الرسول في مدينة ترواس ليلة كاملة، يعظ ويعلم المؤمنين، ثم صلى معهم وناولهم من الأسرار المقدسة، وأثناء اجتماعه بهم أقام من الموت شاب كان قد مات، بعد أن سقط من الطبقة الثالثة، ولهذا وصف كاتب سفر الأعمال عظمة البركة التي نالها شعب ترواس من وجود معلمنا بولس الرسول معهم، قائلًا: "وَأَتَوْا بِالْفَتَى حَيًّا، وَتَعَزَّوْا تَعْزِيَةً لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ.." (أع 20: 12). إنَّ البركات التي نالها العالم والكنيسة والمؤمنون؛ جماعات وأفراد في هذه الفترة كثيرة جدًا، ولا يمكن أن تختزل في بضع نقاط، ودليل ذلك التأثير الفعال لهذا التجلي في تقوية إيمان الناس بالله. إن الله يتكلم بالأفعال قبل الأقوال، كقول الكتاب عن الرب يسوع المسيح: "اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ أَنْشَأْتُهُ يَا ثَاوُفِيلُسُ، عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ" (أع 1: 1). فالمتأمل للبركات التي حصدها الناس من وراء تجلي العذراء في الزيتون يستطيع أن يدرك غرض وهدف هذا التجلي، ومن يريد أن يدرك لماذا تجلت العذراء في 2 أبريل عام 1968م، عليه أن يجمع الفوائد الروحية، التي يمكن أن يتعلمها الناس من تفاصيل هذا التجلي وما تشير إليه من تعاليم إنجيلية، حينئذ سيتعرف على الكثير من أغراض الظهور الخلاصية والتي دفعت الكثيرين في طريق الإيمان والخلاص، لأنها هي هدف السماء من وراء هذا التجلي. إننا لا بد أن نقرأ هذا الظهور وتفاصيله في ضوء تعاليم الكتاب المقدس، كقوله: "... لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ" (1كو 2: 13). فمثلًا لا بد أن نفهم ما يرمز إليه الحمام أو السحاب أو البخور أو... أو... كما جاء في الكتاب المقدس، ولا بد لنا أيضًا أن نفهم كل ما جاء عن العذراء في الكتاب المقدس، حينئذ سنفهم الرسالة التي تتفق مع شخصيتها المباركة، وهكذا.... القارئ العزيز... ستتمتع ببركات سمائية عظيمة من خلال قراءتك لتأملات هذا الكتاب، والتي هي في الواقع منهج عملي حياتي، ومثال حي لحياة أم النور مريم، التي أشرقت بنورها لتدعو كل أحد للخلاص. إنني أثق أن من يتأمل في منهج حياة العذراء القديسة الطاهرة وفضائلها لا بُد أن يشتاق لحياة القداسة، فيتبع العذراء القديسة في الطريق للمجد، كقول الكتاب: "كُلُّهَا مَجْدٌ ابْنَةُ الْمَلِكِ فِي خِدْرِهَا. مَنْسُوجَةٌ بِذَهَبٍ مَلاَبِسُهَا. بِمَلاَبِسَ مُطَرَّزَةٍ تُحْضَرُ إِلَى الْمَلِكِ. في إِثْرِهَا عَذَارَى صَاحِبَاتُهَا. مُقَدَّمَاتٌ إِلَيْكَ. يُحْضَرْنَ بِفَرَحٍ وَابْتِهَاجٍ. يَدْخُلْنَ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ" (مز 45 : 13- 15). وهذا عينه ما تجلت العذراء لأجله في 2 أبريل 1968م في كنيستها بالزيتون. . |
||||
17 - 12 - 2022, 12:09 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
