إن كان إيمان إبراهيم قد رفعه فوق الأحداث، فبالإيمان حارب الملوك لينقذ ابن أخيه لوط، وبالإيمان أخذ ابنه إسحق إلى أرض المريا ليذبحه... لكن هذا الإيمان لا يتعارض مع المشاعر الإنسانية الرقيقة التي فجرت ينابيع دموعه أمام جثمان سارة! الإيمان لا يجردنا من الإحساسات، بل يقدسها وينميها في الرب. هذا ما نراه في أبينا إبراهيم رجل الإيمان، وما نلمسه في التلاميذ والرسل، بل وفي السيد المسيح نفسه الذي لم يحتمل دموع مريم ومرثا على أخيهما لعازر فبكى (يو 11: 35) حتى قال اليهود: "انظروا كيف كان يحبه؟!" (يو 11: 36). وقد جاءت رسائل معلمنا بولس الرسول مشحونة بالمشاعر الإنسانية المقدسة، فنراه يذكر دومًا منظر تلميذه تيموثاوس وهو يبكي عند فراق الرسول أو عند سجنه (2 تي 1: 3، 4).