منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 11 - 2022, 11:07 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

الصراحة: كيف؟ ومع من؟ وما حدودها؟


قداسة البابا شنوده الثالث




الصراحة: كيف؟ ومع من؟ وما حدودها؟


سألني أحد الشبان ذات مرة قائلًا:
"إنني إنسان صريح. لا أعرف النفاق ولا الرياء ولا المجاملة. ولا أقول غير الصدق في صراحة كاملة. ولكنني -للأسف الشديد- ساءت علاقتي مع الذين أصارحهم برأيي فيهم أو في تصرفاتهم. فيتعبون، ويسببون لي متاعب...
- فماذا أفعل. بماذا تنصحني؟ هل من الخطأ أن أتكلم بصراحة؟"
ولما كان موضوع الصراحة يهم الجميع، كما يهم صاحب هذا السؤال، لذلك يسرني أن أناقشه معه ومعكم في هذا المقال...

الصراحة ليست خطأ، بل قد تكون فضيلة أحيان.
إنما المهم هو في أسلوبها، ومع من تكون، وكيف تكون؟

والذي يتعب من صراحتك، إنما يتعب من الأسلوب الذي تتكلم به أثناء صراحتك معه. هل هو أسلوب لائق أم غير لائق؟ هل هو أسلوب جارح أو أسلوب قاسٍ؟ وهل يشمل اتهامًا أو توبيخًا؟ وهل هذا الاتهام فيه لون من الظلم، لأنه يعتمد على معلومات غير سليمة قد وصلت إليك؟ وهل أنت تتكلم بروح المحبة أم بروح الهجوم والهدم؟ وهل أنت في صراحتك تتدخل في ما لا يعنيك، وتتجرأ على ما هو ليس من اختصاصك؟

كذلك – في صراحتك – راع الأسلوب الذي تتكلم به مع شخص أكبر منك سنًا أو مقامًا أو مركزًا.
لاشك أن الصراحة معه تختلف عن صراحتك مع شخص في نفس سنك ومركزك. وتختلف عن صراحتك مع صديق توجد بينك وبينه دالة. وتسمح هذه الدالة أن تستخدم معه ألفاظًا لا تستطيع أن تستخدمها مع شخص كبير... إنك تستطيع مثلًا أن تقول في صراحتك مع صديق "أنت غلطان". ولكنك ربما لا تستطيع أن تقول هذه العبارة لوالدك أو عمك أو أي شخص له مهابة في نظرك. إنما تستخدم تعبيرًا آخر يكون فيه لون من الأدب والاستحياء..

لذلك فإن الصراحة يلزمها أدب المخاطبة:
فعليك في صراحتك أن تكون حريصًا على انتقاء الألفاظ. بحيث تستخدم ألفاظًا تصل بها إلى هدفك، دون أن تهين من تكلمه أو تجرحه أو تسئ إليه، لأن هذا غير لائق ولا يأتي بنتيجة سليمة... فهناك أشخاص -في صراحتهم- يستخدمون ألفاظًا مثل رجم الطوب. ويحاولون أن يخفوا هذا الخطأ تحت اسم الصراحة! ويكون العيب ليس في صراحتهم، وإنما في عدم حرصهم على أدب التخاطب، وفي عدم اللياقة..

كذلك ينبغي أن تكون الصراحة في حكمة، وبهدف روحي سليم..
فهل الهدف من صراحتك هو التوبيخ والإهانة ومجرد النقد؟ أم الهدف هو تبليغ رسالة معينة؟ أم الهدف هو العتاب والتصالح؟ فإن كان الهدف سليمًا، تكون الوسيلة الموصلة إليه سليمة أيضًا وتأتى بنتيجة طيبة...

أقول هذا، لأن البعض يظنون أن هدف الصراحة هو توبيخ المخطئ أو من يظنون أنه مخطئ. حسب قول أحدهم مفتخرًا بصراحته:
"أنا إنسان صريح. أقول للأعور: "أنت أعور" في عينه.
فهل يا أخي إن قلت هذا للأعور، تكون قد كسبته أم خسرته؟! وهل في معايرتك له بأنه أعور، تكون صراحتك سببًا في إرجاع البصر إلى عينه العوراء؟! أم هي صراحة لمجرد التجريح والإهانة والإيذاء؟! وبلا فائدة تجنيها منها...

مثل هذا الإنسان (الصريح) يرى في الصراحة إثباتًا لجرأته!!
يرى نفسه شجاعًا في تطاوله على غيره! إذن فلو كانت صراحته مجرد مجال لإثبات الذات لا تكون حينئذ فضيلة، بل خطية...
إنه يتجرأ في الهجوم على الكبار. وكلما ازداد قدر الذي يهاجمه، ازدادت ثقته بنفسه، واعتبر صراحته دفاعًا عن الحق، أو ما يتصور أنه حق! والمشكلة أن مثل هذا الشخص يتطور من الموضوعية إلى النواحي الشخصية! ولا يحترس في استخدام الألفاظ، حتى يصل إلى ما يعتبر سبًا وقذفًا!!
ويظن أن هذا كله هو لون من حرية التعبير! غير أن حرية التعبير لن تكون حرية في التحقير أو في التشهير!!

هنا ونشير إلى نوع من الصراحة، هو الصراحة الظالمة.
كأن يتكلم إنسان في (صراحة)، دون دراسة وافية لما يقوله، وإنما اعتمادًا على بعض شائعات أو أقاويل لا نصيب له من الصحة. فيوجّه اتهامات قاسية تجرح المشاعر، يقولها بدون تحقق، وبغير مبالاة لنفسية من يتهمه ظلمًا. ويدعى أن الدافع له هو الصراحة. ولكنها صراحة ظالمة..

والبعض قد يُدخل الصراحة في موضوع العتاب:
والعتاب يكون مقبولًا ونافعًا، إن كان الهدف منه هو التصالح وتنقية الأجواء، وإن كان في محبة ومودة. كأن يبدأ بذكر محاسن الصديق ومواقفه الطيبة، قبل أن يتعرض لنقطة العتاب. بهذا يكون أسلوبه مقبولًا ويصل به إلى نتيجة طيبة...
غير أن البعض -باسم الصراحة وعدم المجاملة- يعاتب في عنف، وبألفاظ جارحة. وكأنما ينتقم لنفسه أثناء العتاب، ويحط من شأن صديقه. فلا يقبل ذلك منه، ويرد عليه بالمثل، ويشتعل الموقف. وينتهي هذا (العتاب الصريح) بتوسيع الهوة بينهما. وكما قال الشاعر:
ودَعْ العتاب فربّ شرٍّ كان أوله العتاب.

أما عن الصراحة التي تصدر من كبير إلى صغير:
فينبغي أن تسودها روح الحنو، والرغبة في إفادته وليست السيطرة عليه. وهكذا تكون في محبة وإقناع، وفي نصح وتعليم. ولا تكون مجرد أحكام تصدر بتوبيخ وتعنيف، باسم الصراحة!
إن الصراحة عمومًا، من المفروض أن تمتزج بالأدب واللياقة، سواء من كبير إلى صغير، أو من صغير إلى كبير...
حقًا، إن هناك فرقًا بين الصراحة وسلاطة اللسان!


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
لا تخرج الصراحة عن حدودها إلي جرح المشاعر
نوع من الصراحة، هو الصراحة الظالمة
تجاوزت مريم حدودها
كيف ستحمي مصر حدودها؟
أنا إنسان صريح أحب الصراحة فإن هذه الصراحة تسبب لي مشاكل مع من أصارحهم برأي


الساعة الآن 04:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024