تمهيد تَعَرف الناس بسهولة على العذراء أم النور عندما تجلت على قباب وفي كنيستها بالزيتون في 2 أبريل عام 1968م، ذلك لأنها ظهرت لهم بصورة مطابقة لإيمانهم الذي تعلموه من خلال تعاليم الكتاب المقدس. فقد ظهرت القديسة العذراء مريم كأم تحمل على ذراعيها ابنها الرَّب يسوع.. وظهرت أيضًا في صورة منيرة، لأنها أم النور بحسب إيمان الكنيسة.. وظهرت أمام عيون الناس، يحيط برأسها هالة من نور بحسب إيمان الكنيسة عنها كقديسة عظيمة. وظهرت وعلى رأسها تاج ملكي، لأنها الملكة أم ملك الملوك ورب الأرباب. إن العذراء التي ظهرت في الزيتون في ذلك الزمان بحسب معتقد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي ذات الكرامة والشفاعة، التي صنعت الكثير من الآيات ومعجزات الشفاء. وهي أيضًا الهادئة كما شهد لها الكتاب المقدس...، وهي الحنون التي باركت الجموع المحتشدة، وهي المعينة...، وهي...، وهي...، وهي... إنها العذراء القديسة والدة الإله أم النور مريم التي عرفناها من خلال الكتاب المقدس، ومن خلال تعاليم الآباء، ومن خلال تسابيح وصلوات الكنيسة المسلمة لنا جيل بعد جيل. إننا لا يمكننا أن نتكلم عن ظهور العذراء في كنيسة الزيتون وخصائصه ونتائجه والغرض منه، بعزلة عن شخصية العذراء التي عرفناها من خلال الكتاب المقدس، ومن خلال صلوات الكنيسة الطقسية (الليتورجية) المسلمة لنا من الآباء الأولين، لذلك سنتناول في الكتاب الفصول التالية:
|
||||
17 - 12 - 2022, 12:11 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
الفصل الأول: العذراء وتعاليم الكتاب المقدس منذ الآن جميع الأجيال تطوبني لم يكتف الملاك بإعلانه عن رضا الله وسروره بالعذراء القديسة، بقوله: "... لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ" (لوقا 1: 30)، لكن الملاك كشف عظمة النعمة التي نالتها العذراء، بقوله: "وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ" (لو 1: 31، 32). فاقت العذراء البشر أجمعين في الكرامة، بسبب عظمة النعمة التي نالتها. لقد استحقت أن يلقبها الملاك بالممتلئة نعمة، ولهذا تطوبها جميع أجيال البشر، كما تنبأت، بقولها: " لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لوقا 1: 48). يشهد التاريخ بتحقق نبوة العذراء بتطويب الأجيال لها على مر العصور أفرادًا وجماعات وهيئات. ولكن هذا التطويب تأكد وتحقق بصورة لم يسبق لها مثيل بتجلي العذراء فوق وعلى قباب كنيستها بالزيتون عام 1968م. لقد اهتم مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث بالتأريخ لهذا التجلي العظيم، ففي كلمة له بخصوص تجلي العذراء في الزيتون عام 1968م. في عيد تجليها الأربعين وصف الجموع المحتشدة من كل مكان، لتنعم ببركة رؤية العذراء وتطويبها، قائلًا: " كان الناس يقضون الليالي حول الكنيسة ينتظرون هذا الظهور وعيونهم وقلوبهم معلقة بقباب الكنيسة.. وكثر الناس وتجمعوا بمئات الآلاف، ولم يكن هذا أمرًا عاديًا في أيام جمال عبد الناصر، بل علي عكس ما كان يعتقد البعض. أخذت الدولة بأجهزتها المتعددة تعطي اهتمامًا بظهور العذراء، وكان لابد أن تعطي الدولة هذا الاهتمام بعد أن بدأت مجموعات كبيرة من السائحين تفد إلي مصر في أفواج متلاحقة، حتي جاء وقت كان حجز الطائرة للمجئ إلي مصر أمر صعب في بعض البلاد.. وكان اهتمام الدولة واضحًا من توجهات أكثر من وزارة.. ووزارة الداخلية اهتمت بتأمين سلامة الجماهير الموجودة بعشرات الآلاف ومئات الآلاف أحيًانا، حتي قيل إن قطارًا يتحرك كل 10 دقائق لنقل الوفود القادمة من كافة المحافظات إلي الزيتون بالإضافة إلي 150 سيارة أتوبيس يوميا تعمل علي 