14 - 11 - 2022, 01:17 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
الأصحاح العاشر
قلق حنة والحياة المباركة
عودة العروسين إلى طوبيت (طو 10-14)
أَصرَّ طوبيا أن يأخذ زوجته ويرجعا إلى والديه، إذ كان يدرك مدى قلق والديه عليه. أوصى الوالدان رعوئيل وزوجته ابنتهما العروس "أن تكرّم حمويها وتحب رجلها، وتُدَبِّر أبناءها، وتسوس بيتهما، وتحفظ نفسها بلا لومٍ" [10].
انطلق العروسان في صحبة رئيس الملائكة رافائيل إلى بيت طوبيت.
جاءت تكملة القصة تكشف عن ثمار احتمال الألم بشكرٍ في حياة طوبيت وطوبيا، وهي التمتُّع ببركات إلهية وسلام وشبع وإدراك للسماويات.
التمييز بين حياة القلق والحياة المباركة
يربط هذا الأصحاح بين حياة القلق والاضطراب وبين الحياة المباركة. بحسب التقديرات البشرية، سقط كل من طوبيت وحنة في حالة من القلق بسبب الضعف البشري، لكن اختلف الاثنان في علاج الموقف.
تصوَّر طوبيت أن تأخير مجيء ابنه في الميعاد المتوقّع سببه أن يكون غابيلوس قد مات، ولم تعرف عائلته بأمر الوديعة التي سلَّمها له. حزن حزنًا شديدًا ليس على الفضة التي أودعها، إنما لأجل أسرة غابيلوس التي فقدت عائلها. أما حنة فتصوَّرت أن ابنها قد مات، وعندما حاول رجلها أن يطمئنها، قالت له: "اصمت أنت، ولا تخدعني. ابني مات"، وكانت تتمشَّى كل يومٍ في الطريق الذي مضى فيه. امتنعت عن الطعام نهارًا، ولم تكف عن البكاء ليلاً على ابنها طوال الأربعة عشر يومًا التي للعُرْسِ.
الاثنان سقطا تحت الضعف البشري، لكن طوبيت حزن إلى حين واثقًا في رحمة الله، أما حنة فاستسلمت للحزن بغير رجاءٍ.
مقابل هذه الحياة المملوءة قلقًا، يُقَدِّم لنا هذا الأصحاح بل وكل السفر الاهتمام بالحياة المُطوَّبة أو الحياة المباركة.
افتتح أغلب الشخصيات الواردة في السفر تسابيحهم بالقول: "مبارك أنت يا ربّ". أو ما يماثلها هكذا. قالت كل من سارة (3: 11)، وطوبيا (8: 5)، ورعوئيل (8: 15-17) وطوبيت (11: 14؛ 213) وأيضًا الملاك (12: 5). كما وردت نفس العبارة في كثير من المزامير والتسابيح في الكتاب المقدس.
فماذا يعني "مبارك أنت يا ربّ"؟ والعبارات المماثلة لقولنا "نباركك ونمجدك"، لا تعني أننا نُقَدِّم له بركة أو مجدًا، إنما هو مصدر البركة والمجد. أما الإنسان المبارك أو المطوَّب فهو الإنسان الذي يتمتَّع بعربون السماء، فيُشارِك السمائيين حياتهم المُطوَّبة وفرحهم الروحي وسلامهم السماوي.
في وصية طوبيت لابنه يقول: "بارك الربّ إلهك في كل حينٍ" (4: 19). بمعنى اشهد لله السماوي بأن تحمل سمات سماوية قدر المستطاع. اشهد للربّ السماوي بسلوكك الملائكي السماوي خلال عمل نعمته فيك. عند رحيل العريس وعروسه إلى راجيس قيل عن رعوئيل والد العروس: "ثم باركهما وأرسلهما في طريقهما، قائلاً: ليُنجحكما إله السماء يا بنيَّ قبل أن أموت" [11]
وحينما يبارك إنسان أخًا أو أختًا أو ابنًا أو حفيدًا، إنما يطلب لمن يباركه أن يهبه الله عربون السماء وبهجتها وسلامها ونقاوتها. وقد جاء السفر مملوءً بهذه المواقف.
رعوئيل بارك زوج ابنته طوبيا، قائلاً له: "أنت ابن رجل فاضل ..." (طو 6: 6). أيضًا رعوئيل إذ سلَّم ابنته زوجة لطوبيا "باركهما" (طو 7: 12)، كما باركهما عند رحيلهما (طو 10: 11).
