القديسة فوستينا
قد يحدث أحياناً أنّ المعرّف يتعاطى بخفّة مع الامور الصغيرة. لا شيء صغير في الحياة الروحية. إن بعض الاشياء التي تبدو تافهة، تكشف أحياناً عن نتائج هامّة هي للمعرّف بمثابة دفق نور يساعده على معرفة النفس. كثير من الإشعاعات الروحية هي مخبّئة في أشياء صغيرة. إن بناءاً رائعاً لن يأخذ حجمه إن أهملنا قطع القرميد الصغيرة. إن الله يطلب الى بعض النفوس طهارة فائقة، لذا يعطيها معرفة عميقة لتعاستها. وإن النفس، إذا ما استضاءت بنور من عُلو تعرف ما يرضي الله وما لا يرضيه.
تتعلّق الخطيئة بدرجة المعرفة والنور في داخلنا. وهذا ما يصحّ بالنقائص أيضاً. رغم أنّ النفس تعرف أن ما يسمّى خطيئة – بالمعنى الحصري – هو فقط ما يخصّ سرّ التوبة، فإن للأشياء الصغيرة أهميّة كبرى للنفس التي تسعى إلى القداسة ولا يجوز أن يتعاطى معها الكاهن بخفّة. إن صبر المعرّف وعطفه يفتح الطريق الى عمق أسرار الناس الداخلية. حينئذ تكشف النفس، لا شعورياً، عن عمق الهوّة وتشعر أنها أكثر قوة ومناعة. فتحارب بشجاعة أكبر وتحاول ان تُحسّن أعمالها لأنها تعرف أنه ينبغي عليها أن تؤدي حساباً عنها.
أذكُرُ شيئاً آخر يتعلق بالمعرّف. إن من واجبه أحياناً أن يمتحن ويدرّب ويكلّم سواء كان يتعاطى مع القش أو الحديد أو الذهب الصافي. تحتاج كلّ من هذه النماذج الثلاثة من النفوس أسلوباً مختلفاً في التدريب – ينبغي على المعرّف – وهذه ضرورة لا بدّ منها – ان يكوّن حكماً واضحاً على كل نفس حتى يعرف، كم يمكنها أن تتحمّل من أعباء في بعض الأوقات والحالات والأوضاع الخاصة. بما يخصّني، بعد خبرات عديدة (سلبية) وبعد مرور بعض الزمن، لم أعد أكشف حالة نفسي أو أسمح أن يتعكّر سلامي لا سيّما، لمّا كنت ارى أنني لم أُفهَم بعد. هذا ما حدث، فقط لمّا أخضعتُ كل هذه النِعَم إلى رأي معرِّف حكيم واسع الاطلاع والخبرة. أعرف الآن كيف أتصرّف في بعض الحالات.