8 خطوط..." واستفاض قداسته في شرح عظمة الحدث، وما أحدثه من صدى عالمي واسع، فقال أن الأمر لم يقف عند حضور الجموع لرؤية ومشاهدة الظهور... لكن الصحف المحلية والعالمية ووكالات الأنباء، وأيضًا المحطات التليفزيونية العالمية تتبعت ظهور العذراء في الزيتون، وأرجع قداسته ذلك لاستمرار ظهور العذراء فترة طويلة امتدت حتى عام 1970م كقول قداسته: "وأيضا ظهورها كان لمدة طويلة ففي بعض الظهورات كانت تظهر، وينتهي ظهورها في نفس اليوم. أما العذراء في الزيتون فقد استمر ظهورها لأشهر طويلة امتدت من عام 1968 إلي عام 1969 وإلي بداية عام 1970." القارئ العزيز... لا يكفي فقط تطويب العذراء بمدحها بالألقاب كتسميتها مثلًا بالمطوبة، ولكن تطويب العذراء لا يتحقق دون إدراك لعظمة فضائلها، وما نالته من نعمة عظيمة تفوق الوصف، وهذا لا يأتي دون الدراسة والتأمل العميق لكل ما يخص أمنا العذراء القديسة مريم. حينئذ سيمتلئ قلبك بمشاعر عميقة عن عظمة أمك العذراء والدة الإله، وسيلذ لك أن تشارك الكنيسة التماجيد والتسابيح اللأئقة بها، وسينبض قلبك بحب أم النور أمك، وستجدها قريبة منك جدًا. لقد نصح قداسة البابا شنوده الثالث بالتأمل في عظمة العذراء وفي تجليها فوق قباب الزيتون، بقوله: "جميل بنا ان ننتزع أنفسنا من وسط مشغوليات العالم، لنسبح في هذه الذكريات المقدسة، ونعيش -ولو للحظات- في عالم اسمى من عالمنا، وفي أجواء روحية تعلو بنا إلى فوق، حسبما تستطيع أرواحنا أن ترتفع..." |
||||
17 - 12 - 2022, 12:14 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
الملكة البارة أقام الملوك أمهاتهم معهم ملكات، وبالطبع كان لهنّ سلطانًا في المملكة، ولكن سلطان الملكة كان لا بد أن يتوافق مع سياسة الملك ومبادئه. لقد أعطى سليمان لأمه كرامة خاصة، كقول الكتاب: "فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ... فَقَامَ الْمَلِكُ لِلِقَائِهَا وَسَجَدَ لَهَا وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَوَضَعَ كُرْسِيًّا لأُمِّ الْمَلِكِ فَجَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ" (1مل2: 19). ومع ذلك رفض سليمان طلبها بشأن زواج أخيه أدونيا من (أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ) امرأة أبيه داود، لأن ذلك كان مخالفًا للشريعة وللناموس. أما معكة زوجة رحبعام الملك فكانت ملكة في عهد الملك آسا، ولكن آسا خلعها من المُلك بسبب شرها، كقول الكتاب: "حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّهُ خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً، لأَنَّهَا عَمِلَتْ تِمْثَالًا لِسَارِيَةٍ، وَقَطَعَ آسَا تِمْثَالَهَا وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ" (1مل15: 13). إن الملكات اللائي يعملنّ ضد مشيئة ملكهن يفقدن كرامتهن. أما العذراء القديسة مريم فقد صارت ملكة بالحقيقة، لأنها كانت تعمل مشيئة ابنها وملكها، حسب قوله: "لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي" (مت12: 50). لم يرفض الرَّبُّ يسوع تكريم أقاربه، لأنَّ تكريمَ الأب والأم واجبٌ وحق، لكنه أوضح أن مَن يُريد أن يكون قريبًا له، لا بد أن يصنع مشيئته الطوباوية، ولا بديل عن ذلك. فكلما اقترب الإنسان