منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 11 - 2022, 03:58 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,060

قداسة البابا شودة الثالث العطاء والبذل


قداسة البابا شودة الثالث

العطاء والبذل

"مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ" (سفر أعمال الرسل 20: 35).
بهذه العبارة الدسمة في معانيها، نبدأ موضوعنا عن العطاء والبذل.
إن الله تبارك اسمه – هو أول من أعطى، وأعطى بسخاء.
لقد أعطى الإنسان نعمة الوجود حينما خلقه، وأعطاه معها نعمة الحياة، وأيضًا نعمة العقل والنطق. وهكذا تميز الإنسان بأنه مخلوق حي عاقل. ناطق. أعطاه الله أيضًا سلطانًا في الأرض، وكرامة فوق كل المخلوقات الأرضية، بل أعطاه فوق ذلك كله، شرف التحدث إليه (في الصلاة). وزوّده طوال حياته ببركة الرعاية والحماية.
لهذا كله، كان لقب (المعطى) من ألقاب الله عز وجل.

أما الإنسان الذي يقدم العطاء، فهو عبد المعطى، أخذ من سيده ما يعطيه لغيره..
حقًا إن الله – ليس فقط هو المعطى الأول، بل أيضًا هو المعطى الوحيد الذي يعطى من عنده. أما نحن فنعطى غيرنا مما يعطينا الله.
الذي علمنا موهبة العطاء، وأعطانا الذي نعطيه.
وقد دربنا الله على العطاء، وشجعنا عليه بأمور عدة:
منها انه أمرنا بإعطاء يوم من الأسبوع له. هو يوم مقدس لله. ومنها أيضًا أنه أمرنا أيضًا بتخصيص جزء من أموالنا له، ننفق على الفقراء والمحتاجين، وعلى مشروعات البر.
ومن تشجيعنا على العطاء، أنه جعل مكافأة عليه، سواء في السماء أو على الأرض، حيث أنه على قدر ما نعطى، يعطينا الله وأزيد.
فما هي إذن قواعد العطاء؟ وكيف يكون في وضعه المثالي؟
القاعدة الأولى هي أن تعطى عن حب وإشفاق، وعن اقتناع.
فهناك من يعطى مرغمًا، حين يلحون عليه وهو لا يريد! ومن يعطى لمجرد الخجل ممن يطلبون إليه من اجل المساهمة في مشروع بر! ومثل من يعطى مجاملةً، أو لمجرد أداء واجب، أو انسياقًا مع تيار معين ليس من السهل التخلف عنه! وهنا من يعطى محبة للظهور وللمديح!!
كل أولئك قد يعطون من جيوبهم وليس من قلوبهم! وليس هذا هو العطاء المطلوب، إذ ليست فيه أية عاطفة نحو المحتاجين...
والعطاء المثلى، ليس هو فيمن يطلب منك فتعطيه، بل الأكثر هو الإحساس باحتياج أولئك المحتاجين، وإعطائهم دون أن يطلبوا...
فإن الله تبارك اسمه كثيرًا ما يعطينا دون أن نطلب. فكم بالأولى إذا ما طلبنا منه، فإنه يعطينا أكثر مما نطلب...
فلتكن فينا هذه المثالية التي قدّمها لنا الله، فنعطى الآخرين أكثر مما يطلبون. لأنهم قد يكونون في حاجة، ومع ذلك لا يطلبون كل ما يريدون، إما خجلًا أو خوفًا من أن يوصفوا بالطمع...
ومثالية العطاء أيضًا هو أن تعطى من الأشياء الجيدة الفائضة.
لأن هناك أشخاصًا لا يعطون إلا من الفضلات، أو من الأشياء المرفوضة منهم، فيتخلصون منها عن طريق العطاء، ولكن ليست هذه هي فضيلة العطاء الذي يتمثل الإنسان في أعطاء أجود وأفضل ما عنده. وهكذا كان يفعل حاتم الطائي الذي كان من أكرم العرب في عطائه...
وميزان العطايا لا تكون على قدر من يأخذونها. إنما كرم العطايا هي أن تكون على قدر معطيها...

وأفضل نوع من العطاء، هو أن يعطى الإنسان من أعوازه...
أي أن يعطى وهو محتاج. هذا يكون عطاؤه ذا عمق. لأنه يحمل معنى التضحية بالإضافة إلى صفات العطاء الأخرُى. وما أعمق ما قاله مرشد روحي في أحدى فترات المجاعة، حيث قال "إذا لم يكن عنده ما تعطيه لهؤلاء المساكين. "فصُم وقدّم- لهم طعامك"!
ومن هنا كان العطاء الذي يقدمه الفقراء -مهما كان قليلًا في كميته- فهو في نوعيته أفضل مما يقدمه الأغنياء من فضلاتهم.
ومن أجمل صور العطاء، أن يصبح عادة عند المعطى..
فهو يعطى باستمرار، ويعطى كل يوم. ويأسف إن مرّ عليه يوم لم تتح له فيه فرصة للعطاء. وهو لا يرد طالبًا مطلقًا. ويعطى الكل دون تفريق. ولا يعطى بكيل أو مقياس، إنما يعطى بلا حدّ، وبلا عدّ. وينمو في موهبة العطاء يومًا بعد يوم..
ومتى أعطى يعطى بكرم وسخاء، كعطايا الله التي تتدفق علينا..
والمعطى لا يفتخر بعطائه، ولا يطلب عنه أجرًا هو مديح الناس.
إنما بقدر الإمكان يعطى في الخفاء، وأجره عند الله الذي يرى كل ما في الخفاء ويكافئ عليه... وهو يواظب على العطاء، واثقًا من أنه ليس يتنازل عن شيء من أمواله. إنما هو يكنز له كنوزًا في السماء...
ويدرك في أعماق قلبه، وفي ثقة انه لا يعطى إنما هو يأخذ! أي يأخذ بركة هي أعمق بكثير مما يعطيه. وهذه البركة تتابعه في أمواله، وفي كل ما تمتد إليه يده. فهو يستبدل العطية المادية الفانية بعطية أبدية لا تفنى....
والعطاء الأكبر، هو أن يعطى الإنسان نفسه فداءً لغيره...
لأن كل عطية أخرى هي خارجة عن ذاته. أما تقديم النفس عطية، فهو أعظم من كل شيء. وكثيرًا ما يعبرّ أحدهم عن محبته لصديق له، فيقول "أنا مستعد أن أفديه بحياتي"... هنا قمة العطاء.
على الأقل إن لم يستطع أحد عن يقدم حياته، أو لم تأت مناسبة لذلك، فعلى الأقل يمكنه أن يتبرع بشيء من دمه، حينما يُطلب ذلك منه لإنقاذ حياة مريض أو جريح...
إن مجالات العطاء متسعة، وليساهم كل أحد فيها بما يستطيع...


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
قداسة البابا شودة الثالث| في العلم
قداسة البابا شودة الثالث | المعرفة
قداسة البابا شودة الثالث | كيف؟
قداسة البابا شودة الثالث الفضيلة
العطاء: أهميته - نوعيته - قمته - قداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 04:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024