![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() اليوم الرابع: خلق الأنوار... من أجل الإنسان خلق الله العوالم الشمسية في دقة نظامها الفائق، لا ليجعل منا رجال فلك وإنما لأجل خدمتنا وإعلان حبه لنا. إن كان الله قد خلق الشمس لتنير له في النهار وتكون له عونًا في كل حياته، إنما يقدم لنا كلمته الحيّ شمس البر الذي يحول ظلمتنا إلى نهار لا ينقطع، واهبًا إيانا حياة جديدة داخلية. يسطع باشراقاته على الكنيسة فيجعل منها قمرًا تضيء على العالم، ويعمل في كل عضو ليجعل منه نجمًا له موضعه ليدور في الفلك الذي له ساكبًا نورًا وبهاء على الأرض. يقول العلامة أوريجينوس: [المسيح هو نور العالم الذي يضئ الكنيسة بنوره. كما يستمد القمر نوره من الشمس فينير الظلام، هكذا تستمد الكنيسة النور من المسيح لتضئ على الذين هم في ظلمة الجهل ]. كما يقول: [موسى أحد هذه الكواكب يلمع فينا، وأعماله تنيرنا. وبالمثل إبراهيم وإشعياء ويعقوب وإرميا وحزقيال، كل الذين شهد لهم الكتاب أنه أرضوا الله (عب 11: 5)]. وكما يقول أيضًا: [كلما ارتفعنا إلى فوق نتأمل الشروق من الأعالي، ويكون البهاء والحرارة بصورة أفضل. هكذا كلما صعد فكرنا وارتفع إلى المسيح اقترب من بهاء ضيائه، فنستضئ بنوره في أكثر روعة وجمال. وكما يقول بنفسه: "ارجعوا إليَّ يقول رب الجنود فأرجع إليكم" (زك 1: 3)... فإن كنا قادرين أن نرتفع معه إلى قمة الجبل مثل بطرس ويعقوب ويوحنا نستضيء بنور المسيح وبصوت الآب نفسه]. خلق الكواكب بأنواعها المختلفة وأحجامها المتباينة ومواقعها المتباعدة تبعث في النفس شوقًا داخليًا للمسيح في سماء الكنيسة فترتفع النفس من مجد إلى مجد (2 كو 3: 18)، لتكون كوكبًا أعظم بالمسيح يسوع. يقول الكتاب: "وجعلها الله في جلد السماء لتنير على الأرض" [17]. وكأن كل كوكب روحي يود أن يحتفظ بطبيعته ككوكب وعمله "إنارة الأرض" يلزمه أنه يبقي "في جلد السماء"، أي يبقي حاملًا الطبيعة السماوية. فإن سقط كوكب على الأرض يفقد كيانه ككوكب ويُفسد الأرض عوض أن ينيرها. هكذا كل نفس تجامل الآخرين فتسقط معهم في محبة الأرضيات وتعيش بفكر زمني تفقد طبيعتها السماوية، ويظلم نور الرب فيها، وتهلك معها الكثيرين. إذن لنحب الأرض ببقائنا في جلد السماء، لا في كبرياء أو رياء، وإنما في حب نعكس نور شمس البر على الآخرين، مدركين أن سر الاستنارة ليس فينا وإنما في شمس البر المشرق على الجميع مجانًا! إن كانت الأرض تشير إلى الجسد فإنه متى حملت النفس الطبيعة السماوية الجديدة وحلقت في جلد السماء ككوكب تعكس نور الرب على الجسد فيستنير، ولا تكون أرضنا (الجسد) عائقًا في طريق خلاصنا إنما تحمل نور المخلص فيها؛ هكذا يسلك الجسد مع النفس في تناغم وتوافق، ويتحقق القول: "وجعلها الله في جلد السماء لتنير على الأرض". وللقديس ثاوفيلس أسقف أنطاكية من رجال القرن الثاني بعض التعليقات على خلق الكواكب المنيرة في اليوم الرابع. ففي رأيه أن الأيام الثلاثة الأولى تشير إلى الله وكلمته وحكمته، وربما قصد الثالوث القدوس، وجاء اليوم الرابع يشير إلى البشرية التي خلقها الله ككواكب منيرة تخضع للوصية الإلهية. هذه الكواكب نوعان: كواكب بهية ثابتة لا تنحدر مثل الأنبياء ومن يتمثلون بهم؛ وكواكب سيارة تغير مركزها تشير إلى الذين ضلوا عن الله وتركوا وصيته. |
![]() |
|