من الله كلما اقتدى بالله في القداسة، فيصير محبوبًا له، كالأخ والأخت والأم. لقد استحقت العذراء القديسة مريم أن تكون أمًا للمسيح الرب بالجسد، فاختارها وسكن في أحشائها تسعة أشهر، واختارها أيضًا لتحمله على يديها، وليسكن معها في بيتها، ذلك لأن الله سبقَ ونظر أمانتها وحبها له. ولهذا أيضًا استأمنها على رعاية ابنه الظاهر في الجسد وهو رضيع، واستأمنها أيضًا أن تعلمه، وتسلمه خبراتها الإيمانية، كما تفعل الأمهات مع أطفالهن، كقول الكتاب: "وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ" (لو 2: 52). لقد استؤمنت العذراء القديسة على رعاية ابن الله الحبيب وهو طفل، إذ أنها كانت قادرة أن تهيئ للمولود الإلهي وسطًا مقدسًا، لأنها قد اعتادت أن تحيا حياة مقدسة منذ طفولتها. القارئ العزيز... إننا نؤمن أن العذراء ملكة حقانية، وأن لها سلطان وشفاعة عظيمة، لأنها بارة وقديسة وممتلئة من نعمة الله، وهي تسعد وتفرح بكل من يصنع مشيئة ابنها الحبيب، ولسان حالها يردد ما قالته قديمًا للخدَّام في عرس قانا الجليل: "... مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ" (يو2: 5). فيا ليتك تُطيع العذراء الملكة كما أطاعها الخدَّام في عرس قانا الجليل. |
||||
17 - 12 - 2022, 12:16 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
نفس العذراء الشَبعانة أشاعَ سلام العذراء والدة الإله بهجة عظيمة في نفس أليصابات فطوبتها بمديح، قائلة لها: "... مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي" (لو1: 42- 44). ولكن العذراء القديسة لم تهتمّ كثيرًا بسماع كلمات المديح، لكنها سَبَحَّت الله القدير، واتضعت أمامه، قائلة: "فَقَالَتْ مَرْيَمُ: "تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي" (لو1: 46- 48). لم تطلب العذراء القديسة مجدًا من الناس، لأن نفسها كانت في حالة شبع بالنعم الكثيرة الموهوبة لها من الله. إنَّ مَن يطلب لنفسه مجدًا من الناس هو فقير النفس، ولم يتذوق غنى عطايا الله ومجده. فلذلك يتسول لنفسه مجدًا زائفًا رخيصًا من الناس، ولن ينعم بمجدِ الله، كقول الرب: "كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟" (يو 5: 44). إن الله الخالق هو الوحيد القادر أن يُغني نفس الإنسان، ويُشبعها برضاه ونعمه الكثيرة. أما من لم يغتنِ بالله، فسيظل يبحث لنفسه عن كرامة وتقدير لدى الناس، ولن يجد في النهاية شبعه!! كقول الكتاب: "اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ" (أم 27: 7). نالت العذراء غنى عظيم برضا الله عليها، بحسب قولها، ولهذا امتلأت من النعم الإلهية الكثيرة، فصارت الممتلئة نعمة. لقد باركها الله بالخيرات السماوية الفائقة، التي تدوم وتعوض النفس عن أي خسارة. لم تضطرب العذراء القديسة لميلاد ابنها (المالئ الأرض والسماء) في مكان بسيط، ولم تضطرب وهي تقمطه وتضعه في مزود للبقر، لأنها أدركت مقدار عظمته التي حولت المزود سماءً. اكتفت العذراء القديسة بعظمة وجود المسيح ابن الله الأزلي بين ذراعيها، ولهذا لم تلتفت إلى ما عانته من فقر أو مَشَقَّات. لقد اكتفت القديسة الطاهرة بما نالته من نعم، بسبب وجود ابن الله في حياتها. القارئ العزيز... لا تفتخر بذاتك أمام الناس طالبًا منهم