|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نحن نعلم أهلًا بيك عزيزي القارئ في لقاء جديد نقف فيه معًا أمام أمر مهم يملأ كل مجالات حياة المؤمن الحقيقي. سنقف أمام تعبير تكرر في العهد الجديد حوالي ٣٠ مرة ألا وهو: «نحن نعلم». كيف نعلم؟ عندما نقول إننا نعلم أو نعرف، لا ندّعي إننا نختلف عن الناس أو من كوكب آخر. لكن كما هو مكتوب «لأَنَّنَا نَحْنُ مِنْ أَمْسٍ وَلاَ نَعْلَمُ» (أيوب٨: ٩)، وعن الله يقول الكتاب «هُوَذَا اللهُ عَظِيمٌ وَلاَ نَعْرِفُهُ» (أيوب٣٦: ٢٦). لكننا نبني علمنا ومعرفتنا على مصدر ثابت ويقيني إنه إعلان الله في الكتاب المقدس. يوجد في العالم ديانات كثيرة وبداخلها طوائف كثيرة، وبعيدًا عن الله الكل يتخبط. فهناك من يقال عنهم اللاأدريين الذين يقولون: لا ندري شيء، لكي يبرروا لأنفسهم العيشة كما يحلو لهم. وأناس كتب عنهم الرسول بطرس «قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، وَقَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟». وهنا يقول لنا سبب عدم معرفتهم وحيرتهم: «لأَنَّ هذَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ بِإِرَادَتِهِم». ثم يكمل حديثه ويقول للمؤمنين «وَلكِنْ لاَ يَخْفَ عَلَيْكُمْ هذَا الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ» (٢بطرس٣: ٣-٨). وهناك أيضًا الغنوسيون أصحاب المعرفة والعلم الروحي الذي بلا سند كتابي له. وهناك علماء وحكماء يتخبطون في جهلهم. مع أن الجميع يصدقون قانون الجاذبية وهم لا يروه، ويصدقون أن الكهرباء يمكن لها أن تبرد وتسخن لأن الإنسان قال هذا. لكنهم لا يصدقون الله عندما يتكلم ويعلن لنا ما يريده في كتابه المقدس. «إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ، فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ» (١يوحنا٥: ٩). إنه كبرياء من الإنسان الذي يدعي الجهل عندما يتكلم الرب. ولكن عندما لا يتكلم لا ندعي أننا نعلم بل نصمت. عزيزي القارئ.. قصدت بهذه المقدمة أن ألفت نظرك إلى المصدر الوحيد الأكيد والصادق الذي يمكنك أن تستمد منه المعرفة لكل ما تجهله؛ ألا وهو إعلان الله في الكتاب المقدس، والذي كتب عنه أحد كتبة الوحي «وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ» (٢بطرس١: ١٩). ماذا نعلم؟ إن ما أخبرنا به كتبة الوحي في الكتاب الموحى به من الله يعلمنا بكل ما هو نافع لإيماننا من جهة ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا أو بمعنى أدق أبديتنا. وبكل ما أراد الله أن يعلنه عن نفسه لنا. وأيضًا عن حالتنا وآثامنا. أعلمنا كيف أننا صرنا، بالإيمان، في المسيح وهو فينا، وكيف نعرف الحق من الباطل، ونعرف كيف نسلك بموجب وصايا الرب. كل هذا وأكثر نستمد معرفته من إعلان الله لنا في الكتاب المقدس. هذا ما سأجتهد بنعمة الرب أن ألقي الضوء على البعض منه. وخاصة فيما يخص الماضي والحاضر والمستقبل. فعن الماضي يقول الكتاب: «نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ» (١يوحنا٣: ١٤). وعن الحاضر يقول: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ» (رومية٨: ٢٨). وعن المستقبل يقول: «لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ» (٢كورنثوس٥: ١). نعلم ونعرف ما يخص الماضي «نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ» (١يوحنا٣: ١٤). ينقسم العالم إلى عائلتين: عائلة الله وعائلة إبليس. والمحبة هي من العلامات المميزة لعائلة الله وكل من انتقل من الموت إلى الحياة يحمل معه المحبة. والمقصود هنا ليست المحبة الطبيعية المرتبطة بالعواطف والمشاعر والتي تجعل الإنسان متسامحًا وودودًا أحيانا. ولكن المقصود هنا هي المحبة التي من الله لأن المؤمنين صاروا شركاء الطبيعة الإلهية بالولادة من الله وبالتالي انسكبت هذه المحبة في قلوبهم بالروح القدس. المحبة التي تحب الأعداء، وتبارك اللاعنين، وتحسن إلى المبغضين، كما علّم بها ربنا يسوع في موعظته على الجبل. تشابه واختلاف وإذا رجعنا لإنجيل يوحنا٥: ٢٤ نجد أن الرب يسوع سبق وقال هذه الآية بصيغة أخرى «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ». التشابه: في الانتقال من الموت إلى الحياة. والاختلاف: في الإنجيل يخاطب الرب الفرد غير المؤمن والميت روحيًا ويقدِّم له الطريق للحصول على الحياة الأبدية، وهو الإيمان به كمن ينقذ من الموت والدينونة ويعطي الحياة الأبدية، وأيضًا تصديق شهادة الله عن ابنه. أما في الرسالة فيكتب يوحنا مخاطبًا عائلة الله التي تكونت من المؤمنين جميعًا وبلغة اليقين «نَحْنُ نَعْلَمُ»، لا عن طريقة الانتقال، بل عن المحبة كشهادة على إننا انتقلنا من الموت إلى الحياة والبرهان العملي على هذا. فبالإيمان انتقلنا والمحبة هي الدليل على ذلك. محبتنا بعضنا لبعض ومحبة الأخ لأخيه والتي تظهره أنه ليس كقايين الذي قتل أخاه. المحبة التي يضعها الرسول بولس على رأس قائمة ثمر الروح والذي يختم به المؤمن عند إيمانه بالرب يسوع. صديقي القارئ: أتمنى أن تكون قد تيقنت إنك انتقلت من الموت إلى الحياة واختبرت حياة المحبة للاخوة وللآخرين. ولك اليقين من جهة كل جوانب حياتك مستندًا في ذلك على إعلان الله لنا في الكتاب المقدس والذي سنتتبعه في الأعداد القادمة بمعونة الرب.. |
|