رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نؤمن برب واحد يسوع المسيح المقال العاشر "لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة، سواء كان في السماء أو على الأرض. لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء، ونحن له، ورب واحد يسوع المسيح. الذي به جميع الأشياء ونحن به" (1 كو 8: 5-6). مقدمة 1. من يتعلم أن يؤمن "بإله واحد، الله الآب القدير"، يلتزم بالإيمان بابنه الوحيد لأن كل من ينكر الابن ليس له الآب أيضًا (1 يو 2: 23). يقول يسوع: "أنا هو الباب"، "ليس أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي" (يو 14: 6؛ 10: 9)، "لا أحد يعرف الآب إلاّ الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له" (مت 11: 27)، فإن أنكرت من يعلن لك تبقى في جهلٍ. لقد جاءت العبارة التالية في الإنجيل: "الذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة، بل يمكث عليه غضب الله" (يو 3: 36). فالآب يغضب عندما يُستهان بالابن الوحيد. فإن الملك يحزن لمجرد إهانة أحد جنوده. أما إن احتقر أحد ابنه الوحيد، فمن يقدر أن يطفئ غضب الأب من أجل ابنه الوحيد؟! الآب يوصينا بالابن 2. فإن رغب أحد في إظهار ورع لله فليعبد الابن، عندئذ يتقبل الله خدمته. لقد نادى الآب بصوتٍ عالٍ قائلًا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت" (مت 3: 17). لقد سُر الآب به، فإن لم تكن أنت موضع سروره في الابن لا تكون لك حياة. لا يخدعنك اليهود بقولهم في مكر "يوجد إله واحد وحده" لكن لتعرف أن الله واحد، ولتعلم أن ابن الله وحيد. لا أقول هذا مني بل هو قول المرتل في شخص الابن: "الرب قال لي: أنت ابني" (مز 2: 7). إذن لا تبالِ بما يقوله اليهود بل اهتم بقول الأنبياء. هل تتعجب من ازدرائهم بكلمات الأنبياء، هؤلاء الذين رجموا الأنبياء وقتلوهم! رب واحد، يسوع المسيح 3. آمن بربٍ واحدٍ، يسوع المسيح ابن الله الوحيد إذ نقول: "نؤمن برب واحد يسوع المسيح". بنوته فريدة لهذا نقول عنه: "واحد" حتى لا نفكر في آخر غيره. ندعوه "واحدًا" حتى لا تسقط في الضلال المنتشر بطلب أسماء كثيرة بسبب أعماله تجاه الأبناء الكثيرين (البشر). إنه يُدعى "الباب" (يو 1: 7، 9). لا تأخذ المعنى الحرفي للكلمة كمادة خشبية، بل المعنى الروحي. إنه "باب حيّ" يميز الداخلين فيه. يُدعى "الطريق" (يو 14: 6) لا أن يُداس بالأقدام، بل يقودنا للآب السماوي. يُدعى “الحمل" (يو 1: 29؛ إش 53: 7، 8؛ أع 8: 32) لا كغير عاقلٍ، بل لأن بدمه الثمين يطهر العالم من خطاياه، ويقف صامتًا أمام جازيه. هذا الحمل دُعي مرة بـ"الراعي" إذ يقول: "أنا هو الراعي الصالح" (لو 10: 11). هو حمل من جهة ناسوته، وراعٍ بالحب المترفق الذي للاهوته. هل تريد أن تعرف حملان عاقلة؟ اسمع المخلص يقول للرسل: "ها أنا أرسلكم كحملانٍ بين ذئاب" (مت 10: 10، 16). إنه يُدعى "أسدًا" (تك 49: 9؛ رؤ 5: 5)، ليس مفترسًا للبشر، بل كرامة شخصه الملكية وثباته وقوته. لقد دعي أسدًا، لأنه يقف قبالة الأسد المقاوم الذي يزأر ملتمسًا أن يفترس من يخدعهم (1 بط 5: 8). لأن المخلص في مجيئه لم يغير وداعة طبيعته، بل بكونه "الأسد الخارج من سبط يهوذا" (مز 118: 22) يخلص المؤمنين ويطأ على المقاوم. يُدعى "حجرًا"، ليس بلا حياة، مقطوع بيدٍ بشرية، بل "حجر الزاوية الرئيسي" (إش 28: 16)، من يؤمن به لن يخزى. تبع أسماء المسيح 4. يُدعى "المسيح"، ليس ممسوحًا بيد بشرية، بل سرمديًا، ممسوح من الآب لكهنوته العلوي من أجل البشر. دُعي "ميتًا"، لا كمن هو بين الأموات الذين في الجحيم جميعهم، بل وحده الحر بين الأموات (مز 88: 25). يُدعى "ابن الإنسان"، ليس لأنه من أصل أرضي مثلنا جميعًا، إنما لأنه آت على السحاب ليدين الأحياء والأموات (يو 5: 27). يدعى "ربًا" ليس عن عدم لياقة مثل أولئك الذين يدعوهم البشر هكذا، إنما هو رب من أجل طبيعته الإلهية السرمدية. يدعى "يسوع" باسم لائق، إذ دُعي هكذا من أجل العلاج (الخلاص) الثمين الذي يقدمه. إنه يدعى "ابنًا"، ليس لأنه نال البنوة بالتبني، بل هو مولود طبيعيًا. كثيرة هي ألقاب مخلصنا، لكن لا تظن بسبب كثرة أسمائه أنه يوجد أبناء كثيرون، كما ظن بعض الهراطقة الذين قالوا أن يسوع غير المسيح، وآخر هو "الباب"(24) وهكذا. فإن قانون الإيمان يؤكد أنه هو "يسوع المسيح". فالألقاب كثيرة لكن موضوعها شخص واحد. المسيح رب حقيقي 5. يظهر المسيح لكل واحد حسب احتياجه(25). فالمحتاجون إلى البهجة يتقدم إليهم ككرمة، والمحتاجون إلى الوجود في حضرة الآب يأتيهم كبابٍ، والمحتاجون إلى من يقدم صلواتهم يجدونه الشفيع فيهم الكاهن العلي، وللخطاة هو الحمل (المذبوح) لأجل تقديسهم. إنه كل شيءٍ لكل واحد (1 كو 9: 22) دون أن تتغير طبيعته بل يبقى كما هو. هو باقٍ، وعمل بنوته لن يتغير، لكنه يكيف نفسه حسب ضعفنا، بكونه طبيبًا ممتازًا أو معلمًا مملوء حنوًا. إنه الرب نفسه، لم يقبل الربوبية عن تقدم(26)، إنما عمل بنوته طبيعي. لم يُدعَ ربًا بغير لياقة مثلنا(27)، بل بالحقيقة هو هكذا... فنحن نُدعى أرباب على أناس مثلنا، لهم ذات الحقوق وفيهم نفس العواطف. وأحيانًا ندعى أربابًا على شيوخ، إذ كثيرًا ما يحكم سيد شاب على خدم مسنين. أما ربوبية يسوع المسيح فهي ليست هكذا بل هو خالق فرب(28)، خلق كل الأشياء بإرادة الآب... الابن في العهد القديم (سفر التكوين) 6. المسيح الرب هو ذاك الذي وُلد في مدينة داود (لو 2: 11). أتريد أن تعرف أن المسيح هو رب مع الآب قبل تجسده حتى تتقبل العبارة ليس فقط بالإيمان وإنما ببرهان من العهد القديم؟ عد إلى أول سفر "التكوين" يقول الله "نعمل الإنسان" لا على صورتي بل "على صورتنا" (تك 1: 26). وبعد خلقة آدم يقول الكتاب المقدس، "فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه" (زك 1: 27). فإنه لم يقصر شرف اللاهوت على الآب وحده بل شمل الابن أيضًا، مظهرًا أن الإنسان ليس من عمل الله (الآب) وحده بل أيضًا هو عمل ربنا يسوع المسيح الذي هو الله نفسه. هذا الرب الذي يعمل مع الآب، عمل معه في حالة سدوم أيضًا إذ يقول الكتاب المقدس "فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتًا ونارًا من عند الرب من السماء" (تك 19: 24). هذا الرب هو الذي رآه موسى قدر ما يستطيع أن يرى. لأن الرب محب البشر ينزل إلينا حسب ضعفاتنا. الابن في العهد القديم (سفر الخروج) 7. علاوة على هذا، فلكي تتأكد أنه هو بنفسه الذي رآه موسى، اسمع شهادة بولس القائل: "لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح" (1 كو 10: 4). وأيضًا قال: "بالإيمان موسى ترك مصر"، وبعد ذلك بقليل يقول: "حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر"(29). موسى هذا قال له: "أرني ذاتك". إنك ترى أن الأنبياء أيضًا في ذلك الإيمان رأوا المسيح بمعنى أن كلًا منهم رآه قدر ما يحتمل (خلال الأنبياء). "أرني ذاتك لكي أعرفك بفهم" (خر 33: 13). لكن الله قال: "الإنسان لا يرى وجهي ويعيش" (خر 33: 20). لهذا السبب إذن، إذ لا يستطيع أحد أن يرى وجه لاهوته ويعيش. أخذ الرب وجه الطبيعة البشرية حتى نراه ونعيش. لكن حتى عندما أراد أن يظهر بأن هذه عظمة قليلة، فإن التلاميذ إذ رأوا وجهه يضيء كالشمس (مت 2:17) سقطوا مرتعبين. فإن كانت هيئته الجسدية (الناسوتية) تضيء، ليس في كمال قوته بل حسب طاقة التلاميذ، ومع ذلك ارتعبوا غير محتملين هذا، فكيف يقدر أحد أن يحملق في جلال لاهوته؟! يقول الرب: إنه لأمر عظيم الذي تطلبه يا موسى، وأنا أحقق لك رغبتك التي لا تُشبع. ما أفعل لك هذا الأمر، ولكن قدر احتمالك. "إني أضعك في نُقرة من الصخرة (تك 33: 22)، فإذ أنت صغير أن أحميك في موضع صغير". الابن في العهد القديم (تبع سفر الخروج) 8. ...عندئذ قال الرب لموسى: "حتى أجتاز بك بمجدي، وأنادي اسم الرب قدامك". وإذ هو الرب، أي رب هو ينادي؟ أنظر، فإنه يتحدث بطريقة خفية عن التعليم بالآب والابن. مرة أخرى انظر ما جاء بعد ذلك كلمة فكلمة "فنزل الرب في السحاب فوقف عنده هناك، ونادى باسم الرب. فاجتاز الرب قدامه ونادي الرب إله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء. حافظ الإحسان إلى ألوف. غافر الإثم والمعصية والخطية" (تك 34: 5-7). وبعد ذلك "فأسرع موسى وخرّ إلى الأرض وسجد"(30) أمام الرب الذي نادى الآب، وقال "ليَسِر الرب (السيد) في وسطنا"(31). الابن في العهد القديم (سفر المزامير) 9. هذا برهان أول، تقبل برهانًا آخر واضحًا. "قال الرب لربي أجلس عن يميني" (مز 110: 1). قال الرب هذا للرب، لا لعبدٍ، بل لرب الكل، ابنه الذي أخضع كل شيء له. "ولكن حينما يقول إن كل شيء قد أُخضع، فواضح أنه غير الذي أَخضع له الكل". وماذا يلي هذا؟ "كي يكون الله الكل في الكل". الابن الوحيد هو رب الكل، لكن ابن الآب المطيع لم ينل لاهوته (كأمرٍ جديدٍ)، بل هو ابن بالطبيعة حسب إرادة الآب. فليس الابن ناله، ولا الآب حسده لكي يغتصبه. فالابن يقول: "كل شيء قد دُفع إليّ من أبي" (مت 11: 27؛ لو 10: 22). "دفع إليّ" ليس كما لو كان ليست لي من قبل. وأنا أحفظه حسنًا ولا أسلبه من الذي أعطاه لي. الابن في العهد الجديد 10. ابن الله هو الرب: إنه الرب الذي وُلد في بيت لحم اليهودية، كقول الملاك للرعاة: "ها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ، إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود المسيح الرب" (لو 2: 10، 11). وفي موضع آخر يقول عنه الرسول: "الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشر بالسلام بيسوع المسيح، هذا هو رب الكل" (أع 10: 36). ولكن عندما يقول "الكل" هل تُستثنى ربوبيته على أحد، لأنه سواء ملائكة أو رؤساء ملائكة أو رؤساء أو سلاطين أو أي مخلوق آخر دعاه الرسول، يخضع الكل لربوبية الابن... مقارنة بين يسوع وكل من هارون ويشوع 11. يحمل يسوع المسيح اسمين: يسوع لأنه يخلص، والمسيح لأنه كاهن. إذ عرف موسى النبي المُلهم هذا، دعى اللقبين على شخصين ساميين اختارهما من جميع الشعب، فدعا الذي يخلفه في الحكم Auses "يسوع (بن نون)"، ودعا أخاه "مسيحًا". وخلال هذين الرجلين المزكين تمامًا يقدم لنا في وقت واحد الكهنوت العلوي والمملكة، كرمز للواحد يسوع المسيح الآتي. فالمسيح هو كاهن مثل هارون، إذ "لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنة، بل الذي قال له أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (عب 5: 5-6). وكان يشوع بن نون رمزًا له في أمور كثيرة لأنه عندما بدأ يحكم على الشعب بدأ من الأردن (يش 3: 1)، وبدأ المسيح أيضًا الكرازة بالإنجيل بعد العماد. ويشوع بن نون عين اثني عشر ليقسموا الميراث (يش 14: 1)، وأرسل المسيح اثني عشر رسولًا كرسل للحق في كل العالم. أنقذ يشوع الرمز راحاب الزانية عندما آمنت، ويسوع الحقيقي قال: "إن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله" (مت 21: 31). في أيام الرمز بمجرد التصويت بالبوق تهدمت حصون أريحا، لأن المسيح قال: "لا يُترك حجر على حجرٍ إلاّ وينقض" (مت 24: 2) سقط الهيكل اليهودي أمامنا، والسبب في ذلك هو عصيانهم. إشعياء يدعو يسوع مخلصًا 12. يوجد رب واحد يسوع المسيح، اسم عجيب، سبق أن أخبر به الأنبياء بطريقة خفية. إذ يقول إشعياء النبي: "يأتي المخلص، ومعه مكافأته" (إش 62: 11). كلمة "يسوع" في العبرية معناها "مخلص". فإن العطية النبوية، إذ سبق فرأت روح القتل عند اليهود وأنهم ضد الرب، حجب اسمه عنهم، لئلا إذا عرفوه من قبل يتدبرون ضده فورًا. لكنه دُعي صراحة "يسوع"، ليس فقط من الناس بل ومن الملاك الذي لم يأتِ من ذاته، بل بسلطان الله. قال ليوسف: "لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك، لأن الذي حُبل به فيها هو من الروح القدس، فستلد ابنًا، وتدعو اسمه يسوع" (مت 1: 20)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. وفي الحال ذكر سبب اسمه قائلًا: "لأنه يخلص شعبه من خطاياهم"... اليونانيون يدعون يسوع طبيبًا 13. "يسوع" في العبرية معناها "مخلص"، أما في اليونانية فتعني "الشافي"، إذ هو طبيب الأنفس والأجساد. هو شافي الأرواح، فتح عيني المولود أعمى، وقاد الأذهان إلى النور. يشفي العرج المنظورين، ويقود الخطاة في طريق