أجل، قيود الجسد هنا، يشتاق بولس في لهفة أن يحطمها، ليتخلص من كل ارتباطاتها، ويقف متحررًا بجوار الرب (في 1: 23). لهذا عطشت نفس داود لكي يرى الله حينئذٍ، لا بالإيمان، بل وجهًا لوجهٍ (1 كو 13: 12). ولكي لا يتغرب فقط عن الجسد (2 كو 5: 8)، بل ويتحرر أيضًا منه، لأنه عطش أن يرحل ويكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا(في 1: 23). لأنه بالنسبة للبار الموت ربح (في 1: 21). حقًا إنه ربح عظيم أن نصير بلا خطية، فلا تثيرنا شهوات الشرور. ومن هو حر من الدنس حتى إن كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض؟ لا يمكن أن يكون بدون عدوىّ فعل الشر! (أي 114: 4-5 lxx). لهذا نحن نفتقد براءتنا (أو حكمتنا) فقط بالحياة، بينما نربح نهاية لآثامنا بالموت! لهذا بالموت نجني ربحًا، لكن بفعل الحياة (الزمنية) تزداد غرامات الخطية، كأننا دائنون لصَكٍّ مركَّب الفائدة وكريه! وتعاني النفس عطشًا حقيقيًا، إذا ما أسرعت إلى النبعِ، لا نبع مياه، لكن نبع الحياة الأبدية؛ التي قال عنها داود في نصٍ سابق: "لأن عندك ينبوعَ الحياة، بنورك نرى نورًا" (مز 36: 9)، لهذا كان على حق أن يسرع ويجيء ويتراءى قدام وجه الله (مز 42: 2)، الذي وجهه نور (مز 4: 7). لأن الرب يضيء على كل الذين يتطلعون إليه (يو 1: 9) .
القديس أمبروسيوس