ولا نعجب إذ بارك طوبيا زوجته (طو 6: 6)، بل وطوبيا الذي باركه رعوئيل بارك حمويه رعوئيل وعدنا من أجل أعمال محبتهما له (طو 10: 14).
وعندما تنبأ طوبيت عن إعادة بناء أورشليم وبناء هيكل الربّ فيها، دعا سكان أورشليم، قائلاً: "باركي (يا مدينة أورشليم) ملك الآباء" (طو 13: 11)، كما قال: "مباركون هم الذين يحبونكِ" (طو 13: 15).
وإذ تنبأ طوبيت عن قبول الأمم الإيمان الحق، قال: "وستبارك كل الأمم الربّ" (طو 14: 5).
وما نقوله عن قولنا لله: "نباركك"، ينطبق على قولنا: "ليتقدس اسمك". إنها ليست طلبة تخص اسم الله، إنّما تخصّنا نحن في علاقتنا بهذا الاسم القدّوس. فإن كنّا نحن أبناء لله، فإن اسمه يتقدّس فينا بتقديسنا بروحه القدّوس.
* يليق بمن يدعو الله أباه ألا يطلب شيئًا ما قبل أن يطلب مجد أبيه، حاسبًا كل شيءٍ ثانويًا بجانب عمل مدحه، لأن كلمة "ليتقدّس" إنّما تعني "ليتمجَّد".
* حينما نقول "ليتقدَّس اسمك" يليق بنا جدًا أن نفهمه بهذا المعنى: "تقديس الله هو كمالنا"؛ أيضًا اجعلنا أيها الآب قادرين أن نفهم. نسلك بما فيه تقديس اسمك، أو على أي الأحوال يراك الآخرون قدوسًا بتغيُّرنا الروحي، "إذ يرى الناس أعمالنا ويُمَجِّدون أبانا الذي في السماوات" (مت 5: 16).
* لماذا تسألون من أجل تقديس اسم الله؟ إنه قدوس، فلماذا تسألون من أجل من هو قدّوس أصلاً؟ إنكم إذ تسألونه أن يتقدَّس اسمه، فهل تطلبون من أجله هو أم من أجلكم؟... اِفهموا جيدًا أنكم إنّما تسألون هذا من أجل نفوسكم. إنكم تسألون من هو قدّوس بذاته على الدوام أن يكون مقدّسًا فيكم.
* إن كان اسم الله يُجدَّف عليه من الأمم بسبب الأشرار، فعلى العكس يُقدّس وُيكرّم بسبب الأمناء، أي المؤمنين.
1. مخاوف طوبيت وحنة [1- 7أ]
كان والده طوبيت يحسب الأيام، وإذ مضت الأيام المُقدَّرة للرحلة ولم يرجعا [1]، تساءل: "هل عاقه مانع؟ أو ربما مات غابيلوس ولم يعطه أحد الفضة؟ [2] وكان حزينًا للغاية [3].
عندئذ قالت له زوجته: "لقد مات الشاب، وهذا هو سبب التأخير". ثم بدأت تبكي عليه، وقالت: [4] "هل أنا أهملت يا ابني، يا نور عيني، إذ سمحت لك أن تنطلق" [5]. أما طوبيت فقال لها: "اصمتي ولا تضطربي، إنه سالمٌ. [6]. أجابته: "اصمت أنت، ولا تخدعني. ابني مات!" وكانت تتمشّى كل يومٍ في الطريق الذي مضى فيه، ولم تكن تأكل خبزًا في النهار. وبالليل لم تكف عن النوح على ابنها طوبيا طوال الأربعة عشر يومًا التي للعُرْسِ التي أقسم رعوئيل أن يقيمهما [7 أ].
اضطرب كل من طوبيت وزوجته حنة بسبب تأخير وصول ابنهما في الميعاد المتوقَّع، لكن الأب رفع قلبه لله واثقًا في رعايته لابنه، أما الأم فاستسلمت للضعف البشري.
أولاً: لم يفقد طوبيت سلامه الداخلي بالرغم من تأخُّر ابنه (طو 10) غير أن تأخير عودة طوبيا إلى والديه لمدة أسبوعين سبَّب خلافًا مؤقتًا بين رعوئيل وحنة.
ثانيًا: يليق بنا أن نهتم بأبنائنا فهم أهم ما في حياتنا [1- 4].