التوبة. يقول للمفلوج: "لا تخطئ"، وأيضًا: "احمل سريرك وامشِ" (يو 5: 14، 8)، لأن الجسد كان مفلوجًا بسبب خطية النفس. شفى النفس أولًا حتى يمتد بالشفاء إلى الجسد. لذلك إن كان أحدكم متألمًا في نفسه من خطايا، فإنك تجده طبيبًا لك. وإن كان أحدكم قليل الإيمان، فليقل له: "أعن عدم إيماني" (مر 9: 24). وإن أصابت أحدكم آلام جسدية، فلا يكن غير مؤمنٍ، بل يقترب، فإن يسوع يعالج مثل هذه الأمراض، وليعلم أن يسوع هو المسيح. اليهود يرفضون المسيح 14. يقبله اليهود على أنه يسوع. لكنهم يرفضون كونه المسيح. لهذا يقول الرسول: "من هو الكذاب إلاّ الذي ينكر أن يسوع هو المسيح" (1 يو 2: 22). لكن المسيح هو كاهن عليَّ، "له كهنوت لا يزول" (عب 7: 24). لم يبدأ كهنوته في زمان، إذ ليس له سلف في كهنوته العلوي، وذلك كما سمعت في يوم الرب عندما ناقشنا عبارة "على رتبة ملكي صادق" في المجمع(32). لم يتسلم كهنوته عن سلف بشري، ولا مُسح بزيت أعدّه إنسان، بل هو ممسوح من الآب قبل كل الدهور. هكذا هو يعلو على غيره، فقد صار كاهنًا بقسمٍ (عب 7: 21)، أما هم فبغير قسم... إن هدف الآب المجرد كان كافيًا ليكون مؤكدًا، لكن استخدم وسيلة مضاعفة للتأكيد، إذ تبع الهدف قسم أيضًا، "حتى بأمرين عديمي التغير لا يمكن أن الله يكذب فيهما تكون تعزية قوية" (عب 6: 18) في إيماننا الذي هو أن يسوع المسيح ابن الله. رفض اليهود له 15. عندما جاء المسيح رفضه اليهود، بينما اعترفت به الشياطين. داود جده لم يجهله عندما قال: "رتبت سراجًا لمسيحي" (مز 132: 7)، هذا السراج الذي فسره البعض أنه بهاء النبوة (2 بط 1: 19)، وفسره البعض أنه الجسد الذي أخذه من العذراء... لم يجهل النبي أمر المسيح إذ قال: "وأعلن بين البشر بمسيحه His Anointed" (عا 4: 13 LXX). موسى أيضًا عرفه، وإشعياء، وإرميا. لم يجهله أحد من الأنبياء، بل حتى الشياطين عرفته إذ انتهرها... رئيس الكهنة لم يعرفه، والشياطين اعترفت به. رئيس الكهنة لم يعرفه، والسامرية أعلنت عنه قائلة: "انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت، ألعل هذا هو المسيح؟!" (يو 4: 29) اسم جديد يبارك الأرض 16. هذا هو يسوع المسيح الذي جاء "رئيس كهنة للخيرات العتيدة" (عب 9: 11)، الذي من أجل غنى لاهوته وهبنا نحن جميعًا لقبه الخاص به. فالملوك بين البشر لهم طابعهم الملكي الذي لا يشاركهم فيه أحد غيرهم، أما يسوع المسيح فكابن لله أعطانا كرامة أن ندعى "مسيحيين". قد يقول قائل إن اسم مسيحيين هو اسم جديد لم يستخدم من قبل والعبارات ذات الطابع الجديد غالبًا ما تدعى كعلامة على أن الإنسان غريب. لقد سبق أن أشار النبي إلى هذا من قبل، إذ قال: "ويسمى عبيده اسمًا آخر (جديدًا) يبارك في كل الأرض" (إش 65: 15-16 LXX). لنسأل اليهود: هل أنتم عبيد الرب أم لا؟ أين اسمكم الجديد. لقد دُعيتم يهودًا وإسرائيليين في أيام موسى وبقية الأنبياء، وأيضًا بعد الرجوع من سبي بابل إلى يومنا هذا، فأين هو اسمكم الجديد؟ أما نحن فقد صرنا عبيد الرب، ونحمل اسمًا جديدًا حقًا يبارك الأرض... بولس مضطهد الكنيسة يشهد لها 17. لكن هل تريد أن تعرف أن الرسل عرفوا اسم "المسيح" وبشروا به أو بالأحرى كان المسيح فيهم؟ يقول بولس: "أم تطلبون برهان المسيح المتكلم فيّ" (2 كو 13: 3). ويعلن بولس عن المسيح قائلًا: "فإننا لسنا نكرز بأنفسنا، بل بالمسيح يسوع ربًا، ولكن بأنفسنا عبيدًا" (2 كو 4: 5)... من هو هذا المتكلم؟ إنه المضطهد السابق! يا للقدرة العجيبة! المضطهد السابق يكرز بالمسيح! لكن لماذا؟ هل كان مرتشيًا؟ لا بل لم يكن من يستخدم هذه الوسيلة للإغراء هل رآه وهو على الأرض...؟ لقد ذهب ليضطهد وبعد ثلاثة أيام صار مبشرًا في دمشق، بأية قوة؟ الآخرون يأتون بأصدقائهم كشهودٍ، أما أنا فأقدم لكم عدوًا سابقًا كشاهدٍ. إن شهادة بطرس ويوحنا بالرغم من قوتها لكن قد تجد بابًا للشك، لأنه صديقه، أما ذاك الذي كان قبلًا عدوًا، فيقبل بعد ذلك أن يموت من أجله، من يقدر أن يشك في الحق بعد ذلك؟! المضطهد يكتب أربع عشرة رسالة 18. في هذه النقطة امتلئ دهشة من تدبير الروح القدس الحكيم، كيف قلل عدد رسائل الباقين، بينما أعطى لبولس المضطهد السابق الامتياز ليكتب أربع عشرة رسالة... لنكون نحن جميعًا هكذا مؤمنين، إذ الجميع اندهشوا منه قائلين: أليس هذا هو المضطهد السابق؟! (راجع أع 9: 21) ألم يأتِ إلى هنا لكي يقودنا مقيدين إلى أورشليم؟! يقول بولس: لا تندهشوا، فإنني اعلم أنه صعب عليّ أن أرفس مناخس. إنني أعلم إنني لست أهلًا أن أُدعى رسولًا لأنني اضطهد كنيسة الله (1 كو 15: 9)، لكنني فعلت هذا في جهلٍ (1 تي 1: 13). إذ ظننت أن التبشير بالمسيح يحطم الشريعة، وأعرف أنه جاء ليكمل الناموس لا لينقضه (مت 5: 17)، لكن "تفاضلت نعمة ربنا جدًا في" (1 تى 1: 14). الكل يشهد للمسيح 19. كثيرون يا أحبائي كانوا شهودًا حقيقيين للمسيح. الآب حمل شهادة من السماء لابنه. والروح القدس شهد بنزوله في هيئة جسمانية على شكل حمامة. ورئيس الملائكة جبرائيل شهد، جالبًا بشائر صالحة للعذراء. والعذراء والدة الإله (ثيؤتوكوس) qeotokoc تحمل شهادة. وموضع المزود المقدس يحمل شهادة. مصر تشهد له، حيث استقبلت الرب وهو بعد صغير في الجسد. سمعان حمل شهادة له إذ حمله على ذراعيه، وقال: "الآن يا سيدي تطلق عبدك بسلام حسب قولك، لأن عينيّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه كل الشعب" (لو 2: 29-30). حنة النبية، الأرملة الورعة للغاية في حياة طاهرة شهدت له. يوحنا المعمدان حمل شهادة، العظيم في الأنبياء وقائد العهد الجديد، الذي بطريقةٍ ما وحّد بين العهدين في نفسه. الأردن شاهد له بين الأنهار، وبحيرة طبرية بين البحار. العمي والعرج شهدوا له، والأموات الذين قاموا، والشياطين التي قالت: "ما لنا ولك يا يسوع، نحن نعرفك، أنت قدوس الله" (مز 1: 24). الرياح شهدت له بصمتها كأمره، والخمس خبزات تزايدت لتشبع خمسة آلاف... خشبة الصليب المقدسة تحمل شهادة، هذا الذي يُرى بيننا إلى اليوم. ويمتلئ هذا الموضع وافدون من كل بقاع العالم ليأخذ الكل بإيمان نصيبًا منه(33)... |
|