مقاومة اليهود للمسيَّا
نَفْسِي بَيْنَ الأَشْبَالِ.
أضْطَجِعُ بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ بَنِي آدَمَ.
أَسْنَانُهُمْ أَسِنَّةٌ (حراب) وَسِهَامٌ،
وَلِسَانُهُمْ سَيْفٌ مَاضٍ [ع4].
يتطلع داود المرتل إلى أعدائه كوحوشٍ مفترسةٍ، أسود تحمل أفكار إبليس الذي يجول كأسدٍ زائرٍ ليفترس من يجده (1 بط 5: 8). إنه عدو متقد نارًا ليحرق ويبدد!
تخرج كلمات الأعداء من بين أسنانهم التي تصِّر بالغيظ والكراهية، وكأنها سهام مميتة، ولسانهم قاتل كالسيف.
إنه تصوير خطير لموقف القادة الذين كانوا يصرون على صلب ربنا يسوع المسيح!
* يقول النبي "أسنانهم" عن الأقوال البارزة من الفم والأسنان، التي تحمل تجارب الأشرار (ضد الصديقين)، تخرج وتطعن البعيدين بالاغتياب مثل نِبل تُقذف إلى البعيد، وتذبح القريبين بالبهتان والاتهامات، وكأنها سيف مرهف. وذلك كما كان اليهود يصوبون كلامهم ضد ربنا في حضوره وفي غيابه.
الأب أنثيموس الأورشليمي
* أناس مثل هؤلاء (ينمّون على إخوتهم) لن تتطلع إليهم ولا تخالطهم. ولا تحول قلبك إلى كلمات الشر (مز 141: 4 Vulgate)، لئلاَّ يقول لك المرتل: "تجلس تتكلم على أخيك، لابن أمك تضع عثرة" (مز 50: 20). لئلاَّ تصير مثل "بني آدم، أسنانهم أسنة وسهام، ولسانهم سيف ماضٍ" (مز 57: 4). تصير مثل الإنسان الذي كلماته أنعم من الزيت، لكنها تُسحب مثل السيوف (راجع مز 55: 21). ويُعبر الكارز بأكثر وضوح، إذ يقول: "إن لدغت الحية بلا رقية فلا منفعة للراقي، والمفتري ليس أفضل منها" (راجع جا 10: 11).
القديس جيروم
* آل قيافا رفاق كل الكذب، وآل حنَّان حاملو السيف على مخلصنا.
يهوذا في المقدمة، مثل قائد المصيبة العظمى، ومعه حلقة متعطشة إلى الدم بغضبٍ عظيمٍ.
المرضى الذين جُنّوا، حملوا السيوف والعصيّ على الطبيب ليضربوه، بعد أن ضمدهم وشفاهم.
تهديد وحقد وصخب وكلمات زائدة وإهانة وسخرية، وصرير الأسنان على المنتصر.
جُنّ الترابيون وهددوا، وخرجوا ضد الموج، الأشواك والهباء خرجت لكي تصطاد اللهيب.
ركض القش ليحارب مع اللهيب، والتراب والهباء ليصطادا الريح التي تستأصل الجبال.
الغيوم والسحب خرجت مهددة النهار، والظلال كانت تجنّ لتربط الشمس.
سألهم من تطلبون؟ أما هم فسقطوا، لأنه لا توجد قوة في الرمل ليلاقي الريح.
منظر الشمس سقط على الظلال بخوفٍ وبددها، ولم تجد موضعًا لتهرب إليه.
عندما قال: أنا هو، سقط الأشقياء، لأن العالم كله لا يقدر أن يقف قدام قوته.
كان بحر ناره يلتهب ليحرقهم، وبمراحمه كان يخمد ناره ليحفظهم.
قوته كانت تخيف وتسقطهم عندما يرونه، وبما أنه كان صالحًا، فقد سندهم ليقيمهم.
القديس مار يعقوب السروجي
* هؤلاء لا يعضون بأسنانٍ؛ ليته كان العض بالأسنان وليس بحراب الحسد التي هي أقسى من الأسنان.
فإن "أسنانهم أسلحة ورماح.
من الذي يشعر بألم أقسى، من يضرب مرة ثم يُشفي، أم الذي يؤكل باستمرار بأسنان العوز؟ فعندما يكون العوز غير اختياري يكون أكثر ألمًا من الأتون والوحوش المفترسة.
القديس يوحنا الذهبي الفم
تحدث العلامة أوريجينوس في تفسيره للعبارة الواردة في سفر النشيد: "أني مجروحة حبًا"، قائلًا بأن السيد المسيح هو السهم الإلهي الذي يخترق القلب لا ليمزقه بجرح قاتل، وإنما يهب جراحات الحب العذبة. اقتبس عنه القديس أغسطينوس هذا وقارن بين الجراحات التي تسببها سهام الأشرار، وتلك التي يسببها السيد المسيح. الأولى تطلب القتل والتدمير، فتصرخ قلوبهم "اصلبه! اصلبه!"، وأما سهم المسيح فتجرح القلب بالحب، وتطلب الشركة مع الله والحب للبشرية.
* لا تفكروا في الأيادي غير المُسلحة، بل في الفم المُسلح. فمنه صدر سيف به قُتل المسيح. بنفس الطريقة يصدر سيف من فم المسيح ليقتل (جحد إيمان) اليهود. يُشحذ هذا السيف مرتين (رؤ 1: 16)، يقيم به من يضربهم، ويفصل عنهم من يريدهم مؤمنين به. هم سيف شرير، وهو سيف صالح. هم سهام شريرة، وهو سهم صالح، يصدر كلمات صالحة عندما يطعن القلب المؤمن لكي يحب!
القديس أغسطينوس