رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَفما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونه نهاراً ولَيلاً وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ تشير عبارة "أَفما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ" إلى تشبيه الله بقاض لا عدل عنده (لوقا 16: 1) باستخدام استدلال في صيغة " كم بالأحرى" أو في صيغة "بالأولى". هذا أسلوب عبري شائع في كتابات الربييِّن اليهود، ويُسمونه الخفيف والثقيل، أو من الأصغر إلى الأكبر. مثال "إذا كان الخاطئ أخذ كذا أفلا يحصل البار على أكثر". واستخدم هذا الأسلوب في الشريعة عشر مرات (التكوين 42: 8، الخروج 6: 9، العدد 12: 14). فالمعنى المقصود هنا حاشا لله أن يشبه ذلك القاضي في صفاته ومبادئه، ولكن إذا كان القاضي الظَّالِم قد أنصف الأَرمَلَةٌ كم بالأحرى الله العادل الرحيم يُنصف مؤمنيه الذين يسألونه. وبعبار ة أخرى، إن كان هذا حال قاضي ظالم مع أَرمَلَةٌ ضعيفة أفلا ينصف الله الكلي العدل مختاريه، أصحاب حق، الصارخين إليه ليلا ونهارا. وهذا الموضوع يتردَّد في المزامير " أللَّهُمَّ أَنصِفْني ودافع عن قَضِيَّتيِ مع قَوْمٍ غَيرِ أَصفِياء ومِن صاحِبِ الكَيدِ والإِثْمِ نَجني"(مزمور 43: 1)؛ وهكذا بخلاف القاضي يعطينا الآب السماوي الأشياء الصالحة عن طيبة قلب لأننا أبناؤه كما جاء في تعليم يسوع " فإِذا كُنتُم أَنتُمُ الأَشرارَ تَعرِفونَ أَن تُعطوا العَطايا الصَّالِحَةَ لأَبنائِكم، فما أَولى أَباكُمُ السَّماوِيَّ بِأَن يهَبَ الرُّوحَ القُدُسَ لِلَّذينَ يسأَلونَه " (لوقا 11: 9 -11)؛ ومن ناحية أخرى، في الوقت الذي فيه قرر القاضي أن يُرضي الأَرمَلَةٌ كي يتحرر من إزعاجها، فإن الأمر هو عكس ذلك تماماً للآب السماوي: لا يستجيب الربّ كي يتخلص منا، بل من أجل أن يبقى معنا، لأنه يشفق على آلامنا، ويستمع إلى صلاتنا التي تتطلب عدم التخلي عنا. وهكذا ينتقل لوقا الإنجيلي من قاضي الظلم إلى سلوك الله كما كان الحال في مثل الوكيل غير الأمين الخائِن (لوقا 16: 1-13). |
|