* بالنسبة للأطفال علينا التزام عظيم. ليتنا نعطي اهتمامًا كبيرًا بهم، ونبذل كل جهدٍ حتى لا يسلبهم الشرير منا... لا نتطلَّع إلى شيءٍ نظنه أكثر أهمية منهم، والشخص الذي نعهد إليه ابننا كحارسٍ لسلوكه... نعتني بابننا بكونه أثمن جدًا من ممتلكاتنا. إننا نهتم بممتلكاتنا من أجل أبنائنا، أما عن أبنائنا أنفسهم فلا نهتم بهم قط.
* إننا نعلم أن الأم تُعَرِّض نفسها للخطر من أجل أبنائها. ليتنا نطيع مشورة أم الحكمة، ووصية الأم.
2. رحيل العروس والعريس! [7 ب-13]
عندئذ قال طوبيا لرعوئيل: "ردّني لأن أبي وأمّي قد فقدا الرجاء في أن ينظراني" [7 ب].
لكن حماه قال له: "امكث معي وأنا أبعث رسلاً إلى أبيك، وهم يخبرونه بأمورك" [8]. قال طوبيا: "لا بالحري، أرسلني إلى أبي" [9]. عندئذ قام رعوئيل وأعطاه سارة زوجته كما أعطاه نصف أملاكه من عبيدٍ وقطيعٍ وفضةٍ. [10]. ثم باركهما وأرسلهما في طريقهما، قائلاً: لينجحكما إله السماء يا بنيَّ قبل أن أموت" [11]. ثم قال لابنته: "أكرمي حمويكِ، فهما الآن والديكِ. لأسمع عنكِ سمعًا طيبًا، ثم قبَّلها. وقالت عدنا لطوبيا: ليردّك ربّ السماء يا أخي الحبيب. وأرى أطفالك من سارة ابنتي، وأفرح أمام الرب. انظر لقد سلمت ابنتي في رعايتك، فلا تُحزنها" [12].
بهذا انطلق طوبيا يبارك الله أنه أنجح رحلته. وبارك (طوبيا) رعوئيل وعدنا زوجته .
سرّ قبول تسبحة طوبيا التي لم يرد نصها هنا هو حياته المقدسة التي تُحسَب تسبحة مقبولة لدى القدوس.
* من يبارك الربّ بلسانه لكن يلعنه بأعماله لا يبارك الربّ في الكنائس. تقريبًا الكل يباركونه بألسنتهم، لكن ليس الكل يباركونه بأعمالهم .
من وحي طوبيت 10
فرح سماوي ومقاومة من إبليس
* التقى غابيلوس لأول مرة مع طوبيا وزوجته، منذ أيام قليلة لم يكن أحدًا منهم يعرف الآخر. تهلَّل غابيلوس إذ تمتَّع بما لم يكن يتوقعه.
ربما كان في أعماقه يصرخ: كيف أَرُدّ الفضة لطوبيت إنسان الله الصالح والبار.
وها هو يرى ابن طوبيت عريسًا مباركًا. حسب نفسه أبًا للعريس وعروسه فتهلل.
* لم يحتمل عدو الخير أن يرى الكل متهللاً، رئيس الملائكة المتخفّي قد صار رمزًا للمُخَلِّص.
وطوبيا صار رمزًا للعريس السماوي،
وسارة صارت رمزًا لكنيسة المسيح البهية.
وغابيلوس صار رمزًا السمائيين المُحتفِلين بالعُرْسِ السماوي.
وأما رعوئيل وعدنا لم يرتبكا برحيل ابنتهما مع عريسها، إذ وهبها الله عريسًا مباركًا.
أثار هذا الجو الملائكي العدو فم يحتمل الصمت.
بذل كل الجهد ليثير القلق في قلب حنة والدة طوبيا وقلب طوبيت أبيه.
قابل جو المحبة العجيب في أحمتا إثارة متاعب في نينوى.
أراد العدو أن يثير قلاقل حتى بين طوبيت وحنة.
حتى متى عاد العروسان يجدان الجو ملبدًا بالغيوم.
* هب يا ربّ للعالم كله أن يتمتَّع بفرح الروح، ولتبدد كل مشورات عدو الخير. هب لنا عربون السماء فتفرح قلوبنا بأعمالك، ونُحَطِّم خطط عدو الخير المُفسِدة للسلام.
|