+ تحدثوا عن عذراء حرة عفيفة هادئة في منزلها، فأحبها شاب ردئ ، ولم يكن يكف عن التردد على منزلها، فلما شعرت العذراء لتردده وقتاله، شق ذلك عليها جدا وحزنت ، فحدث في يوم من الأيام أنه جاء كعادته يدق ألبان ، وكانت العذراء حينئذ جالسة على المنسج، فلما علمت أنه هو الذي يدق على الباب ، خرجت إليه ومعها مخرازها، وقالت له : " ما الذي يأتي بك إلى ههنا يا إنسان ؟" فقال لها " " هواك يا سيدتي " فقالت : " وما الذي تهواه منى ؟ " فقال لها : "عيناك فتنتانى ، وإذا أبصرتك يلتهب قلبي " ، فجعلت مخرازها في أحدى عينيها ، وقلعتها بصرامة وطرحتها له ، وشرعت في قلع الآخرى، فأسبرع الشاب وأمسك بيدها، فدخلت إلى منزلها وأغفلت بابها، فلما رأى الشاب أن عينها قد قلعت حزن جداً، وندم على ما كان منه، وخرج إلى البرية من ساعته وترهب " .
+ وقيل أنه لما نهب بيت المقدس ، وقعت عذراء راهبة شابه جميلة ، في قسم أحد الفرسان الذي أراد أفسادها. فقالت له : " تمهل قليلا لأن بيدى مهنة تعليمتها من العذارى ، ولا تصلح لعملها الاعذراء، والا فلا نفع لها" فقال لها : "وما هى ؟ " فقالت له : " هي ذهن إذا دهن به إنسان ، فلن يؤثر فيه سيف أو أي نوع من الأسلحة البتة. وأنت محتاج إلى ذلك، لأنك في كل وقت تخرج للحرب" ، فقال لها "وكيف أتحقق ذلك؟" فأخذت زيتا ووجهت إليه الكلام قائلة : "أدهن رقبتم، وأعطنى السيف كى أضربك به " فقال لها : " لا ، بل أدهنى أنت رقبتك أولاً ، وأنا أضرب بالسيف " فأجابته إلى ذلك ببشاشة ، وأسرعت فدهنت رقبتها وقالت: "أضرب بكل قوتك" ، فاستل سيفه، وكان ماضيا جداً، ومدت القديسة رقبتها، وضرب بكل قوته، فتدحرج رأسها على الأرض، ورضيت عروس المسيح أن تموت بالسيف دون أن تدنس بتوليتها. فحزن الفارس جداً، وبكى بكاء عظيماً، إذ قتل مثل هذه الصورة الحسنة، وعرف أنها خدعته لتلفت من الدنس وفعل الخطية.