مجدًا، لأنهم لن يقدروا أن يعطوك، وإن أعطوك اليوم شيئًا، فقد يسلبوك غدًا ما أعطوه لك. أعلم يا أخي أنه لا قيمة لكل مديح تسمعه أذنك من الناس، لأنه صادر من البشر الخطاة، الذين قيل عنهم: "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ" (رو3: 23). أما الله فهو الغني، الذي قيل عنه: "الْمُقِيمِ الْمَسْكِينَ مِنَ التُّرَابِ، الرَّافِعِ الْبَائِسَ مِنَ الْمَزْبَلَةِ لِيُجْلِسَهُ مَعَ أَشْرَافٍ، مَعَ أَشْرَافِ شَعْبِهِ" (مز113: 7- 8). |
||||
17 - 12 - 2022, 12:17 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب قباب الزيتون المنيرة - القس بيشوي فايق
قلب العذراء يحفظ ويتفكر بكلام الله جاء الرعاةُ مسرعين إلى بيت لحم ونظروا الطفل يسوع، وأخبروا بكل ما قال لهم الملاك، ثم سجدوا له وانصرفوا. ولكن العذراء القديسة حفظت كلام الرعاة في قلبها وتأملته، كقول الكتاب: "وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا" (لو2: 18- 19). القلب؛ أي داخل الإنسان أو باطنه هو موضع التأمل والتفكير في كل ما يسمعه، أو ما يراه الإنسان، وأثناء التفكر والتأمل يسترجع الإنسان أمور أخرى مرتبطة بما يتأمله. إني أتخيل العذراء القديسة بعد سماعها من الرعاة أن المولود هو المخلص، قد استرجعت أجزاء من سفر إشعياء.. مثل قوله: "أَنَا أَنَا الرَّبُّ، وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ" (إش43: 11). وأنها تذكرت أيضًا أن ابنها هو العجيب والأبدي والأزلي المولد خصيصًا لخلاص البشرية، كقوله: "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ" (إش 9: 6). وهكذا كانت العذراء القديسة من خلال تأملاتها تدرك بقلبها أسرار مفرحة، كشفها لها الروح القدس. إن كثيرين من الناس قد يتعجبون من أعمال الله، ولكن الأتقياء أمثال العذراء القديسة لا يكتفون بالتعجب، لكنهم يتأملون، ويتفكرون، ويسترجعون أقوال الله ومحبته ووعوده الصادقة لهم. لقد أمر الرَّبُّ شعبه منذ القديم أن يلهج نهارًا وليلًا في ناموسه. إن اللهج في أقوال الله يعني الفرح بأقواله، والاهتمام والشوق لمعرفتها وفهمها، واكتشاف ما فيها من أمور خفية، وذلك كقول الكتاب: "لكِنْ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ مَسَرَّتُهُ، وَفِي نَامُوسِهِ يَلْهَجُ نَهَارًا وَلَيْلًا" (مز1: 2). ومع استمرار الاهتمام والانشغال بكلمة الله تُصَيِّر الكلمة موضوع تفكير وانشغال الإنسان، فإذا نام قد يجد نفسه يرددها في نومه، وإذا استيقظ يجدها أول ما يَرّدْ على باله وفكره. كل هذا يحدث بتلقائية وفرح وشغف، وقد لوحظ أن بعض الأتقياء يرددون أقوال الله في مرضهم دون وعي منهم. القارئ العزيز... قراءة الكتاب المقدس عمل عظيم يحتاج للفهم والربط بين نصوصه وأحداثه بعضها البعض، كقوله: "الَّتِي نَتَكَلَّمُ بِهَا أَيْضًا، لاَ بِأَقْوَال تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ، بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ" (1كو 2: 13). وهذا لا يتم بدون انسكاب نعمة الروح القدس من خلال الصلاة واللجاجة، حينئذ سَيُفهِمك روح الله ما تقرأ، وسيقود تأملاتك، ويهئ لك من خلالها إرشادًا صالحًا خاصًا بك، لتعزيتك وإرشادك وتقويمك في سبيل الحياة الأبدية. |
||||
|